بغداد-نجلاء الطائي
يُعتبر الأجداد في كل البيوتات العراقية مصدرًا للحنان والأمان ومكمنًا لأسرار الأحفاد. ومن المعروف ان الحفيدة تلجأ الى جدتها في حفظ أسرارها وطلب مشورتها ربما أكثر من لجوئها إلى والدتها، بل قد يتعدى الأمر الى ابعد من ذلك، فقد يشكو بعض الآباء والأمهات من تدليل الأجداد لأولادهم بحيث يبدو أن الحفيد إلى الأجداد أقرب من والديه.
وكعادتها الجدة تضع نفسها كمعلمة تقدم النصح والارشاد لحفيداتها بالابتعاد عن طرق الرذيلة وسلك طرق الصلاح وتقدم خبراتها الطويلة في الحياة إليهن مع الالتفات إلى العائلة والزوج ممن كانت من الحفيدات متزوجة.
لكن، هذه العادات العراقية النبيلة انتهت عند قصتنا لهذا اليوم ، فيبدو ان هذه النصائح التي تقدمها الجدة لم ترُق للحفيدة التي كانت على علاقة غير شرعية مع ابن الجيران ووسوس الشيطان لها بالتخلص من جدتها التي كانت تعتبرها حجر عثر في لقائها مع عشيقها.
وفي احد صباحات تموز/يوليو استغلت الحفيدة فراغ المنزل من الزوج والشقيق والأولاد ونوم الجدة في غرفتها، فاتصلت بعشيقها لغرض اللقاء به في منزلها، وبعد موافقة العشيق ومجيئه الى البيت استيقظت الجدة وشاهدت العشيق في غرفة حفيدتها فصرخت، ما أدى إلى هروبه في الحال. أما الحفيدة فركضت نحو جدتها وأغلقت فمها بيدها خشية افتضاح امرها وقامت بضربها على رأسها بواسطة إناء زجاجي كان بالقرب منها فاغمي عليها وسقطت أرضا.
إلا أن هيستريا الهلع والحقد لم تنته إلى هذا الحد، فقامت الحفيدة بسحب جدتها الى الحمام واسرعت الى المطبخ وأحضرت سكينا وقامت بلا رحمة ولا أي وازع إنساني بذبحها وهربت، الا انها اصطدمت بزوجة شقيقها اثناء عودتها من السوق عند باب المنزل ورأتها مذعورة وقلقة وملطخة بالدماء فسألتها عن الجدة فأخبرتها انها عند ابنتها.
لم تقتنع زوجة شقيقها بجواب الحفيدة وراودها الشك خاصة انها تعلم بالخلافات معها ومع جدتها بسبب هذه العلاقة غير المشروعة، فاتصلت بزوجها لتخبره بما حدث بعد ان هالتها الصدمة أثناء عثورها جثة الجدة في الحمام وهي مضرجة بالدماء.
وعند وصول الجهات الأمنية، تم تدوين اقوال شقيق المتهمة واوضح بانه لم تكن له شهادة عيانية على الحادث، ثم دونت اقوال المتهمة وانكرت علاقتها بالحادث، وان علاقتها بالمتهم شريفة بقصد الزواج ولم يوقعها مواقعة الازواج وانها كانت نائمة وعند استيقاظها شاهدت جدتها ساقطة في الحمام وقامت بسحبها وتبين انها مذبوحة ولا صحة لاعترافها كونه جاء نتيجة الضغط والاكراه وانها بريئة من التهمة الموجهة اليها.
واطلعت المحكمة على الكشف على محل الحادث والكشف على الجثة وكشف الدلالة للمتهمة ضبط السكين والمطرقة المستخدمة بالحادث والتقرير التشريحي المتضمن ان سبب الوفاة هو الذبح وتقارير فحص السكين والمطرقة.
وجدت المحكمة ان طلب الشكوى من قبل المدعين بالحق الشخصي تعزز باقوال الشاهدين، وتعزز كذلك باعتراف المتهمة المفصل في دور التحقيق حيث توفرت لها كافة الضمانات بحضور الادعاء العام والمحامي المنتدب وكشف الدلالة الذي جـــــــاء مطابقا لاعترافها وبالتقارير الكشوفات ومحضر ضبط السكين والمطرقة كلها ادلة كافية ومقنعة لأدانة المتهمة وفق مادة التهمة الموجهة إليها.
وقررت المحكمة ادانتها والحكم عليها بالسجن المؤبد وفق أحكام المادة 406/1/ج/د من قانون العقوبات بدلالة امر مجلس الوزراء رقم 3 لسنة 2004 وتحديد عقوبتها بمقتضاها واستدلت المحكمة بالمادة 132/1 من قانون العقوبات العراقي كونها امرأة شابة ولإعطائها فرصة في الحياة.