كابول ـ أعظم خان
لقي ثلاثة جنود بريطانيين مصرعهم وأصيب ستة آخرين في أفغانستان، اثر انفجار عبوة ناسفة كانت مزروعة على جانب الطريق، استهدفت عربتهم أثناء دورية على طريق يبعد خمسة أميال شمال مدينة لاشكار عاصمة إقليم هيلماند.وقال مصدر أمني أنه تم نقل الجنود الثلاثة جوا إلى المستشفى العسكري في معسكر"باستيون" فور الانفجار، إلا أنهم لفظوا أنفاسهم الأخيرة هناك
.
يذكر أن هذه هي المرة الأولى التي يلقى فيها جنود مصرعهم في ناقلة الجنود البريطانية المصفحة"ماستيف" التي تزن 15 طنا، والتي أعدت خصيصا لحماية الجنود من تهديدات العبوات الناسفة على الطرق التي تتسبب في مقتل 75 بالمائة من الجنود البريطانيين في الحرب.
ويعد هذا الحادث هو أكبر خسارة بشرية يتكبدها الجيش البريطاني عن طريق عبوة ناسفة وذلك منذ آذار/مارس من العام الماضي، عندما لقي ستة جنود مصرعهم في سيارتهم المصفحة المعروفة باسم "واريور".
وارتفع بذلك عدد القتلى البريطانيين في أفغانستان إلى 444 جندياً، منذ بدء الحرب في أعقاب هجمات 11 أيلول/ سبتمبر عام 2001.
وجاء الحادث الأخير بعد ثلاثة أيام من قيام حركة طالبان الأفغانية بالبدء بما أسمته "هجوم الربيع" على قوات التحالف الغربي في أفغانستان.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن بريطانيا تدفع ثمنا غاليا جدا مقابل المهمة التي تقوم بها في أفغانستان، واصفا المهمة بأنها مهمة وحيوية من أجل الحيلولة دون أن تصبح أفغانستان مأوى من جديد للإرهابيين، معربا عن تعاطفه مع عائلات وأصدقاء الضحايا.
من جانبه، أعرب المتحدث باسم القوات البريطانية في هليماند ريتشار مورغان عن حزنه، مؤكدا أن مقتل الجنود يعد خسارة جسيمة للجيش البريطانية بإقليم هيلماند، وقدم تعازيه لعائلات وأصدقاء الجنود.
بدوره، قال رئيس الوزراء الاسكتلندي أليكس سالموند إن"هذه الحادثة تكشف من جديد عن المخاطر اليومية التي تواجهها قواتنا التي تستحق منا عظيم الاحترام والامتنان للمهمة التي تقوم بها في ظل أصعب الظروف التي يمكن تخيلها".
يذكر أن ما يقرب من 350 جندياً، من الكتيبة الملكية الثانية في اسكتلندا كانوا قد وصلوا إقليم هيلماند في آذار/مارس الماضي في بداية مهمة عملية تستغرق ستة أشهر في الإقليم
وتقوم الكتيبة بمجموعة أدوار تشمل تدريب قوات الأمن الأفغانية لتجهيزها إلى مرحلة ما بعد انسحاب قوات "الناتو" من أفغانستان مع نهاية العام القادم.
ولم يعرف حتى الآن، ما إذا كان الانفجار الذي وقع نتيجة اصطدام العربة المصفحة بالعبوة الناسفة، أم أن أحدهم قام بتفجير العبوة لحظة مرور الدورية.
وقالت مصادر عسكرية رسمية إنها لم تشهد أي زيادة في نشاط طالبان في المنطقة.
وكانت الدورية البريطانية لحظة الانفجار في مهمة للمساعدة في البحث عن عبوات ناسفة قريبة من الحدود مع إقليم قندهار، وقد أسفرت المهمة عن مقتل ثمانية من الأفغان.
من جانبها، قالت صحيفة "الديلي ميل" البريطانية أن العربة المصفحة "ماستيف" هي الأحدث ضمن سلسلة سيارات الدوريات المخصصة لحماية الجنود، ودخلت الخدمة عام 2009.
