دمشق ـ جورج الشامي
فشلت المحادثات الروسية الأميركية بشأن الأزمة السورية التي انعقدت في جنيف، في التوصل إلى نتائج ملموسة، مما دعا المحللين إلى استبعاد إمكان عقد مؤتمر "جنيف 2" خلال تموز/يوليو المقبل، رغم التوافق الروسي الغربي على ضرورة إيجاد مخرج سياسي للأزمة، فيما حذر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني من تحول الصراع السوري إلى فتنة بين السنة والشيعة
على مستوى المنطقة، تزامنًا مع إعلان بغداد أن آلاف الشباب الشيعي سيتوجهون إلى سورية للقتال للدفاع عن المزارات الشيعية.
ولم يتمخض الاجتماع الذي ضم مسؤولين روس وأميركيين، بمشاركة المبعوث الأممي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي، في جنيف، عن أي نتائج تُذكر، حيث أكد نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، أن المحادثات انتهت من دون اتفاق، ولم يتحدد موعد للجلسة المقبلة، وأن مشاركة إيران في أي مؤتمر للسلام بشأن سورية هي مشاركة ضرورية، باعتبار إيران قوة إقليمية، فيما قالت الأمم المتحدة، إن مفاوضات الوفدين الأميركي والروسي كانت بناءة، وأن وزيري الخارجية للبلدين سيلتقيان الأسبوع المقبل لبحث الملف السوري، في حين أعلن مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، أن مؤتمر "جنيف 2" سيلتئم عندما سيكون ذلك ممكنًا، وأن الوضع على الأرض واستمرار الحكومة السورية في تجنب أي مشاورات يشكلان عقبة حقيقية، رافضًا تحديد جدول زمني لعقد المؤتمر المذكور.
وأكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في حوار لصحيفة "الشرق الأوسط" أُجري في لندن ويُنشر الأربعاء، أن "تقسيم سورية ليس في مصلحة أحد، وأن المساس بوحدتها هو وصفة للخراب، وأنه يخشى من تحول الصراع إلى فتنة بين السنة والشيعة على مستوى المنطقة، داعيًا السياسيين وعلماء الدين والحريصين على مستقبل المنطقة واستقرارها إلى "عدم التجييش وإثارة الفتنة واستغلال الدين في السياسة وأن يضعوا حدًا للتمدد الإقليمي للأزمة السورية"، محذرًا من مساع للهروب من هذه الأزمة داخليًا إلى الأمام وتحويلها إلى أزمة إقليمية.
وتحدث الملك عبدالله عن مشكلة اللاجئين قائلاً، "عندما علت بعض الأصوات داخليًا اعتراضًا على تدفق اللاجئين من الأشقاء السوريين، كان الرد الإنساني: كيف يمكن لنا أن نغلق حدودنا في وجه امرأة تحمل رضيعها وتهرب تحت القصف؟، والحل لا يكون بالعمل الإغاثي فقط، الحل يكون بالعمل السياسي المنتج الذي يقود إلى وقف العنف وعودة اللاجئين السوريين"، موضحًا أن "الجهد الإغاثي الدولي والعربي مقدّر مرة أخرى، وقد أطلقت الأمم المتحدة أخيرًا نداء استغاثة هو الأكبر في تاريخها، لكن الحل لا يكون بالعمل الإغاثي فقط، الحل يكون بالعمل السياسي المنتج الذي يقود إلى وقف العنف وعودة اللاجئين السوريين".
واعتبر وزير النقل العراقي والأمين العام لمنظمة "بدر" الجناح العسكري السابق للمجلس الأعلى العراقي هادي العامري، أن "الموجة الطائفية التي تجتاح المنطقة إثر فتاوى التكفير وإعلان الجهاد ضد الشيعة في سورية والمنطقة، تهدف إلى تمزيق الدول العربية، وخدمة المشروع الصهيوني".
