تونس ـ أزهار الجربوعي
كشفت مصادر خاصة لـ"المغرب اليوم"، أن رئيس الحكومة التونسيّة المُكلّف مهدي جمعة، يستعد للإعلان عن حكومته نهاية الأسبوع الجاري، وذلك في حال أنهى المجلس الوطنيّ التأسيسيّ المُصادقة على الدستور، حيث باتت الحكومة شبه جاهزة، بعد أن تم إلغاء 5 وزارات وإدماجهم مع حقائب أخرى، والتخلي بشكل نهائيّ
عن الإبقاء على وزراء من حكومة علي العريض المُستقيلة، بسبّب تشبّث عدد من قوى المُعارضة برفضهم.
وأكّدت المصادر، أن مهدي جمعة ينتظر الضوء الأخضر من المجلس التأسيسيّ للإعلان عن حكومته، التي اقتربت من الاكتمال، وأن الحكومة المُستقيلة ترفض تسليم مهامها لحكومة جمعة إلا بعد التوقيع على الدستور الجديد من قِبل رئيس الوزراء المُستقيل والقياديّ في حزب "النهضة" الإسلاميّ علي العريض، وأن الأخير يرفض مُغادرة قصر القصبة الحكوميّ "خالي اليدين"، ويُصرّ على أن يوقّع بنفسه على دستور الجمهوريّة الثانية لتونس.
وأفادت آخر التسريبات، أن الخلاف بشأن الحقائب الوزاريّة الجديدة انحصر على وزارتيّ الخارجية والدفاع، فيما قرر مهدي جمعة التخلي نهائيًا عن الإبقاء على وزراء من حكومة العريض في التشكيل الوزاريّ الجديد، بسبّب المُعارضة الواسعة لهذا المُقترح، رغم تشبّثه بوزير الداخليّة لطفي بن جدو، إلا أن عددًا من أطياف المُعارضة والقوى السياسيّة، وخصوصًا "الجبهة الشعبيّة" ترفض ذلك، وتؤكد أنه "لا مجال للإبقاء على رجال العريض ورموز من حكومته"، التي يتهمونها بـ"الضعف والفشل في إدارة المرحلة الانتقاليّة والتصدي للعنف والإرهاب".
وأكدت مصادر مُطّلعة، لـ"العرب اليوم"، أن مهدي جمعة سيُقلّص عدد وزرائه وسيضيف كتابة للدولة في وزارة الداخليّة مُكلّفة بالأمن، حيث من المنتظر إدماج وزارتيّ السياحة والثقافة، كما سيتم إلغاء وزارة التشغيل وإدماجها بالشؤون الاجتماعيّة، إلى جانب دمج وزارة المرأة بوزارة الشباب، وإلغاء وزارة الشؤون العقاريّة.
ومع اقتراب الإعلان عن حكومة جمعة، التي يُتوقع أن تكون الأخيرة في مرحلة الانتقال الديمقراطيّ الصعبة التي تعيشها تونس، يعمل المجلس الوطنيّ التأسيسيّ على التعجيل بإنجاز أعماله، وتجاوز النقاط الخلافيّة بشأن الدستور لإتمام المُصادقة عليه، وفسح المجال أمام تولي حكومة مهدي جمعة لأعمالها، التي تبدأ بالإعداد للانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة، قصد التسريع بتركيز مؤسسات ديمقراطيّة دائمة وشرعيّة تسمح بطمأنة الرأي العام المحليّ والدوليّ، وخفض الاحتقان السياسيّ والأمنيّ.
وأكد رئيس المجلس التأسيسيّ مصطفى بن جعفر، سعي المجلس إلى تحديد موعد الانتخابات المقبلة في أقرب وقت، وتعهّده باستكمال المسارين الدستوريّ والانتخابيّ خلال الأيام المقبلة.
وفي ما يتعلق بأعمال الحوار الوطنيّ، الذي تقوده أربع منظمات مدنيّة (اتحاد الشغل، منظمة الأعراف، هيئة المحامين، رابطة حوق الإنسان)، والذي نجح في جمع الفرقاء السياسيين حول طاولة الحوار، وإنهاء الأزمة التي عصفت بالبلاد إثر اغتيال المُعارض محمد البراهمي، فيركز أعماله خلال الوقت الراهن على إتمام بنود خارطة الطريق، من خلال التوافق على مواعيد إجراء الانتخابات الرئاسيّة والبرلمانيّة المقبلة، فضلاً عن تبديد الخلافات بشأن القانون الانتخابيّ الذي توافقت القوى السياسيّة على تأجيله إلى ما بعد تمرير الدستور، بسبب ضيق الوقت.
ومن المتوقع أن يحتكر الاستحقاق الانتخابيّ الأشواط الأخيرة من مرحلة الانتقال الديمقراطيّ، حيث يسعى عددٌ من الأحزاب إلى خوض الحملات الانتخابيّة مبكرًا، ولملمة شتات قواعدها وحشد أنصارها لتكون في الموعد، خصوصًا أن العديد من الأحزاب التونسيّة قد سجّلت تراجعًا كبيرًا، وخسرت الكثير من أنصارها بفعل الأزمات السياسيّة والانشقاقات الحزبيّة، على غِرار "الحزب الجمهوريّ" المُعارض، وحزبي "التكتل والمؤتمر من أجل الجمهورية" (أعضاء الائتلاف الحاكم السابق)، في حين انحصر التنافس الأوليّ بين حزب "النهضة" الإسلاميّ الذي يُسيطر على نوايا التصويت للتشريعيّة، وخصمه السياسيّ المُعارض "نداء تونس" الذي يتصدر زعيمه ورئيس الوزراء الأسبق الباجي قائد السبسي نوايا التصويت لرئاسة الجمهورية.