لندن - زكي شهاب
وصف وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار الموقف الأميركي من قضية الصحراء بـ"الإيجابي"، مشيرًا إلى أن أميركا تسعى إلى الدفع نحو إيجاد حل سياسي في إطار المقترح المغربي، مشدّدًا على التزام المغرب بالثوابت المتعلقة بحقوق الإنسان في المنطقة، واعتبر مزوار أن "المنطق يفرض على الجزائر بأن تسير في اتجاه التعامل الإيجابي وتَترُكَ المسار السياسي لممثِّل الأمين العام للأمم المتحدة".وأكَّدَ وزير الخارجية المغربي خلال زيارته لبريطانيا، والتي تندرج في إطار الاحتفال بمرور 800 سنة على الروابط الدبلوماسية المغربية البريطانية في حديث خصَّ به "المغرب اليوم"، أن زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس الأخيرة لواشنطن ساهمت في رفع مستوى العلاقات إلى أفق أكثر اتساعًا، مشدّدًا على أن المغرب يطمح إلى بناء شراكة إستراتيجية مع الولايات المتحدة وبريطانيا.وأوضح وزير الخارجية المغربيّ صلاح الدين مزوار لـ"العرب اليوم" أن الزيارة الأخيرة التي أدَّاها العاهل المغربي محمد السادس إلى الولايات المتحدة الأمريكية ارتبطت بأهداف متعددة، أولها تأكيد العلاقات المغربية الأميركيّة الثابتة، خاصة في ما يتعلق بالشراكة الإستراتيجية التي تجمع البلدين في المنطقة.وأعلن وزير الخارجية المغربي أن "مفهوم العلاقات الدولية في سياسة العاهل المغربي محمد السادس يرتكز جوهريًا على ثلاثة أسس قوامها "رؤية إستراتيجية واضحة في إطار علاقات إستراتيجية، وآليات للتنفيذ، وآليات للتتبُّع".وأشار رئيس الدبلوماسية المغربية إلى أنه "من هذا المنطلق تجسّد طموحنا من خلال هذه الزيارة في بلورة خارطة طريق جديدة تساعد على الرفع من مستوى العلاقات إلى أفق أكثر اتساعًا أدْمجنا فيه كل المشاكل المرتبطة بالتنمية في إفريقيا, فضلاً عن دور المغرب ودور الولايات المتحدة في مساعدة الدول في اتجاه مشاريع النمو والاستقرار السياسي والاستقرار الروحي والأمني, وكان هذا من بين طموحاتنا، إضافة الى تركيز الزيارة على المشاريع المشتركة التي من شأنها تعزيز العلاقات الثنائية، إلى جانب للمشاريع المرتبطة بحاجيات التنمية البشرية في أفريقيا التي تم تناولها خلال هذه الزيارة".وبشأن ملف الصحراء، شدّد وزير الخارجية المغربي على أن أميركا والمغرب أكَّدا على جملة من الثوابت الأساسية المشتركة والمتعلقة أساسًا بقضايا حقوق الإنسان، مشدّدا على أن المغرب أكَّد بدوره التزامه بهذه الثوابت مع "ضرورة الرفع من مستوى هذا الآداء لإيجاد حل سياسي في هذا النزاع المفتعل على مستوى الصحراء المغربية".وردًا على سؤال بشأن تفهّم أميركا للموقف المغربي من قضية الصحراء إثر زيارة الملك محمد السادس إلى واشنطن، وصف وزير الخارجية المغربي الموقف الأمريكي في هذا الاتجاه بـ"الإيجابي" مشيرًا إلى أن اميركا تسعى إلى الدفع نحو إيجاد حل سياسي في إطار المقترح المغربي، مضيفًا "وهو ما نعتبره إشارة قوية للمجتمع الدولي، وكذلك لكل من يتحرك في اتجاه نسف ديناميكية الحل السياسي".وأوضح وزير الخارجية صلاح الدين مزوار أنه تم التأكيد خلال الزيارة الأخيرة للعاهل المغربي لواشنطن على "أن الحل الذي تم تقديمه من طرف المغرب منذ خمس سنوات هو حل واقعي ذو مصداقية وله آفاق، بينما الطرف الآخر لم يقدِّم أيَّ شيء، ولهذا يبقى المغرب من هذا المنطلق بلداً له مصداقية ويسعى نحو التوصل إلى حل للملف".وأكَّد مزوار أن أميركا عبّرت عن موقفها الثابت من مسألة الصحراء في خضم ظروف حساسة تمر بها المنطقة امتزجت بردود فعل من وصفهم بـ"الخصوم وتحركاتهم التي قاموا بها في القضية ذاتها خلال السنة الأخيرة", معتبرًا ما قدمته الولايات المتحدة في نيسان/ أبريل من هذه السنة على مستوى مجلس الأمن، دلالة قوية وإيجابية على دعمها للموقف المغربي في قضية الصحراء.