الرباط ـ رضوان مبشور
أبرزت غالبية الصحف المغربية، الصادرة صباح الثلاثاء، الناطقة باللغتين العربية والفرنسية، قرار حكومة عبدالإله بنكيران بتفعيل نظام "المقايسة" في أسعار المحروقات، وإخضاعها إلى تقلبات السوق الدولية. وتباينت عناوين الصحف المغربية، بين من اعتبر الزيادة تُهدد شعبية بنكيران والقدرة الشرائية للمواطن المغربي على حد سواء، وبين من انتقد الظرفية الحالية لتفعيل هذا القرار،
بتزامنه مع الدخول المدرسي، واقتراب عيد الأضحى، فيما رأى آخرون القرار بمثابة بداية لإصلاح "صندوق المقاصة"، الذي يُكلّف خزانة الدولة أكثر من 40 مليار درهم سنويًا.
وعنونت جريدة "الصباح" صدر صفحتها الأولى وكتبت "حكومة بنكيران تُشعل أسعار المحروقات من جديد"، وقالت في التفاصيل، نقلاً عن مصادرها، "إن الحكومة ستُباشر حملة تواصلية من أجل توضيح الأسباب التي أدت إلى إقرار الزيادة الثانية، بعد الزيادة الأولى التي أُقرّت في حزيران/يونيو 2012، وأنه رغم الزيادة الأخيرة فإن الدولة لا تزال تدعم الغازوال بدرهمين و 66 سنتيما في اللتر و 80 سنتيما بالنسبة إلى البنزين".
وقالت جريدة "أخبار اليوم"، في صفحتها الأولى، "إن الزيادة الثانية لأسعار المحروقات تُهدد شعبية بنكيران والقدرة الشرائية للمواطن، وأن الحكومة اختارت الخيار السهل عن طريق التحرير الجزئي للأسعار أو ما يُعرف بنظام المقايسة، حيث أقدمت على رفع سعر البنزين بقيمة 0.59 درهم إلى 12.77 درهمًا للتر الواحد، وسعر الغازوال بقيمة 0.69 درهم إلى 8.84 درهمًا للتر، وسعر الفيول الصناعي بقيمة 622.88 درهمًا إلى 5328.92 درهمًا للطن الواحد"، وانتقدت الجريدة قرار الحكومة، واعتبرته "عجزًا على إصلاح صندوق المقاصة الذي يستفيد منه الأغنياء أكثر بكثير من الفقراء".
وذكرت جريدة "المساء"، في صفحتها الأولى بعنوان عريض "بنكيران يكوي المغاربة بزيادة جديدة في أسعار المحروقات"، معتبرة أن "الزيادة ضربة جديدة للقدرة الشرائية للمغاربة"، وانتقدت الحكومة قائلة، "إنها لم تُكلّف نفسها عناء الإعلان عن الأسعار الجديدة للمحروقات في بيان رسمي، كما دأبت على ذلك منذ سنوات، بل تركت لمحطات الوقود مهمة إخبار المواطنين بالزيادات الجديدة، وهو ما أدى إلى ارتباك كبير على مستوى عدد من المحطات، خصوصًا أن أفواجًا كبيرة من المواطنين تقاطرت على هذه المحطات في الساعات الأخيرة من ليلة الأحد، من أجل اقتناء البنزين والغازوال بأسعار ما قبل الزيادة".
وعنونت جريدة "الأخبار" صفحتها الأولى بـ "رئيس الحكومة يصدم المغاربة بزيادات جديدة في أسعار المحروقات"، ونقلت عن زعيم حزب "الاستقلال" حميد شباط اتهامه لحكومة بنكيران بـ"النفاق والكذب على المواطنين"، حيث قال "إن الوزير بوليف (المكلف بالحكامة) أكبر كذّاب، لأنه ظل يتكلم عن الزيادة في أسعار المحروقات، وحكومة بنكيران حكومة المنافقين والعياذ بالله، هي ضد الشعب، وستقرر زيادات أخرى في أسعار المواد الاستهلاكية"، واصفًا بنكيران بأنه "بطل العالم في رفع الأسعار".
واختارت جريدة "الأحداث المغربية" عنوان "الحكومة تُفاجئ المغاربة بزيادة ثانية في أسعار المحروقات"، وقالت "إن المستهلك المغربي أصبح تحت رحمة الزيادات، زيادات في أثمان الحليب، وأخرى مرتقبة في أسعار الخبز، واليوم زيادات في أسعار البنزين والغازوال، وكذلك ثمن قنينات الغاز، ويجهل ما تحمله الأيام المقبلة من زيادات"، فيما تحدثت عن الظرفية التي طُبِّقت فيها هذه الزيادة، وقالت "إنها ظرفية صعبة تزامنت مع الدخول المدرسي ونهاية العطلة الصيفية، وكذلك انتظار عيد الأضحى، فترة لا تناسب نهائيًا القدرة الاستهلاكية لمجموع الأسر المغربية، وباتت تُهدد بتوترات اجتماعية"، على حد تعبير الجريدة.
وكتبت صحيفة "العلم"، لسان حزب "الاستقلال" المنسحب حديثًا من الحكومة، في صفحتها الأولى تحت عنوان "ارتباك في قطاع النقل بعد دخول الزيادة في المحروقات حيز التنفيذ والحكومة متسترة عن موضوع التأمين"، أن "الزيادة جدّ قوية، وتجاوزت القيمة المتوقعة التي لم تكن تتجاوز الخمسين سنتيمًا في اللتر الواحد، كما وعدت الحكومة بذلك، بيد أن الحكومة ذاتها لم تفِ بوعدها، ولم تُخبر الرأي العام عن المبلغ الحقيقي لقيمة عقد التأمين الذي يُفترض أن تكون قد أبرمته مع إحدى شركات التأمين، وأن الحكومة أحجمت حتى الآن عن توضيح ما إذا كانت قد اعتمدت الإجراءات الشفافة والنزيهة في إنجاز هذه الصفقة، وهكذا يجهل ما إذا كانت الحكومة قد أعلنت عن طلب عروض مفتوح شفاف، أم أنها انتقت شركة معينة؟".
وقد وصل صدى الزيادة في أسعار المحروقات في المغرب إلى الصحافة الجزائرية، حيث كتبت جريدة "الشروق" الجزائرية، على موقعها الرسمي على الإنترنت، أن "قرار الزيادة في أسعار المحروقات في المغرب يأتي بعد أن شددت الجزائر الرقابة على الوقود المُهرّب، مما أدى إلى أزمة تموين ضخمة كانت من نتائجها ارتفاع أسعار نقل المسافرين والبضائع، وأن تبعات استيقاظ السلطات الجزائرية لمنع تهريب وقودها بدأت تظهر في الجهة الأخرى من الحدود المغربية، حيث قررت السلطات المغربية إحداث تغيير جذري على أسعار الوقود، من خلال مراجعة الأسعار مرتين في الشهر، في ضوء تقلبات سعر البرميل في الأسواق الدولية، وأن القرار مرتبط بتقليص كمية الوقود الجزائري المهرب إلى الأراضي المغربية، إلى مستوى تاريخي، عبر اتخاذ إجراءات عدة من بينها تسقيف بيع الوقود على مستوى محطات البنزين في الولايات الحدودية مثل تلمسان، فكانت الأرقام الرسمية تُشير إلى تهريب 1.5 مليون لتر من الوقود كل عام عبر الحدود خصوصًا في اتجاه المغرب".