ويتكون طاقم قيادتها من اثنين كما تحمل ثمانية جنود ولم يحدث أن تعرض للقتل أي من أفرادها من قبل، رغم تعرضها للعديد من الهجمات بالقنابل على الطرق.
وأوضحت مصادر في وزارة الدفاع البريطانية، أن السيارة طارت في الهواء بفعل الانفجار، على الرغم من ضخامتها وحصانتها ، ورجحت استخدام قوات طالبان قنبلة ضخمة تكفي لضرب السيارة على هذا النحو.
وأشار الخبير السابق الجيش البريطاني كريس هانتر إلى أن العبوة الناسفة كانت تحتوي على مواد شديدة الانفجار، يتراوح وزنها بين 100 إلى 200 كيلو.
ولفت إلى أنه سبق وأن تعرضت القوات البريطانية لمثل ذلك الانفجار في العراق، ولكنها المرة الأولى التي تتعرض فيها سيارة "ماستيف" لمثل هذا الحادث.
واعترف أن مخاطر قيام المتمردين في أفغانستان بزرع مثل هذه العبوات كبيرة، وأن ذلك لا يعني أن تعتاد القوات البريطانية على مثل هذه الهجمات مستقبلا، خصوصا مع بداية فصل الربيع بعد فترة الهدوء النسبي خلال فصل الشتاء، لما في ذلك من تكلفة عالية بالنسبة لطالبان.
وكانت حركة طالبان قد أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم ووعدت بشن المزيد من الهجمات خلال الأشهر القادمة ضد قوات التحالف الغربي في أفغانستان.
وقالت أنها قادرة على تسريب أفرادها داخل صفوف العدو لشن هجمات داخلية واستهداف مواقع عسكرية ودبلوماسية بهجمات انتحارية.
ويعد موسم القتال الحالي الذي يبدأ مع بداية فصل الربيع بمثابة اختبار رئيسي للتحالف الدولي الذي يستعد للانسحاب وتسليم المهام الأمنية للقوات الأفغانية مع نهاية العام القادم.
وكانت القوات البريطانية قد قللت من دوريات المشاة خلال الأشهر الأخيرة، وفضلت البقاء في قواعدها وتركت مهمة دوريات المشاة للقوات الأفغانية، تمهيدا للانسحاب البريطاني.
وأدت تلك السياسة إلى انخفاض الخسائر البشرية إلى أن وقع الهجوم الأخير، حيث اقتصر هذا العام على مقتل ثلاثة فقط مقابل 15 خلال نفس الفترة عام 2012 و16 قتيلاً خلال نفس الفترة عام 2011.
يأتي هذا الحادث بعد يوم واحد من مقتل طاقم ملاحي مكون من 7 أفراد عندما سقطت طائرة شحن مدنية بريطانية في قاعد باغرام بالقرب من العاصمة الأفغانية كابول.
كما جاء بعد أسبوعين من وصول لواء بريطاني جديد إلى جنوب أفغانستان والذي ينتظره صيف دموي هذا العام.
ومع انخفاض عدد القوات البريطانية بتسليم المهام الأمنية للقوات الأفغانية تناقص عدد القواعد البريطانية هناك من 37 إلى 12 قاعدة.
وعلى صعيد أخر، وقع هجوم أخر على الطريق في حي شاه والي كوت في قندهار وأسفر الانفجار عن مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة خمسة آخرين.
كما شهد حي أرتشي في إقليم كوندوز مقتل اثنين اثر انفجار على الطريق كان من بينهما قائد شرطة محلية، كان له الفضل في الحد من هجمات طالبان في المنطقة.
وتقول الإحصائيات أن الحرب في أفغانستان شهدت مقتل 444 بريطانياً و2000 جندي أميركي وما يزيد عن 600 آخرين من بلدان التحالف الغربي الأخرى ، وذلك على يد طالبان.