تونس: أزهار الجربوعي
طالبت "الهيئة العليا المستقلّة للاتّصال السمعيّ والبصريّ" في تونس، الفضائيات التلفزيونية بالالتزام بعدم بث مشاهد تتضمن صورًا لجثث عناصر الجيش التونسي الـ8، التي قضت في كمين لمتطرفين مسلحين في جبال الشعانبي على الحدود الجزائرية، معتبرة أن تمرير مشاهد للجثث التي تم تعريتها والتنكيل بها من قبل مجموعة المتطرفين، مخالفة لمواثيق حقوق الانسان وخرق
للمرسوم (116) المنظم لقطاع الاعلام في تونس.
ودعا رئيس "هيئة الاعلام السمعي البصري"، النوري اللجمي لضمان ممارسة حرية الاتصال السمعي والبصري وفق مبادئ احترام المعاهدات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والتشريعات النافذة، وفي إطار احترام كرامة الإنسان، منتقدًا إقدام بعض القنوات التلفزيونية على بث صور عن حادثة الشعانبي الأخيرة تضمّنت مشاهد لجثث جنود تونسيين ملطّخة بالدماء وعارية ومنكّل بها.
واعتبرت الهيئة تمرير جثث الجنود التونسيين الذين قتلوا بداية الأسبوع على يد مجموعة متطرفة أقدمت على ذبح 3 من العسكريين والتنكيل بجثثهم وتجريدهم من ملابسهم وأسلحتهم، إخلالا بحقوق الإنسان، وفقًا لمقتضيات العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المؤرخ في 16 كانون الأول/ ديسمبر 1966، وخرقا للفصل الخامس من المرسوم عدد 116 لسنة 2011 والمتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري وبإحداث هيئة عليا للاتصال السمعي والبصريّ.
وطالبت "الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري" جميع القنوات التلفزيونية إلى الامتناع عن بثّ صور صادمة للجمهور ، داعية هيئات التحرير إلى احترام كرامة الإنسان في تغطية جميع الأحداث والدامية منها بالخصوص، محذرة المؤسسة الإعلاميّة المخالفة لهذه التوصيات بتفعيل مقتضيات المرسوم عدد 116 لسنة 2011.
وينص الفصل الخامس من المرسوم 116 المنظم لقطاع الاعلام في تونس، على ضمان حرية الاتصال السمعي البصري وحق المواطن في النفاذ إلى المعلومة، ولكن بشرط خضوع ذلك إلى المواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الانسان والحريات العامة، إلى جانب مراعاة حماية الأمن الوطني والنظام العام.
وقد انعكست الأوضاع التي تعيشها تونس من حالة اضطراب أمني واحتقان سياسي على المشهد الإعلامي في البلاد خاصة عقب تجدد عمليات الاغتيال السياسي بمقتل المعارض محمد البراهمي رميا بالرصاص في بيته الخميس الماضي، إلى جانب استشهاد 8 جنود في كمين ارهابي على الحدود الجزائرية مساء الاثنين.
ويلاحظ المتابع للإعلام التونسي منذ هاتين الحادثتين انقساما حادا في المشهد السمعي والبصري في تونس بين متبني لنظرية الحكومة ومدافع عن شرعيتها في مواصلة الحكم، وبين مساند لأطروحة المعارضة التي تطالب بإسقاط النظام وحل المجلس الوطني التأسيسي وتتهم ثلاثي الحكم (النهضة ،التكتل ،المؤتمر من أجل الجمهورية ) بالفشل في إدارة البلاد لا سيما الملف الأمني والتشجيع على العنف والاغتيالات السياسية.
ويرى خبراء الاعلام أن الفريقين قد جانبا الصواب وحادا عن مقاصد ومقاييس الموضوعية والمهنية ومقتضيات الحياد، وفي السياق ذاته، أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النوري اللجمي عن تسجيل الهيئة لعدد من الإخلالات في مختلف وسائل الإعلام السمعية البصرية أثناء تغطية حادثة اغتيال المنسق العام للتيار الشعبي محمد البراهمي الخميس الماضي.
ودعا اللجمي إلى ضرورة التقيد بمبادئ أخلاقيات المهنة والمعايير المهنية وعدم الانصياع إلى دعوات الكره والعنف.