الرباط – رضوان مبشور
الرباط – رضوان مبشور
أكد العاهل المغربي، الملك محمد السادس، الخميس، في خطاب له بمناسبة تنصيب الرئيس المالي الجديد إبراهيم بوباكار كيتا، في العاصمة المالية باماكو، أن حضوره لمراسيم التنصيب يدل على المشاعر الصداقة التي يكنها الشعب المغربي لشعب مالي، مشيدًا بـ "العلاقات المتميزة التي تربط البلدين"، كما نوه إلى "الجهود
التي بذلها رؤساء دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وتشاد ووقوفهم إلى جانب دولة مالي، من أجل تجاوز الفترة العصيبة التي مرت بها"، مشددًا على أن "حلم مالي كبلد ينعم بالسلم قد أصبح اليوم حقيقة"، مشيرًا إلى أن "المغرب سيظل الشريك الملتزم والوفي لمالي في هذه الصفحة الجديدة التي تكتب من تاريخه"، فيما طالب أبناء مالي بدعوتهم إلى "مصالحة هادئة ومنفتحة على كل الحساسيات"، مؤكدًا أن "تشكيل وزارة مكلفة بالمصالحة الوطنية وتنمية مناطق الشمال من بوادر التعبئة في سبيل هذه المصالحة"، هذا ورحب ب "الاتفاق الذي سيتم توقيعه والمتعلق بتكوين 500 إمام مالي في المغرب خلال السنوات المقبلة".
و أشاد العاهل المغربي برئيس الجمهورية الفرنسية فرانسوا هولاند، على دعمه "الصريح والحاسم الذي قدمه لمالي، ولدينانمية وشجاعة ديبلوماسييه في سبيل تحقيق السلم والاستقرار في مالي".
وخاطب محمد السادس الرئيس الجديد لدولة مالي قائلا إنه "رغم كل الصعوبات التي قيل إنه لا يمكن تجاوزها، فقد نجحت مالي في تنظيم انتخابات رئاسية شفافة وذات مصداقية، في إطار ممارسة سيادتها، وفي ظل استقرار ها ووحدتها"، مضيفًا أن "هذا النجاح يعد، دون شك، خير رد على ما تعرفه العديد من مناطق عبر العالم، من ضياع وضلال، بسبب جماعات التعصب والتطرف بمختلف أنواعها".
ووجه خطابه إلى رؤساء الدول الحاضرين في حفل التنصيب بضمير الجمع، قائلا : "إننا بقدر ما نهنئ أنفسنا جميعا على هذا الانتصار الجماعي، على قوى الظلامية والانفصال في مالي، فإننا ندرك أيضا حجم التحديات التي تنتظر هذا البلد، خلال مرحلة المصالحة الوطنية وإعادة البناء، التي هو مقبل عليها".
وطالب العاهل المغربي أبناء مالي بدعوتهم إلى "مصالحة هادئة ومنفتحة على كل الحساسيات"، مؤكدًا أن "تشكيل وزارة مكلفة بالمصالحة الوطنية وتنمية مناطق الشمال من بوادر التعبئة في سبيل هذه المصالحة".
كما دعا إلى "إعادة بناء مستديمة، من خلال توطيد المؤسسات السياسية والتمثيلية والأمنية، وتأهيل البنيات التحتية الكفيلة بتحقيق التقدم"، دون أن ينسى التأكيد على ضرورة "إعادة هيكلة الحقل الديني"، في احترام تام لسيادة مالي الكاملة وللاختيار الحر لأبنائه.
واعتبر العاهل المغربي أن الحضور القوي لأصدقاء مالي في حفل تنصيب الرئيس الجديد "خير دليل على التزامهم المشترك بالاستمرار في دعمهم للرئيس المالي الجديد في مهمته الدقيقة والمثيرة في نفس الوقت".
وأكد محمد السادس على أن "المجتمع الدولي سيظل واقفًا إلى جانب مالي من أجل تحقيق حكامة سياسية وترابية جديدة تتلاءم مع الخصوصيات الجغرافية والاقتصادية والثقافية للبلد".