وكان مجلس الأمن الدولي قد صادق بالإجماع في 24 نيسان/ ابريل 2013، على القرار رقم 2099 بشأن الصحراء٬ والذي يمدد مهمة بعثة المينورسو، معلنًا ترحيبه بالخطوات التي اتخذها المغرب لتعزيز مكاسب حقوق الإنسان في المنطقة، فيما أعتبر البيت الأبيض أن خطة المغرب للحكم الذاتي للصحراء الغربية "جدية وواقعية وذات مصداقية" وذلك قبل لقاء جمع بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والعاهل المغربي محمد السادس في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.وتعقيبًا على مقال كتبه أحد المحللين في إحدى الصحف المغربية، قال فيه إن العاهل المغربي الملك محمد السادس يتقدم على الحكومة في مجال التحرك الدبلوماسي، أعلن وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار لـ"العرب اليوم": "هذه محاولة للقول بأن المؤسسات لا تشتغل كما ينبغي في المغرب، وما يمكنني الجزم به أن الملك يحترم وبقوة مؤسسات الدولة، ويسهر على التنسيق بينها، ويدفع في اتجاه المصلحة العليا للوطن، هو ملك ورئيس دولة ويتمتّع بالصلاحيات والمسؤوليات المتصلة بالعلاقات الدولية والعلاقات الخارجية التي تعتبر من اختصاص رئيس الدولة في جميع الأنظمة، ولذلك أعتبر أن هذا النوع من التحاليل يرمي إلى التشويش على النجاح الذي سجله تحرك المغرب في جميع الواجهات، وأعتقد بأن العمل والبذل هما الوحيدان القادران على إضفاء المصداقية على الدول، خاصة في ما يتعلق بمواقفها وعلاقاتها وتحركاتها، وهو المنطلق الجوهري الذي طالما عبّر عنه باستمرار الملك المغربي".وبشأن مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية بعد الغيمة السوداء والانتقادات التي تبادلها الطرفان أخيرًا، أكَّد وزير الخارجية المغربية صلاح مزوار "أننا نسعى دائمًا من منطلق قناعتنا وتكويننا وتربيتنا في اتجاه تطوير علاقات أخوية صادقة سليمة تنظر بعين المستقبل ولا تنظر إلى بنظرة الماضي، وأعتقد أنه من مصلحتنا كبلدين محوريَّيْن مسؤوليْن عن أمن المنطقة واستقرارها، أن نساهم في تهدئة الأوضاع في الصحراء، وأعتقد أن المنطق يفرض اليوم على الجزائر بأن تسير في اتجاه التعامل الايجاب،ي وتترك المسار السياسي بين يدي ممثل الأمين العام، فهناك مسار ومفاوضات ما بين طرفيْن، وهي مخيَّرة بين أمرين إما أن تعتبر نفسها طرفًا جديَّا في اتجاه حلحلة الأزمة، أو أن تفسح المجال وتترك الملف للطرفين الرئيسيين المعنيين بالقضية (المغرب وجبهة البوليساريو)، مضيفًا القول: إن "هناك غالبية لها رغبة في إيجاد الحل باتجاه ما يقترحه المغرب، لكنَّ المفروض أن نترك البوليساريو يتحرك بكل حرية".وبشأن موقفه من تقدم العلاقات البريطانية المغربية سيما وأنه يزور المملكة المتحدة في إطار الاحتفال بمرور 800 سنة على الروابط الدبلوماسية بين البلدين، أكَّد وزير الخارجية المغربي صلاح مزوار أن "العلاقات البريطانية المغربية قائمة على أسس وامتدادات طويلة في التاريخ, مشيرًا إلى أن هذه المقومات إضافة إلى العلاقات المتميزة بين العائلتين المالكتين والعلاقة التي تم بناؤها عبر مختلف محطات متعاقبة مع بريطانيا تعطي اليوم دفعا نحو آفاق جديدة للعمل المشترك ونظرة إلى طريقة تطوير المصالح المشتركة على المستوى الاقتصادي والتجاري، وكذلك على المستوى السياسي والثقافي وعلى مستوى استغلال موقع المغرب الجغرافي، خاصة من حيث تطويره باتجاه السوق الأوروبية وفي اتجاه أفريقيا والعالم العربي.وختم رئيس الدبلوماسية المغربية حديثه إلى "العرب اليوم" بالقول: "هناك نظرة جديدة وأفق جديد في العلاقات المغربية البريطانية، وأعتقد أن هذه المناسبات تعدُّ فرصة للتعريف بكل هذه المقومات وكذلك التأكيد على أن المستقبل يتجه نحو آفاق أرحب لاستغلال الإمكانات المتاحة بما من شأنه أن يدفع البلدين الى التركيز أكثر على بناء شراكة إستراتيجية".