الرباط ـ رضوان مبشور
ندد حزب "الاستقلال" المغربي، المُنسحب حديثًا من الحكومة، بقرار حكومة عبدالإله بنكيران بالزيادة في أسعار المحروقات، عبر تفعيل نظام "المقايسة"، والقاضي بإخضاعها إلى تقلبات السوق الدولية، متهمًا الحكومة بـ"الإجهاز على القدرة الشرائية للمواطنين، وتحريضها على زعزعة استقرار الوطن".
واعتبر "الاستقلال"، انسحابه من الحكومة، قد تأسس على اعتباره أية زيادة في الأسعار
"خطًا أحمر"، داعيًا أعضاءه كافة إلى التعبئة الشاملة لمواجهة السياسات الحكومية التي وصفها بـ"الفاشلة"، وتنظيم وقفات احتجاجية، بدءًا من الإثنين، في أرجاء المملكة جميعها.
ويأتي هجوم حزب "الاستقلال" شديد اللهجة، بعد إقدام حكومة بنكيران، الإثنين، على تفعيل نظام "المقايسة" في أسعار المحروقات، حيث ارتفع سعر اللتر الواحد من مادة الغازوال بـ 69 سنتيمًا ليصل إلى 8.90 درهما للتر (1 دولار يساوي تقريبا 8.4 درهمًا)، كما ارتفع سعر ثمن مادة البنزين بـ 59 سنتيمًا، ليصل إلى 12.83 درهمًا للتر، في حين وصلت الزيادة في سعر الفيول الصناعي إلى 663 درهمًا.
وقال الحزب في بيان له، حصل "المغرب اليوم" على نسخة منه، الإثنين، "إن حكومة عبدالإله بنكيران أبت إلا أن تُقدم هدية مسمومة إلى المواطن المغربي، في هذه اللحظة الدقيقة على المستوى الوطني والدولي، وفي ظل وضعية سياسية واجتماعية واقتصادية متأزمة، نتيجة السياسات العمومية الفاشلة التي تم إعمالها منذ تشكيل هذه الحكومة، والتي تميزت في عدد من جوانبها بنزعة تجريبية، تفتقد إلى الحس الوطني والكفاءة اللازمة، حيث أثقلت هذه السياسات كاهل الأسر المغربية، ونحذر من أن هذه الزيادة في أسعار المحروقات سيليها زيادات أخرى في نقل السلع والمسافرين"، معتبرًا الظرفية التي تمت فيها هذه الزيادة، تتسم بـ"معاناة الأسر المغربية من تدبير انعكاسات متطلبات شهر رمضان المبارك، والعطلة الصيفية، والدخول المدرسي، وما ينتظرها بشأن عيد الأضحى، حيث قررت الحكومة بإرادة منفردة وفي غياب أي حوار وطني، إعمال هذه الزيادة الجديدة، مما يعتبر استفزازًا للشعب المغربي، ولكل القوى الوطنية الديمقراطية".
وتابع بيان "الاستقلال"، "إن الحكومة نفّذت ما حذر منه الحزب طويلاً، وهو الزيادة في أسعار المحروقات، إذ يأتي هذا الإجراء في سياق مسلسل طويل من الإجهاز على القدرة الشرائية للمواطنين، فبعد الزيادة في أسعار قنينة الغاز عبر التلاعب في وزنها، والصمت عن الزيادة في سعرها في عدد من المدن والقرى، وبعد التلاعب في وزن عدد من السلع والمواد الاستهلاكية، وفي ظل غياب كلي لأية مراقبة لحماية المواطن المغربي، وبعد الزيادة المستفزة في أسعار الحليب ومشتقاته، يأتي الدور اليوم على المنتجات البترولية، البنزين والغازوال والفيول الصناعي، وهذه الزيادة تأتي استجابةً لتعليمات خارجية تقضي بتفعيل الزيادة في الأسعار، في ظل مقاربة حسابية تسعى إلى تفقير الشعب المغربي ووضع الاقتصاد الوطني تحت وصاية المؤسسات المالية الأجنبية، وضرب الاستقرار الاجتماعي، من خلال الإجهاز على صندوق المقاصة (صندوق موازنة الأسعار)، عبر حلول ترقيعية تستهدف جيوب أبناء الشعب المغربي، وحذر (الاستقلال) مرارًا من تداعيات الزيادة في أسعار المحروقات أثناء مناقشة القانون المالي 2013، وأن التصريح الحكومي وضع عملية مراجعة تركيبة الأسعار في صدر أولويات إصلاح منظومة المقاصة (موازنة الأسعار)".
وذكّر الحزب المغاربة بمضامين المذكرة التفصيلية التي قدمتها اللجنة المركزية له في آذار/مارس الماضي، إلى رئيس الحكومة بنكيران، وقال "إنه أكد من خلالها ضرورة إصلاح صندوق المقاصة، وأن الحكومة تخلت عن هذا الالتزام، وسعت إلى الحلول السهلة التي تستهدف المواطن البسيط والقدرة التنافسية للمؤسسات الاقتصادية الوطنية، بدل استهداف اللوبيات التي تستفيد من حلقات الدعم الواسع، وأن (الاستقلال) تعامل بوطنية عالية مع ممارسات تافهة وأساليب بذيئة وعقلية تسلطية داخل الحكومة وداخل الوطن"، داعيًا "الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين جميعهم إلى تشكيل كتلة وطنية للتصدي لهذه السياسات اللاشعبية واللاوطنية، والعمل الجماعي المشترك لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، وحماية كرامتهم التي يتم امتهانها بصورة مستفزة من قِبل حكومة فقدت صلتها بالجماهير الشعبية، وتسعى رئاستها إلى التماهي مع ما يقع في بلدان الجوار، وهو ما يعني ردة ديمقراطية مسيئة للتضحيات الطويلة التي قدمها الشعب المغربي وقواه الحية على امتداد عقود"، على حد تعبير البيان.
ودعا "الاستقلال" إلى مواجهة اجتماعية شاملة لحكومة بنكيران، متهمًا إياها بـ"رعاية الفساد وحمايته"، مضيفًا أن "الحكومة تضرب بمصالح المواطنين والفاعلين الاقتصاديين الوطنيين عرض الحائط، وهو ما يُعتبر تحريضًا رخيصًا على استقرار الوطن، وإذ يعلنها حزب (الاستقلال) مواجهة شاملة، فإنه سيلجأ إلى كل الأساليب السلمية للاحتجاج على هذه الحكومة الفاشلة، التي يتم تدبيرها بطريقة بدائية أضاعت على المغرب فرصة استثمار الأوضاع الصعبة لدى منافسينا في حوض البحر الأبيض المتوسط، وجعل المملكة قبلة للاستثمارات، مما كان سيُعزز خلق فرص العمل وجلب العملة الصعبة".