وقال إن "التفرد الثقافي الذي يتميز به مالي كان دائما وما يزال يشكل أحد المكونات الأساسية للتراث الإسلامي وللهوية الأفريقية"، مؤكدًا أن "أي مبادرة دولية يتم التنسيق بشأنها دون إيلاء البعد الثقافي والعقائدي الأهمية التي يستحقها، سيكون مصيرها الفشل". مشددا أن "الشراكة التي تعتزم المملكة المغربية عرضها، من أجل إعادة بناء مالي، ماديا ومعنويا، تندرج تماما ضمن هذا التوجه".
و أضاف إن "ترميم مخلفات التخريب المادي، ومعالجة الجروح المعنوية، يتطلب إعادة بناء الأضرحة وإصلاح وترميم المخطوطات وحفظها وإنعاش الحياة الاجتماعية والثقافية". مؤكدا أن "الإسلام في المغرب وفي مالي واحد، ممارسة وتقليدا. إنه إسلام متشبع بنفس القيم المبنية على الوسطية والاعتدال، وبنفس تعاليم التسامح والانفتاح على الأخر. كما أنه يظل عماد الوشائج الروحية التي تجمع على الدوام بين بلدينا".
ورحب عاهل المغرب ب "الاتفاق الذي سيتم توقيعه والمتعلق بتكوين 500 إمام مالي في المغرب خلال السنوات المقبلة". حيث "سيخصص هذا التكوين، الذي يمتد على مدى سنتين، بالأساس، لدراسة المذهب المالكي والتعاليم الفقهية والأخلاقية التي تنبذ كل أنواع الغلو والتكفير".
وشدد محمد السادس على أن المغرب "متشبث بالتعاون جنوب-جنوب"، مؤكدًا أنه " لن يدخر أي جهد لمواكبة ودعم مالي ، البلد الجار الشقيق، في المجالات الاجتماعية والاقتصادية التي تعتبرونها ذات أسبقية".
وتابع إن المغرب "سيقدم الدعم اللازم لبرامج دولة مالي في مجال التنمية البشرية، خاصة في ما يتعلق بتكوين الأطر والبنيات التحتية الأساسية والصحية"، مشيرًا إلى أن المملكة المغربية "بادرت لإقامة مستشفى عسكري ميداني متعدد التخصصات بباماكو. كما تم تعزيز ذلك بتقديم مساعدة طبية وإنسانية مستعجلة".
وبخصوص التعاون الاقتصادي، قال عاهل المغرب إن "التعاون القائم بين المغرب ومالي سيحفز رجال الأعمال على تعزيز انخراطهم في تطوير المبادلات والاستثمارات بينهما، بما يترتب على هذه الدينامية من توفير فرص التشغيل ومن انتقال للكفاءات ولرؤوس الأموال".
وأوضح أن "كل البلدان الإفريقية الشقيقة يجب أن تلعب دورا جوهريا في عملية إعادة البناء الهامة التي تقبل عليها مالي". متأسفا في ذات الوقت من كون " بعض الأطراف لا تعمل إلا على الهدم والتخريب، في الوقت الذي تختار فيه دول أخرى نهج البناء وإعادة الإعمار". مشيرًا إلى أن المغرب "سيتحمل ، بكل فعالية وعزم، نصيبه من هذه المسؤولية التاريخية".
و اختتم قائلا "إن المغرب، باعتباره العضو المؤسس لمنظمة الوحدة الإفريقية، رغم أنه لا يحضى بمقعد في الاتحاد الافريقي " غير أنه ما فتئ، منذ ذلك الوقت، وأكثر من أي وقت مضى، يقوم ، بكل حرية، بإطلاق العديد من المبادرات الملموسة وإنجاز مجموعة من المشاريع الناجحة، بمزيد من النجاعة"، مشيرًا إلى عاقد العزم على "تعزيز النتائج الهامة التي تم تحقيقها، من خلال مواصلة جهوده التضامنية الحثيثة مع هذه البلدان الشقيقة".