الرباط ـ جمال أحمد
كشف أصحاب المكتبات في المغرب، لـ"المغرب اليوم"، عن انحصار سوق تداول الكتب في المملكة، بعدما شهد الإقبال على شراء الكتب الجديدة انخفاضًا ملحوظًا منذ خمس سنوات.
وأكد بائع الكتب حسن الرميلي، أن سوق الكتاب في المغرب يحتضر، ملخصًا ملاحظاته على تداول الكتب في المملكة، حيث قلة القراءة، واقتناء المؤلفات للتعلم وللتثقيف المستمر والاطلاع على الجديد، مشيرًا إلى أن "الوضع لا يعرف انفراجًا سوى في الأيام الأولى لعودة الطلبة والتلاميذ إلى مقاعد الدراسة،
حيث تعود المكتبات إلى نشاطها المُكثّف بالإقبال على شراء الكتب المُقررة ضمن صفوف الدراسة، وهي مؤلفات مفروضة من قِبل وزارة التربية الوطنية، ووزارة التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي".
واعتبر عددٌ من الكتابيين، أن سوق القراءة منحصر أساسًا في الطبقة الوسطى، التي لها القدرة على شراء الكتب، لكون عادة القراءة تزداد مع توافر دخل مادي متوسط، حيث تخصص هذه الطبقة جزءًا من دخلها لشراء الكتب والجرائد اليومية أو الأسبوعية.
ورأى آخرون، أن "القراءة في المغرب غير مرتبطة بالدخل، بل بالجانب الثقافي للمواطن، ومدى اهتمامه بصقل رصيده المعرفي، لأن روّاد المكتبات، من كل الطبقات والشرائح الاجتماعية"
واعتبر حسن النادي، المعروف بمرحه وترحابه الكبير بزبنائه، أن محلّه الخاص ببيع الكتب لا يتوقف عن العمل، لسبب بسيط هو أنه يجلب الكتب المعروفة والمتداولة بين الناس، وأنه يبيع الكتب المستعملة التي يُقبل عليها الجميع، لثمنها الأرخص عن الكتب الجديدة، وكذلك لتوفيره كل متطلبات الزبناء الذين قد يجلب لهم كتبًا معينة، حتى لو لم يتوافر عليها لحظة إقبالهم عليه.
وأكد محمد الملالي، الذي يبيع الكتب وسط مدينة الرباط، أن "الإقبال على شراء الكتب الجديدة شهد منذ خمس سنوات انخفاضًا"، عزاه إلى انتشار وسائط الاتصال التي تنشر المؤلفات وجديد الكتّاب المغاربة والعرب والأجانب، مما أدى إلى أن تتجه بوصلة الجميع إلى المواقع الإلكترونية لقراءة المؤلفات وتخزينها في حواسيبهم.
وأوضح الملالي، أن شبكة الإنترنت هي سبب مشكلة انحصار القراءة من دون أن ينفي مسؤولية رجال ونساء التعليم، الذين لا يشجعون على اقتناء الكتب خصوصًا الكتاب المغربي.
وأعرب عزيز الكرملي، الذي وجدناه وسط كتب متناثرة في مكتبة في أحد أحياء الرباط، وقد بدا عليه تعب تجديد التصفيف الذي يقوم به كل عام خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر، عن عدم ارتياحه لمستقبل الثقافة في المغرب، لكون نسبة اقتناء الكتب هي المؤشر الأساسي من أجل قياس مدى انتشار الثقافة وتطلّع المواطنين للتعلم.
واستدل الكرملي على ذلك بكونه "يظل طوال العام يبيع نسبة قليلة من الكتب الجديدة، خصوصًا المغربية، منها التي لا تلقى رواجًا على مستوى الجيل الجديد من الشباب الذي لا يعرف كثيرًا عن الثقافة المغربية وليس له اطلاع كبير بروّاد الأدب المغربي أو كتّابه وإنتاجاته العلمية والمعرفية، والسبب، هو وسائل التواصل الاجتماعية التي أصبحت تضغط بقوة على الشباب، وتأخذ حيزًا كبيرًا من وقتهم المتاح، مشيرًا إلى أن إحصاءات رسمية، تُفيد بأن نسبة الأميّة تتجاوز 45 في المائة من السكان، وهو مؤشر يُعدّ أكبر دليل على أن القراءة لن تتسع سوى إذا تم اعتماد سياسة ممنهجة بالانفتاح على المؤسسات التعليمية، وتنظيم ملتقيات تُعرِّف بالكتاب، وإقامة معارض عدة في المدن الكبرى والصغرى على حد سواء
وبدا عزيز متشائمًا من القدرة على مواصلة الاشتغال في ميدان، مؤكدًا أنه "لا يوفّر له ربحًا جيدًا، ويُفكّر في تركه والاهتمام بتجارة أخرى.
في المقابل، أعرب الكبير الحو، الذي دخل ميدان تجارة الكتب من خلال الاقتداء بوالده الذي عمل في هذا الميدان سنين طويلة، عن تفائله من كون تجارة الكتب قد تشهد ازدهارًا، وأن المطلوب هو تضافر جهود أصحاب المكتبات بتنظيم ملتقيات ومعارض وتنظيم أنفسهم في غرف خاصة، على غرار الغرف الموجودة في ميادين عدة، وعدم انتظار الآخرين لكي يقوموا بأدوار الكتابيين.