دمشق ـ جورج الشامي
أعلنت موسكو تمسكها بإجراء مؤتمر "جنيف 2" على أساس ما تم التوصل إليه مع واشنطن، وأن إرسال السلاح إلى المعارضة السورية يتناقض مع مبادرة عقد المؤتمر، فيما أكد مسؤولون أميركيون، أن قدرة المعارضة على قلب موازين القوى، التي تُرجح حاليًا كفة الرئيس بشار الأسد، ستستغرق ما بين 4 إلى 5 أشهر، وأن وكالة الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه" بدأت في نقل أسلحة إلى الأردن
ضمن خطة لتسليح مقاتلي المعارضة خلال الأشهر المقبلة، في حين أعلنت واشنطن أنها ستقدم مساعدات أمنية وعسكرية إلى لبنان والعراق لمواجهة أي احتمالات.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، "إننا سمعنا من المعارضة السورية التي تحصل على التأييد من الدول الغربية أنها لن تحضر مؤتمر (جنيف-2) إلا بشرط تنحي النظام الحالي، وإننا لا نزال زلنا متمسكين بإجراء المؤتمر على أساس ما تم التوصل إليه خلال لقاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري في موسكو".
واعتبر لافروف، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المغربي سعد الدين العثماني، أن "إرسال السلاح للمعارضة السورية يتناقض مع مبادرة عقد مؤتمر (جنيف-2)، وأنه بحسب الصحف الغربية فإن إرسال الأسلحة إلى المسلحين في سورية يتم منذ زمن بعيد"، لافتًا إلى أن "تهريب السلاح من ليبيا إلى سورية انتهاك للقوانين الدولية، ويجب التحقيق بهذا الأمر"، موضحًا أنه "إذا تم التوصل إلى توافق بيننا وبين الجانب الأميركي، فإن الأمور ستسير، وأن بعض القوى الإقليمية لديها أجندة مختلفة، ولا تريد الاستقرار في سورية، ويعطون النزاع في سورية أبعادًأ أخرى"، مضيفًا "إننا اتفقنا مع المغرب على الاحترام الكامل لميثاق ومبادىء الأمم المتحدة، معربًا عن "تقدير بلاده لموقف المغرب إزاء المسائل الدولية".
وقالت المصادر في واشنطن، إن الإدارة الأميركية أعطت الضوء الأخضر لإرسال شحنات تشتمل على ذخيرة وبنادق "كلاشنيكوف" وصواريخ مضادة للدبابات، تعود إلى حقبة الحرب الباردة، إلى المعارضة السورية الساعية إلى إسقاط نظام الأسد، وستعمل واشنطن على توزيع الذخيرة والأسلحة على "العناصر المعتدلة" في الجيش السوري الحر، وذلك بناءً على تقارير ترفعها وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" للتمييز بين جماعات المعارضة السورية ومعرفة الجماعات المعتدلة منها من الجماعات التي ترتبط بروابط مع منظمات "إرهابية".
وأفادت مصادر عربية رفيعة المستوى، لصحيفة "الحياة" في لندن، أن مسارين سيلازمان الأزمة السورية في الأشهر المقبلة، يتمثل أولهما باستمرار الدعوة إلى عقد مؤتمر "جنيف -2" والتحضير الجيد له، فيما يتمثل المسار الثاني بتصعيد عملية تسليح المعارضة السورية وإعادة هيكلتها تحت قيادة الجيش الحر برئاسة اللواء سليم إدريس، لمنع حكومة الأسد من الاعتقاد أنه كسب الحرب.
واضافت المصادر نفسها، أن قرار تسليح المعارضة "جدي تمامًا"، وأن تغييرًا طرأ على الموقف الأميركي الذي لن يسمح لروسيا وإيران بتكريس بقاء الأسد وإبطال أي تفكير في عملية انتقالية في سورية.
ونشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الاميركية، الخميس، أن وكالة الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه" بدأت بنقل أسلحة إلى الأردن من مصادر مختلفة، ضمن خطة لتسليح مقاتلي المعارضة خلال الأشهر المقبلة، وتوسيع الدعم الأميركي للمعارضة المعتدلة، على أن يجري تنسيق الدعم العسكري من الدول الأوروبية والعربية كي تقوم المعارضة بـ"دفعة مركزة" من الهجمات في بداية آب/أغسطس المقبل، وهي الخطة التي أقرّها الرئيس الأميركي باراك اوباما.