وأوضح العامري، في حديث له، أن "آلاف الشباب الشيعة من العالم والعراق سيذهبون إلى القتال في سورية، إذا ما تعرض الشيعة هناك إلى هجوم مماثل لما حدث في دير الزور الأسبوع الماضي، أو إذا ما استهدف مقاتلو (جبهة النصرة) المراقد الشيعية في سورية، وأن ذلك من الأسباب الأساسية الرئيسة التي جعلت دول الخليج يجتمعون جميعًا ويختلفون مع الأميركيين وأن يدعموا (القاعدة) بكل الإمكانات، السعودية دعمت (القاعدة) بالفتوى وبالمال، ومن السعودية انطلقت فتوى أن الشيعة كفرة يجب قتلهم، وإلى اليوم فتاوى القرضاوي ضد الشيعة، حيث أفتى بقتل المالكي قبل أشهر عدة، فالموضوع موضوع هم تحركوا بشكل طائفي ولسنا نحن، اليوم ما يجري في العراق، هذا ليس ادعاء نحن نقوله، وإنما علنًا يتحدثون فيه في ساحات الاعتصامات، في الأنبار وفي الموصل وفي سامراء، يقولون إن الشيعة صفويون، وإن الشيعة خنازير، وإن الشيعة هم أولاد زنا، ويجب تحرير بغداد من الشيعة".
وأضاف وزير النقل العراقي، "اليوم في سورية (حزب الله) يذهب وإيران تذهب، لكن لم تسألون أنفسكم، اليوم آلاف المقاتلين العرب: من ليبيا، وتونس، ومصر، والسودان، والجزائر، ومالي، واليمن، والسعودية وبدعم سعودي قطري تركي، آلاف، أكثر من عشرين ألف مقاتل الآن موجودون من العرب في سورية، حتى الأفغان، حتى الباكستانيين، منذ أكثر من سنتين إلى اليوم يقاتلون، وعندما دخل (حزب الله) قبل أشهر عدة، أقيمت الدنيا ولم تقعد، هذا الموقف الغربي المزدوج، ونحن بكل صراحة نعلن أن (جبهة النصرة) هى نسخة طبق الأصل من تنظيم (القاعدة), وجهان لعملة واحدة، واليوم ما يجري في سورية، إذا انتصرت يعني انتصارًا للتنظيم، وإن دعوة خروج الشيعة لنصر سورية ليس موقفًا من الحكومة، فأنا أعبر عن رأي الشعب، نحن كحكومة موقفنا واضح منذ البداية، نحن منذ البداية قلنا الحل في سورية هو الحل السياسي من خلال الحوار، ورفضنا الحل العسكري، ورفضنا التدخل العسكري، ورفضنا الأسلوب القطري والتركي، ولكن الأسلوب القطري التركي هو الذي قاد الأمور لتتجه نحو الحرب، اليوم في تركيا تظاهرات، أنواع القوة، قتل صار في الشارع، وأردوغان له حق والعالم ساكت، لو كان هذا في العراق لأقاموا الدنيا ولم يقعدوها علينا".
واعتبرت "هيئة كبار العلماء في السعودية"، ما يتعرض له الشعب السوري على يد الجيش السوري وقوات "حزب الله"، "حرب إبادة لابد من السعي إلى إيقافها"، حيث قالت في بيان رسمي أصدرته الأربعاء، "إن الهيئة تؤكد على وجوب اتخاذ خطوات عملية ضد الحزب الطائفي المقيت المسمى بـ(حزب الله)، ومن يقف وراءه أو يشايعه على إجرامه وتردعه من هذا العدوان، فهو حزب عميل لا يرقب في مؤمن إلاً ولا ذمة، وتدعو الهيئة إيران وروسيا إلى مراجعة مواقفهما الداعمة للنظام الآثم في سورية، الذي أباد شعبه وشرده"، مطالبة الأمة الإسلامية بـ"بذل كل ما في استطاعتها لنصرة المضطهدين والمجاهدين في سورية".
ووجهت الهيئة نداءها إلى أهل سورية بالقول، "الصامدون الصابرون ليكونوا يدًا واحدة على هذا النظام الظالم المجرم ومن شايعه وظاهره فإنه ـ بحول الله وقوته ـ إلى زوال، وندعوهم إلى بذل كل الأسباب لتوحيد مواقفهم وجماعتهم حتى يكونوا يدًا واحدة"، مؤكدة رفضها التام للنيل من الصحابة وانتقاصهم مشددة على أن "إساءات ممن ينتسب إلى الإسلام، وما ينشر في بعض وسائل الإعلام مما يُسيء إلى الصحابة رضي الله عنهم، غير مقبولة، وأن عقيدة أهل السنة والجماعة هي حب الصحابة وموالاتهم والترضي عنهم والاقتداء بهم وبغض من يبغضهم واعتقاد فضلهم وعدالتهم ونشر فضائلهم، وتوقير آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين، والقيام بحقوقهم ومحبتهم واعتقاد فضلهم".