رام الله ـ وليد أبو سرحان
تواصلُ إسرائيل بأذرعها المختلفة منذ شهور تضخيّم قدرات "حماس" العسكرية وفصائل المقاومة في قطاع غزة إعلاميّا، حيث يظهر بين الحين والآخر مسؤول عسكري أو سياسي إسرائيلي ليهول من قدرة "حماس" التي تتعاظم في قطاع غزة الذي المحاصر منذ سنوات وحتى بات من دون تيار كهرباء ومحروم من أبسط حقوقه الحياتية في الغذاء والدواء، لتشرع وسائل الإعلام الإسرائيلية
بالترديد والتهويل من خطورة "حماس" على أمن اسرائيل ، الأمر الذي يستدعي التحرك لوقف الخطر الداهم على أمن اسرائيل، وذلك في حملة منظمة تستشف تنفيذها في الوقت الحالي تمهيدًا لإمكانية توجيه ضربة عسكرية مؤلمة لقطاع غزة معظم ضحاياها من المدنيين الفلسطينيين الابرياء بحجة وقف الخطر الاستراتيجي على أمن اسرائيل.
وشهدت الايام الماضية حملة اسرائيلية شبه شاملة لتعظيم قدرة حماس العسكرية وتم تسليط الضوء بشكل كبير على بناء الحركة شبكة من الانفاق تحت الارض على الحدود مع اسرائيل وداخل غزة إضافة لإطلاقها مناطيد لمراقبة تحركات الجيش الإسرائيلي ورصدها.
وعبّر ضابط في الجيش الاسرائيلي عن قلق كبير من برنامج حماس في جمع المعلومات عن تحركات الجيش الاسرائيلي عبر استخدام منطاد مزود بكاميرات تسجيل.
وبحسب ما نشر موقع ‘والاه’ الاسرائيلي الخميس فقد اعتبر الضابط الكبير في قيادة الجيش الاسرائيلي في المنطقة الجنوبية، بأن حماس تستعد للشروع بتنفيذ برنامج جديد لجمع المعلومات عن تحركات الجيش على طول الحدود، وكذلك على طول شواطئ قطاع غزة بالإضافة لقدرة هذا المنطاد على جمع المعلومات من داخل المناطق الاسرائيلية.
وشدد الضابط على أن هذه المناطيد تدلل على نوايا حماس ليس فقط في تطوير نظام القذائف الصاروخية وبناء الأنفاق الهجومية الواصلة إلى داخل إسرائيل، ولكنها تعكف أيضاً على جمع المعلومات الاستخباراتية بالإضافة لمتابعتها لحركة الجيش والمستوطنين.
وأشار الضابط إلى أن إسرائيل وافقت قبل عدة أشهر على إدخال غاز الهيليوم إلى القطاع لأغراض مدنية، ولكنها ستبحث هذا الموضوع من جديد على ضوء التطورات الأخيرة.
وأضاف "إن حركة حماس تسعى لتطوير قدراتها العسكرية ليس فقط من خلال الصواريخ وحفر الأنفاق وامتلاك أنواع مختلفة من السلاح، وانما من خلال تطوير قسم خاص بجمع المعلومات عن إسرائيل. وتحركات الجيش الاسرائيلي".
وفي ظل الخطة الإسرائيلية لتعظيم قدرة "حماس" إعلاميًا، اعتبر الخبير الجيولوجي الإسرائيلي "يوسي لنغوستكى" وهو عقيد في الاحتياط الإسرائيلي وعنصر سابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بان تشكل الأنفاق تحدياً نوعياً أمام إسرائيل في ميدان المواجهة مع التنظيمات الفلسطينية في قطاع غزة، كونها خلقت بيئة جديدة للصراع بعيدة عن ميادين القتال الاعتيادية للجيش الإسرائيلي البرية والجوية والبحرية، وحداثة الخبرة لدى المنظومة الأمنية الإسرائيلية في التعامل معها مما جعلها نقطة ضعف في استراتيجية الدفاع الإسرائيلية.
وتكمن الصعوبة في التعامل مع تحدي الأنفاق في اتساع رقعة انتشارها على طول الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، وقلة المعلومات الاستخبارية بشأن أماكن حفرها ومساراتها وأهدافها ، فضلاً عن تأخر المنظومة الأمنية الاسرائيلية في إيجاد حلول لهذه المعضلة ، على حد قوله.
وأوضح الخبير، أن جميع الحلول التي يعكف الجيش الاسرائيلي والمنظومة الأمنية على تجنيدها في مجال محاربة الأنفاق بما فيها الاستعانة بخبرات خارجية لن تكون مجدية ، وذلك حسب قوله: "لأنهم بدأوا متأخرين جداً وهم يقومون بذلك بعد أن "هربت الحصون من الإسطبل" كما يقول المثل الشعبي في إسرائيل ، وهناك أنفاق حفرت بالفعل منذ سنوات ولا نعلم عن وجودها وحتى أفضل أجهزة الكشف الجيوفيزيائية لن تستطيع الكشف عنها الان".
"وحسب لنغوستكى" بدأ التعامل مع موضوع الأنفاق منذ عام 2005 عندما كانت "إسرائيل" تسيطر على قطاع غزة , وذلك في أعقاب مقتل 14 جندي إسرائيلي في عمليات مختلفة على محور "صلاح الدين" الواقع بين قطاع غزة والحدود المصرية, وقبل عام من أسر الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" من قبل التنظيمات الفلسطينية في القطاع.
ولفت الخبير الإسرائيلي أنه قبل حوالي ثمانية أعوام عندما كان "موشي يعلونِ" يشغل آنذاك منصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي دعاه لفحص الموضوع، فقال له وللجيش: "أصغوا جيداً , موضوع الأنفاق سيُشغلنا وسيلاحقنا سنوات طويلة إلى الأمام , ولن يتوقف الأمر عند محور صلاح الدين فقط وإنما سينتقل الأمر على طول حدود غلاف غزة وفي لبنان ، وأيضاً ربما علي حدود أخرى , نحن نتحدث عن موضوع مهني جداً".
وأوضح "لنغوسكتي" أن الجيش الإسرائيلي والمنظومة الأمنية يُقدرون أن حركة حماس حفرت أو في مراحل بناء عشرات الأنفاق من غزة وصولاُ إلى "إسرائيل" , وعملياً يمكن القول في كل ما يتعلق بالأنفاق أن الجيش الإسرائيلي "مازال يتلمس طريقه في الظلام" أو بعبارات مقنعة قل ليس لدى "إسرائيل" أي معلومات أين تُحفر تلك الأنفاق , وإلى أين تؤدي , لقد أصبحت هذه الأنفاق تتحول تدريجياً لنقطة الضعف في الدفاع عن "إسرائيل".
وتلمس من الحديث الاسرائيلي المتواصل عن تعاظم قوة فصائل المقاومة بغزة وخاصة حركة حماس بان هناك نية اسرائيلية مبيتة لتهيئة الرأي العام في اسرائيل بل وفي العالم لتقبل توجيه ضربة عسكرية لقطاع غزة, يتقبل فيها المجتمع الدولي مشاهدة سقوط العشرات بل المئات من القتلى الفلسطينيين، تحت مبرر بان اسرائيل تدافع عن امنها امام مليشيات مسلحة اسلامية تخطط للقضاء على دولة اسرائيل.