الجزائر - خالد علواش
وصفت أحزاب المعارضة الجزائرية تعديل الدستور بأنه مهزلة ديمقراطية، وسابقة خطيرة، تهدد استقرار البلاد سياسيًا، ما سيكون له تبعات سلبية على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والأمنية. واعتبرت قيادات المعارضة التغييرات التي أجراها الرئيس أخيرًا "ترتيب أوضاع، تحضيرًا لاستمرار الوضع على حاله، وإبقاء نظام الحكم القائم". وتساءل رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية "الأفانا" موسى تواتي، في حديث صحافي، الخميس،
عن "مدى إمكان الرئيس بوتفليقة صحيًا لمعالجة ملف شديد الحساسية، يتعلق بتعديل الدستور"، وأضاف أن "هذا الملف، الذي بقي يتراوح مكانه منذ أشهر، سيما وأن الرئيس نصب لجنة التعديل في نيسان/أبريل الماضي، ولم يصدر منها أي تقرير رسمي حتى الآن، خرج هذه الأيام للساحة توازيًا مع الإجراءات، التي اتخذها بوتفليقة، والتي غيّر فيها القطاعات ذات الصلة بالتشريع والانتخابات، تحضيرًا للمرحلة المقبلة"، رافضًا "ما أشيع عن جوهر التعديل المقترح، الذي يمدد العهدة الرئاسية إلى 7 أعوام عوضًا عن خمسة، إضافة إلى استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية"، مؤكدًا أن "هذه المقترحات تتنافى كليًا مع العمل الديمقراطي، وأن تعديل الدستور على مقاس الأشخاص سيدفع بالبلاد إلى أزمة حقيقية، سيما وأن الساحة السياسية تأمل في انتخابات رئاسية نزيهة، تكرس لمرحلة جديدة بعيدًا عن النظام القائم".
من جهته، وصف رئيس "حركة مجتمع السلم" (حمس) عبد الرزاق مقري، تمديد العهدة الرئاسية، بالمهزلة، قائلاً في لقاء صحافي "لا يمكن تصور تعديل الدستور لتمديد عهدة الرئيس بوتفليقة، هذا سلوك فلكلوري"، واعتبر "نقل رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز إلى وزارة الداخلية بتلك الطريقة، والتضارب بشأن إنجاز مسودة الدستور بين سلال وعضو في اللجنة، كلها مشاهد هزلية تسيء إلى سمعة الجزائر"، مطالبًا بـ"إبعاد الجيش عن أي صراع سياسي أو نزاعات داخل السلطة، لأن ذلك يمكن أن يشكّل خطرًا على أمن البلاد"، وتابع "نحن مع تمدين العمل السياسي، لكن لا نريد أن تسقط الجزائر فريسة لشبكات الفساد المالي باسم التمدين"، ودافع رئيس (حمس) عن مشروعه، الرامي للإصلاح السياسي، مؤكدًا أن "الحركة ستبعث، في جولة جديدة، المشاورات مع كل الأطياف الفاعلة، سواءًا في المعارضة أو الحكم".
وفي السياق ذاته، يرى رئيس حزب "الفجر الجديد" الطاهر بن بعيبش أن "الحديث عن تعديل الدستور كان منتظرًا، عقب التغييرات، التي أحدثها الرئيس على مستوى وزارات الداخلية، والعدل، وكذلك المجلس الدستوري، وهي الوضعية التي تدعم تعديل دستور على مقاس النظام القائم"، لافتًا إلى أن "النظام القائم يريد وقتًا إضافيًا لضمان استمرار الوضع، بغية ربح مزيد من الوقت لإبعاد دوائر صنع القرار عن قضايا الفساد، التي أضحت تهدد زمرًا محسوبة على هذه الدوائر"، مشيرًا إلى أن "تعديل الدستور، قبل الانتخابات الرئاسية، هو طعن في مصداقية الحياة الديمقراطية، التي تريد السلطة نقلها للعالم، عبر اعتماد أحزاب جديدة، والانفتاح السياسي الظاهري"، متسائلاً ما إذا كان الرئيس بوتفليقة قادر على مواصلة الحكم خلال السنتين المقترحتين، تمديدًا للعهدة الرئاسية، داعيًا في هذا الإطار إلى "تأجيل تعديل الدستور إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية".