الدارالبيضاء - شيماء عبد اللطيف
كشف نشطاء وحقوقيون مغاربة لـ"المغرب اليوم" ارتفاع ظواهر تزويج القاصرات و الإغتصاب والعنف ضد المرأة. فقد بلغت حالات زواج القاصرات ، 18341 حالة ، فيما يعاني النساء من حرمانهن من حقوقهن القانونية في حال تعرضهن للإغتصاب، حيث يناهز عدد الأطفال المولودين لأمهات
عازبات في المغرب نصف المليون، وهو مادفع بالعديد من رجال القانون ونشطاء المجتمع المدني إلى المطالبة بمراجعة قانون الأسرة المغربي، بما يتلاءم مع التشريعات الدولية التي تحمي المرأة وتكفل لها حقوقها.وأصبحت قضية زواج القاصرات التي طفت على السطح، أخيرا ، مشكلة مؤلمة، سببها الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها بعض الأسر المغربية، إذ يعرف زواج القاصرات بالمغرب تصاعدا مستمرا رغم الحملات التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني المناهضة لزواج القاصرين، ومحاولات الدولة لصياغة قوانين تحمي الفتيات من العبث بطفولتهن.و شهد المغرب أخيرا، جدلا كبيرا حول معضلة تزويج القاصرات بعد التقارير التي نشرت حول مخالفة زواج القاصرات لقانون الأسرة الذي يمنع زواج الفتيات اللائي يبلغن أقل من 18 سنة.و أكدت الناشطة المدنية عاطفة تمجردين المنسقة الوطنية لشبكة "أنا روز"، ، في حديثها لموقع "المغرب اليوم"، أن المدونة أدت إلى تراكم عدد من الملفات والقضايا التي تهم ثبوت الزوجية والنيابة الشرعية وتدبير الممتلكات المكتسبة أثناء الزواج، وهي قضايا تقول المنسقة الوطنية للشبكة إنه كان من المفترض أن تكون منتهية مع إقرار المدونة، لكن العكس هو الذي حصل بسبب التحايل على بعض الفصول التي يأتي على رأسها الفصل الـ 16 الذي تم استغلاله بشكل شنيع.وأشارت منسقة شبكة «أنا روز» التي تضم مراكز الاستماع إلى النساء ضحايا العنف والمكونة من 44 جمعية، الى أنه أصبح من الضروري إرساء هيئة عليا لإصلاح منظومة العدالة، تعمل على إخراج المغرب من متاهة البحث عن نقطة انطلاق إصلاح العدالة التي لم تعد عادلة بل أصبحت ظالمة.وقد ارتفع زواج القاصرات في المغرب إلى 18341 زوجة وفق ما أظهرته إحصاءات لوزارة العدل والحريات المغربية، إذ تبين أن طلبات الإذن بزواج القاصرات خلال السنوات الخمس الأخيرة تتوزع بين سن 14 و17 سنة بنسب مختلفة، ذلك أن طلبات فئة 17 سنة تشكل النسبة الكبرى بمجموع وصل إلى 144346 طلباً، في حين بلغت طلبات فئة 16 سنة خلال المدة ذاتها إلى 55967 طلباً.وتعتبر وزارة التنمية و التضامن و الأسرة في خلاصات إحصاءاتها أن «هذا النوع من الزواج يعرف ارتفاعاً من سنة لأخرى»، مؤكدة أنها «تولي عناية خاصة لهذا الزواج وتتابعه عن كثب، من خلال تنظيم ورشات والحرص على تطبيق المقتضيات القانونية»وشدد الوزير مصطفى الرميد في إحدى مقابلاته الإعلامية، على ضرورة رصد تفاعل المجتمع مع قانون تحديد سن الزواج المنتظر صدوره، وما إذا كان سيشكل رافعة لوعي الناس وتقليص ظاهرة زواج القاصر، أم أن المجتمع سيرفضه ويعمل بالزواج خارج التغطية القانونية وبالتالي عدم توثيق العقود، مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبيَة.يذكر أن القانون المغربي ينص على أن سن 18 هو سن الأهلية للزواج، تماشيا مع الاتفاقات الدولية، لكنه في الوقت نفسه فتح نافذة استثناءات عبر ضوابط وشروط تسمح بزواج القاصر.من جهته، طالب اتحاد العمل النسائي المسؤولين الحكوميين والمؤسسة التشريعية بمراجعة قانون الأسرة الجنائي، وإصدار قانون محاربة العنف ضد النساء، وذلك لحماية الفتيات القاصرات من تبعات تزويجهن مبكراً، لوقايتهن من الآثار الصحية والنفسية والاجتماعية الوخيمة للظاهرة.ويأتي هذا المطلب على خلفية رفض اتحاد العمل النسائي استمرار العمل بالمادتين 20 و21 من مدوّنة الأسرة، اللتين يعتبرهما الاتحاد «الاستثناء المخجل في المدوّنة» الذي يسمح بتزويج القاصر، في ظروف خاصة جدا2011.ومن الأضرار الصحية والجسدية التي تتحملها القاصر، حسب اللائحة التي رصدها اتحاد العمل النسائي، تمزق المهبل والأعضاء المجاورة، إلى جانب ازدياد معدلات الإجهاض وسطهن لعدم تأقلم الرحم، وارتفاع نسبة الوفيات نتيجة المضاعفات المختلفة الناتجة عن الحمل.ويضاف إلى ذلك ظهور تشوهات في الحوض والعمود الفقري بسبب الحمل المبكر، مع ارتفاع احتمالات اختناق الجنين في بطن الأم القاصر نتيجة القصور الحاد في الدورة الدموية المغذية للجنين.وتؤكد الناشطة النسائية عاطفة تمجدرين في حديثها الى موقع" المغرب اليوم" على ضرورة أخذ حقوق المرأة بعين الإعتبار أيضا في القوانين الجنائية بما في ذلك المتابعة الجنائية للزوج في حالات اغتصاب زوجته وأيضا حقها في الإجهاض في بعض الحالات نتيجة الإغتصاب.وتتجلى إحدى القضايا الساخنة في المجتمع المغربي في وضع الأمهات غير المتزوجات وأطفالهن. فقد قدرت دراسة لجمعية "إنصاف" غير الحكومية عدد الأطفال من أمهات غير متزوجات بنصف مليون طفل. وهو عدد مرشح للارتفاع الى مليون طفل. وبما أن القانون يعاقب على ممارسة الجنس خارج العلاقة الزوجية ، فإن الأطفال الناتجين عن مثل هذه العلاقات يعتبرون أطفال الخطيئة.من جهتها تعايش جمعية "التضامن النسوي" التي تهتم بالأمهات غير المتزوجات بشكل يومي، مظاهر التهميش والحيف الذي تتعرض له هؤلاء النساء وتقول:" إنه ظلم كبير يقع أساسا على الأطفال" كما تقول عائشة الشنة مؤسسة الجمعية وإحدى أهم وجوه الحركة النسائية المغربية.