دمشق ـ جورج الشامي
يخشاه الكثيرون لوحشيّته أكثر من خشيتهم لشقيقه الأكبر بشّار الأسد، يُحاط به الغموض في كل تفاصيل حياته، ونادراً ما يظهر في وسائل الإعلام، لا يظهر لا في كلمة ولا في صورة، ورغم ذلك يلعب دوراً رئيسياً في الجرائم التي يرتكبها النظام السوري ضد المدنيين والثوار.
هو ماهر الشقيق الأصغر لبشار الأسد، ورغم بقائه بعيداً عن الأضواء فيما يجري بسورية إلا أنه يعتبر الأكثر وحشية وعداونية وحسماً في المعارك وحفاظاً على
قوة النظام، حسب تقرير نشرته صحيفة "دي فيلت" الألمانية الأحد.
الصحيفة الألمانيّة رأت في تقريرها، أن وراء هذه العباءة الخفيّة والغموض، يلعب ماهر دوراً رئيسياً في سورية وخاصة في القرارات العسكرية، إذ يُعتبر رجلاً مهماً بل وضرورياً لبقاء نظام بشار الأسد، فهو (أي ماهر) القائد لقوات النظام المكلفة بحماية العاصمة دمشق وضواحيها، تلك القوات المؤلفة من فئة النخبة في جيش النظام، يتكفلون بمنع الثوار من السيطرة على العاصمة أو حتى دخولها.
وتضيف الصحيفة أن "ماهر يعتبر واحداً من العقول المدبرة لحملة القمع العنيفة ضد المعارضة، والوقوف بوجه الثورة التي هزت البلاد لأكثر من سنتين ونصف السنة بوحشية، ومعروف عنه سمعته السيئة خاصة في تعامله مع المعارضين للنظام، كونه لا رحمة لديه على الإطلاق".
لا جانب للإنسانية في هذا الرجل، فجميع من يحيط به وخاصة الدائرة المقربة له من الأصدقاء والزملاء وحتى الأعداء يصفونه بأنه رجل عسكري بكل مواصفاته، حسب ما نشرته الصحيفة في إشارة إلى القساوة والصرامة العسكرية في التعامل مع كل مواقف الحياة لدى هذا الرجل، الذي جنّد الفرقة الرابعة للمدرعات بعتادها وعددها المؤلف من 14 ألف جندي، تحت إمرته وقيادته، وهي رهن إشارة منه، وأغلب الذين ينتمون للفرقة الرابعة هم كما عائلة الأسد من الأقلية العلويّة، والتي تنظر إلى ما يجري على أنه بمثابة صراع من أجل البقاء.
الفرقة كما تصفها الصحيفة هي أفضل الفرق العسكرية على الإطلاق، وأكثرها بل وأفضلها تجهيزاً وتدريباً من بقية الفرق العسكريّة في جيش النظام، ويشهد السوريون لهذه الفرقة سمعتها السيئة ووحشيتها بارتكاب المجازر، فالفرقة نفسها والتي يقودها ماهر نفذت عمليات دمويّة ضد المتظاهرين السلميين العام الماضي وحتى في الأيام الأولى من انطلاق الثورة.
في جزء من التقرير تنقل الصحيفة شهادات ومقابلات مع نشطاء الثورة، هم في قلب الحدث بسوريا، تقول إحداها أن ماهر الأسد معروف لدى الشعب السوري "بالجزار الذي لا يرحم".
لا لغة حوار لدى هذا الرجل، كما صرح فواز جرجس، مدير مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، لـ "دي فيلت" قائلاً: "منذ البداية، كان ماهر مقتنعا بأن الثورة يجب سحقها قبل اتخاذ أي محادثات أو حوار" مع أحد، ويضيف جرجس، أن بقاء النظام يعتمد على قدرة ماهر من منع تسلل الثوار إلى دمشق وبالتالي السيطرة عليها، "فإذا سقطت دمشق، سقط النظام"، إلا أن ماهر الأسد بوحشيته حوّل الجيش العربي السوري إلى آلة قتل.
ووفقاً لما نقلته الصحيفة عن نشطاء المعارضة فإن قوات النظام وبالتحديد الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد هي من استخدمت الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين في الغوطتين بدمشق يوم 21 آب/أغسطس الماضي.
ماهر الأسد، برز دوره كأساسي فيما يجري، وأصبح ذا أهمية أكبر مع مرور الوقت، خاصة بعد مقتل صهره آصف شوكت بانفجار، وأيضاً مغادرة بشرى أرملة آصف والشقيقة الأكبر سناً بين أخوة الأسد، إذ كانت بمثابة خبيرة استشاريّة مهمة لبشار على حد قول الصحيفة وذلك قبل مغادرتها للبلاد على ما يبدو، ورغم وجود عدد من أبناء عمومة الأسد في مناصب أمنيّة مهمة وكبيرة، إلا أن ماهر لديه إلى حد بعيد الدور الأبرز في إدارة ما يجري.
عن شخصيته وعلاقات المقربين به، تنقل الصحيفة على لسان أحد الجنرالات اللبنانية السابقة قوله: "إن ماهر الأسد رجل يحظى احترام الجميع بسبب قدراته وشجاعته، ويخشونه بسبب قساوته وصرامته. إلا أن هذا لا يكون إلا بتأمين الدائرة التي تحيط به وضمان ولائهم له، وذلك من خلال تقديمه الرشاوي المتمثلة بهدايا قيّمة وبالمال وتوفير المخدرات، وتقديم السيارات وصولاً للمنازل الفخمة" حسب معارضين.
وذكرت الصحيفة في نهاية تقريرها، أن ماهر متزوج من سيدة سنية وهو يعيش مع زوجته، جنباً إلى جنب مع ابنتيه وابنه الرضيع، في فيلا بالقرب من القصر الرئاسي بدمشق.