بنغازي - مصطفي سالم
وصل رئيس الحكومة المؤقتة الليبية، علي زيدان، برفقة عدد من الوزراء إلى مدينة بنغازي (شرق البلاد)، مساء الإثنين؛ لمتابعة الأحداث المؤسفة الجارية في المدينة، والناتجة عن الاعتداء على القوات الخاصة التابعة للجيش الليبي، والمُكلَّفة بتأمين المدينة . وناقش زيدان وعدد من الوزراء، ورئيس أركان الجيش الليبي في قاعة بنينا الجوية،
مع آمر القوات الخاصة (الصاعقة)، ونيس بوخمادة، ومدير مديرية أمن بنغازي، وآمر السلاح الجوي، والدفاع الجوي والأهداف الحيوية، والدعم العام والمخابرات العامة، وكتيبة مشأة البحرية، وكتيبة 33 مشأة، وبعض القيادات الأمنية، الأحداث الجارية في المدينة، ودعم قوات الجيش والشرطة، وتوفير الإمكانات التي تساعدهم على أداء مهامهم على أكمل وجهة وأتم صورة لفرض الأمن والاستقرار .
وفي الوقت ذاته تظاهر العشرات من أهالي مدينة بنغازي، الإثنين، أمام فندق تيبستي، وسط المدينة؛ تنديدًا بالأوضاع الأمنية المُتردية التي تشهدها المدينة، ودعا المُتظاهرون أهالي بنغازي على الانضمام إلى العصيان المدني، الذي أعلنوا عنه أثناء التظاهرة للضغط على المؤتمر الوطني العام والحكومة المؤقتة بتوفير الإمكانات اللازمة لبسط الأمن داخل مدينتهم.
وطالب المُتظاهرون بـ"إسقاط مجلس بنغازي المحلي المنتخب منذ أوائل العام 2012، باعتباره لم يُقدِّم حلولًا هو الآخر للأوضاع داخل المدينة"، حسب قولهم.
كما خرج المئات من أهالي وسكان مدينة طرابلس، مساء الإثنين، في تظاهرة غضب، تعبيرًا عن رفضهم لما شهدته مدينة بنغازي من اشتباكات مسلحة بين القوات الخاصة المكلفة بحماية المدينة، وعناصر جماعة "أنصار الشريعة"، أسفرت عن سقوط 9 قتلى، و49 مصابًا بجروح متفاوتة الخطورة.
وطالب المتظاهرون بـ"الإسراع بتطبيق القرار (53)، الصادر عن المؤتمر الوطني العام، والذي يقضي بإخراج التشكيلات المسلحة من المدن كافة، وإسناد الأمن بكامله إلى الجيش والشرطة دون غيرهما، وعبر أهالي وسكان مدينة طرابلس عن وقوفهم ومساندتهم لإخوتهم في مدينة بنغازي" .
وأوضح أحد المتظاهرين، والناشط السياسي، محمد بوزعكوك، لـ"المغرب اليوم"، أنه "على الليبين أن يقفوا صفًّا واحدًا في تلك المرحلة، ولا نريد من الحكومة، ولا المؤتمر شيئًا"، مشيرًا إلى أن "الإعلان عن العصيان المدني بدأ اليوم، حيث سيتم إيقاف جميع الدوائر الحكومية في المدينة، بسبب تردي الوضع الأمني، على أن يستمر لمدة 3 أيام قابلة للتمديد، إن لم يفعل المؤتمر أو الحكومة شيئًا للوضع الجاري".
وأضاف أحد المتظاهرين، يُدعى عبدالحميد العريبي، لـ"المغرب اليوم"، أن "اشتباكات اليوم بين عناصر الجيش الوطني وجماعات من "أنصار الشريعة" في أنحاء متفرقة من بنغازي، هي تفجير لروح الشعب، ولن نرضي بعد اليوم بميلشيات خارج الدولة"، موضحًا أن "الدولة والشعب يمران بمخاض عسير، ولاسيما أن القتل كان في العاصمة طرابلس، واليوم في بنغازي، من قبل المليشيات المحسوبة على تيارات وجهات أخرى".
وأشار إلى أن "بنغازي تُعاني منذ انتهاء حرب التحرير، بسبب ترد الأوضاع الأمنية، ولاسيما عمليات الاغتيال التي تنفذ من قِبل مجهولين ضد ضباط في الجيش والشرطة وناشطين، فإلى متى هذا الوضع".
وعبَّرت مؤسسات المجتمع المدني، ومجلس الحكماء، ومجالس الأحياء، وشباب مدينة بنغازي، عن "إدانتهم واستنكارهم لعمليات القتل وسفك الدماء، وترويع المواطنين التي حدثت اليوم في مدينة بنغازي، محملة مسؤولية ذلك لكل من كان وراء الأحداث التي وقعت" .
ودعتْ مؤسسات المجتمع المدني، في بيانها لها، تحصلت "المغرب اليوم" على نسخة منه، إلى "إعلان العصيان المدني العام في أرجاء بنغازي كافة حتى تتحقق مطالبهم المتمثلة في إخراج جميع التشكيلات المسلحة من المدينة، وإعطاء التفويض الكامل والشامل للجيش وقوى الأمن التي تؤتمر بأمر الغرفة الأمنية المشتركة تحت قيادة العقيد عبدالله السعيطي".
كما تعرض العقيد في الدفاع الجوي، عبدالسلام امحمد خلف الله الفيتوري، الإثنين، لمحاولة اغتيال من قبل مجهولين بعد تفخيخ سيارته بعبوة لاصقة.
وأضاف المتحدث باسم الغرفة الأمنية في بنغازي، إبراهيم العوامي، أن "الفيتوري فَقَدَ رجله ويده، إثر الحادثة، وهو حاليًا في إحدي المستشفيات في غرفة العناية المركزة لتلقي العلاج"، ويشار إلى أن الفيتوري من أوائل الضباط الذين واكبوا الثورة وأسهموا في إنجاحها.
وفي سياق منفصل، أصدر أنصار الشريعة بيان لهم، الإثنين، بشأن الاشتباكات فجر اليوم بينهم وبين قوات الصاعقة، بيَّنوا فيه أن "دورية للصاعقة بقيادة المسمّى سالم عفاريت، قامت باستفزاز دورية تابعة لأنصار الشريعة المرابطة أمام جزيرة دوران البركة، والتي تقع بالقرب من موقع أنصار الشريعة، وقاموا بالسير بالمدرعات وغيرها من السيارات في جميع اتجاهات الطريق (التمتيع)، مع إطلاق ألفاظ نابئة من شتم وسب للجلالة، ونظرات تهكمية، تبعها إطلاق نار من قبل دورية الصاعقة، وبادلتهم دورية أنصار الشريعة بالطريقة ذاتها، حيث أصيب بعض من شبابنا، وعندها لاذ أفراد دوريّة الصّاعقة بالفرار، علمًا بأنّهم كانوا في حالة سُكر، وهذه ليست أول مرّة يقومون بمثل تلك التّصرفات من استفزاز للشباب الملتزم، بوصفهم بجماعة اللّحى المقمّلة، والزنادقة، وقاموا بالتّعدي بالضّرب والاعتداء على الكثير من الشباب الملتزم لا لشيء إلاّ لتأسيهم بالنّبي صلّى الله عليه وسلّم".
وهذا بخصوص ما حدث أمام مقرّ أنصار الشّريعة في حي البركة، ثم تطور الأمر وتفاقم بذهابهم إلى منطقة رأس اعبيدة، حيث تعدّيهم على العيادة الخيريّة والإذاعة المسموعة، وعيادة المسّ وعلاج السّحر، واشتبكوا هناك مع شباب المنطقة، بعدما قاموا بالرمي بمضادات الطيران، وقواذف الآر بي جي، ممّا سبّب ذعرًا للمواطنين، وأثاروا حفيظة أهالي المنطقة، وسبّب ذلك في إتلاف بعض ممتلكات أهالي المنطقة .
ومن جهته، ذكر المتحدث الرسمي باسم المؤتمر الوطني العام الليبي (البرلمان)، عمر حميدان، أن "المؤتمر سيخصص جلسته غد الثلاثاء، التي ستعقد في مقر المؤتمر في العاصمة طرابلس؛ لمناقشة ومتابعة الأحداث التي شهدتها مدينة بنغازي، وراح ضحيتها العشرات بين قتلى وجرحى" .
وأضاف حميدان، أن "عددًا من أعضاء المؤتمر الوطني العام سيتوجهون إلى مدينة بنغازي، للوقوف على مجريات الأحداث"، مؤكداً أن "مكتب رئاسة المؤتمر كان في اجتماع مستمر الإثنين، ومنذ الصباح الباكر، مع وزيري الداخلية والدفاع، وذلك لمتابعة سير الأحداث في مدينة بنغازي، وتسريع تنفيذ قراري المؤتمر الوطني العام رقمي (27و 53)، المتعلقين بإخلاء طرابلس وبنغازي من التشكيلات المسلحة كافة"