تونس - أزهار الجربوعي
أفادت مصادر تونسية لـ"المغرب اليوم"، أن رئيس الوزراء التونسي الأسبق وزعيم حزب "نداء تونس" المعارض، الباجي قائد السبسي يتطلّع إلى تعيين الأمين العام الأسبق لحزب الرئيس التونسي المخلوع "التجمع الدستوري الديمقراطي"، مستشارًا سياسيًا في حزبه، وتسود حالة من الاستياء والاستنكار صفوف شريحة واسعة
من الرأي العام الشعبي والسياسي والمدني في تونس بسبب ما وصفوه بـ"تنصل الحكومة التي يقودها حزب النهضة الإسلامي عن استحقاقات الثورة وتنكّرها لمطالبها في محاسبة كل من أفسد وأجرم في حق الشعب التونسي"، وسط تنامي ظاهرة الإفلات من العقاب وإفراج القضاء عن أغلب رموز نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، والذين عادوا لتصدر المشهد السياسي خصوصًا بعد تخلي حزب "النهضة" عن قانون "العزل السياسي" في ظل الأزمات السياسية التي دفعت الحكام الإسلاميين إلى غلق هذا الملف، باعتبار دوره في زيادة الاحتقان، وفق ما أعلنه زعيمهم راشد الغنوشي.
ووصف زعيم جبهة "الإنقاذ" المعارضة الباجي قائد السبسي، أمين عام حزب" التجمع المنحل" محمد الغرياني بـ"العنصر الصالح" الذي لا تتخلد في ذمته أي تتبعات قضائية، على حد قوله، مؤكدا أن حزب "نداء تونس" منذ تأسيسه مفتوح على التيارات السياسية كلها، وأكدت مصادر مطلعة لـ"العرب اليوم"، أن السبسي يتجه نحو تعيين الذراع الأيمن لبن علي، مستشارًا سياسيا له.وأكد القيادي في "نداء تونس" والنائب المنسحب من المجلس الوطني التأسيسي خميس قسيلة، أن "انتماء الأمين العام السابق لحزب "التجمع المنحل محمد الغرياني لنداء تونس شرفًا لأعضائه"، مضيفًا أن الغرياني أعرب عن مساندته الكاملة ودعمه التام لحزب "نداء تونس"، ولكنه لم ينظم إلى أحد هياكله إلى الآن.
كما أشار إلى أن حزبه ضد إقصاء أي شخص، ولكنه مع المحاسبة القضائية لكل المخطئين، مشددًا على أنه يحق للغرياني مواصلة مسيرته السياسية.وبرغم نفي الأمين العام لحزب "نداء تونس" الطيب البكوش، انضمام الغرياني للحزب، إلا أن مقربين من رئيس الحزب ومؤسسه الباجي قائد السبسي، أنه يتجه نحو ضم الغرياني وتعيينه مستشارًا له.وأفرجت محكمة الاستئناف في تونس، الأربعاء، 10 تموز/يوليو 2013، عن الأمين العام السابق لحزب "التجمع"
المنحل والمستشار السابق لـبن علي محمد الغرياني، وعبد العزيز بن ضياء والرئيس السابق لمجلس المستشارين عبدالله القلال، في إطار ما يعرف بقضية تمويل حزب "التجمع"، التي تندرج في تحت استغلال نفوذ الحزب وقياداته لرصد تمويلات هائلة بطرق غير قانونية، من بينها تسخير إدارات ومؤسسات وموظفين لحسابه دون وجه حق وإجبار شركات على دفع مبالغ لخزينته تحت الضغط، ورأت محكمة النقض أن الجرائم المرتكبة من طرف المتهمين سقطت بالتقادم ومرور الزمن، إلا أن الشاكين رفضوا القرار خصوصًا بالنظر إلى واقع الأمور تحت النظام السابق والتي كان فيها من المستحيل رفع شكايات ضد المسؤولين السياسيين في نظام بن علي.وأثارت عودة رموز النظام السابق لتصدر المشهد السياسي في تونس، غضب شريحة واسعة من الرأي العام، وأعلن مؤخرًا رئيس وزراء الرئيس السابق زين العابدين علي، حامد القروي عن منحه التأشيرة القانونية لتأسيس حزب "الحركة الدستورية".وتتهم شريحة واسعة من الأوساط شعبية وأحزاب سياسية ومنظمات، حزب "النهضة" الإسلامي الحاكم وحلفاؤه (التكتل،المؤتمر)، بالتفريط في استحقاقات الثورة، وفي محاسبة رموز الفساد الذين تورطوا مع النظام السابق ونهبوا ثورات الشعب التونسي، مقابل التركيز على الصراع السياسي مع المعارضة بشأن السلطة والمناصب لتوسيع نفوذ كل منهما وبسط هيمنة جديدة على مفاصل الدولة، خصوصًا أن أغلب المنتسبين لنظام بن علي تمتعوا بالسراح من قبل القضاء التونسي أو فروا خارج البلاد.وأكد زعيم ومؤسس حزب "نداء تونس" الباجي قايد السبسي، أن حزبه منفتح على الجميع، داعيًا أبناء العائلة السياسية الدستورية إلى التوحد، في إشارة إلى أنصار التيار الإيديولوجي للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، مؤسس الحزب "الحر الدستوري" التونسي، الذي ساهم في استقلال تونس عام 1956 عن المستعمر الفرنسي، قبل أن يرث الحزب الرئيس السابق زين العابدين بن علي ويغير اسمه إلى "التجمع الدستوري الديمقراطي".
و يعتبر مراقبون أن قرار حلّ حزب الرئيس المخلوع "التجمع الدستوري الديمقراطي" بعد ثورة 14 كانون الثاني/يناير 2011، اكبر خطأ وقعت فيه الدولة، أنه ساهم في انتشار رموز النظام السابق داخل أحزاب أخرى، وعمد بعضهم وخصوصًا المسؤولين الكبار إلى تأسيس أحزاب جديدة أهمها حزب "نداء تونس" الذي أسسه الباجي قائد السبسي وهو وزير الداخلية السابق في عهد الحبيب بورقيبة ورئيس مجلس النواب في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، والذي أكد أن حزبه يتبنى النهج البورقيبي، داعيًا إلى محاسبة قضائية عادلة لكل من ثبت تورطه من رموز النظام السابق بعيدًا عن المعاقبات الجماعية ومنطق التشفي والانتقام، وبات حزب السبسي، ثاني أكبر الأحزاب السياسية الذي يتزعم جبهة "الإنقاذ" المعارضة، ويتصدر نوايا التصويت في الانتخابات المقبلة إلى جانب حزب "النهضة" الإسلامي الحاكم.ويؤكد محللون أن حزب "النهضة"، عمد منذ لحظة وصوله إلى سدة الحكم إلى تقريب العديد من رموز نظام بن علي، قصد استمالتهم إلى صفه والاستفادة من خبراتهم السياسية واتقاء شرهم وتجنب تحالفهم ضدها، مؤكدين أن قانون تحصين الثورة (العزل السياسي)، كان مجرد ورقة سياسية اعتمدتها "النهضة" لترهيب خصومها السياسيين والضغط عليهم، وهو ما جعلها غير جدية في التعاطي معه وتمريره، خصوصًأ بعد تأكيد زعيمها راشد الغنوشي مؤخرًا أنه ضد العزل السياسي، لأن من شأنه "رفع درجة الاحتقان في البلاد"، رغم أن شريكه في الحكم حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" الذي يتزعمه رئيس الدولة المنصف المرزوقي، أكد أنه متمسك بالقانون وأنه "غير معني بتنازلات النهضة وصفقاتها السياسية".