وأوضحت الصحيفة الأميركية، نقلاً عن مصادر ومسؤولين، أن الخطة تتضمن أن تمضي "سي آي إيه" ثلاثة أسابيع لنقل أسلحة خفيفة، وربما صواريخ مضادة للدبابات إلى الأردن، مع تخصيص أسبوعين أخريين لتدريب مقاتلي المعارضة على استخدام هذه الأسلحة الجديدة، بحيث تدخل أول دفعة من المقاتلين المتدربين في القتال، كما تتضمن احتمال تسليم مضادات للطائرات معروفة باسم "مان بادس" إلى نخبة منتقاة من المقاتلين، وأن الخطة تقضي أن يدخل كل شهر بضع مئات من المقاتلين، وأن الأمر في حاجة إلى ما بين أربعة إلى خمسة أشهر، قبل أن تتمكن المعارضة المعتدلة من تحقيق "تغيير ذي مغزى" ضد القوات السورية و"حزب الله".
وكشفت أوساط أميركية موثوقة، عن أنّ تسليح المعارضة السورية قد بدأ عمليّاً عبر تشكيل أوّل لواء يتبع مباشرة لقيادة هيئة أركان "الجيش الحر"، موضحة أنّ التصريحات عن ضرورة دعم المؤسسة العسكرية في كلّ من مصر ولبنان والعراق والأردن، شكّلت مؤشّرًا على تغيير آخذ في التبلوُر في التفكير الأميركي بشأن مستقبل العلاقة مع دول المنطقة، حيث حذر وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل من خطورة الأوضاع في مصر، مشيرًا إلى احتمال تدخّل الجيش المصري لدرء التدهور المرتقب على خلفية التظاهرات المؤيّدة للرئيس محمد مرسي والمناهضة له.
وأكد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، لـ"الحياة" في نيويورك، أن "ثمة خلافات لم تحل بعد في شأن التحضير لمؤتمر (جنيف - ٢)، وأن الاتفاق الأميركي الروسي على عقد المؤتمر يعني الاتفاق على بقاء الأسد في منصبه حتى نهاية ولايته في العام ٢٠١٤، وأن المؤتمر الدولي عبارة عن تأسيس لمرحلة العام ٢٠١٤.
وقال زيباري، "لا أنكر أن ثمة مقاتلين شيعة عراقيين يقاتلون في سورية، تمامًا كما يقاتل سنة خليجيون فيها أيضًا، لكن ذلك لا يتم من خلال سياسة حكومية عراقية، ميليشيا شيعية ومن (حزب الله) يقاتلون في سورية، كما أن هناك فتاوى سنية كتلك التي يصدرها رئيس اتحاد علماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي تدعو إلى الجهاد في سورية"، مضيفًا أن عقد مؤتمر "جنيف - ٢" في تموز/يوليو المقبل أو آب/أغسطس مستبعد، لا سيما بعد الخلافات الأميركية الروسية بشأن قضايا عدة، وإن ثمة طرحًا يدعو إلى إرجاء المؤتمر إلى أيلول/سبتمبر، ليُعقد على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو ما سيفقد المؤتمر قيمته، وإن الخلافات لا تزال قائمة بشأن ما إذا كان هدفه انتقال السلطة في سورية أم تثبيت الوضع الحالي، إضافة الى الخلاف بشأن من سيُدعى إلى المشاركة في المؤتمر، ومن يمثل النظام ومن يمثل المعارضة.
ولفتت مصادر كردية إلى أن وفدًا من لجنة العلاقات الوطنية والخارجية في "المجلس الوطني الكردي" التقى في إسطنبول كلاً من الأمين العام لـ "الائتلاف الوطني السوري" مصطفى الصباغ، ورئيس الحكومة الموقتة غسان هيتو، إضافة إلى رئيس المجلس الوطني جورج صبرا.
وأوضحت المصادر ،"إننا أبلغنا قادة الائتلاف والمجلس الوطني أن اللجنة هي الجهة المخولة للحوار باسم الأكراد، وأن قادة التكتل المعارض رحبوا بأعضاء اللجنة ووعدوا بالتعاون على أن ينطلق حوار لهدف بحث انضمام الأكراد إلى الائتلاف"، مضيفة أن "مسؤولين اللجنة طلبوا من قادة الائتلاف الاعتراف بالحقوق الكردية، غير أنهم قالوا أنهم ليس حكومة كي يقوموا بذلك، لكنهم مستعدون للتعاون، مما أدى إلى الاتفاق على الحوار بين الجانبين.