غزة – محمد حبيب
غزة – محمد حبيب
بدأت حركة حماس وحكومتها في قطاع غزة، اتخاذ قرارات عملية للتوقف عن الحديث في الشأن المصري، في خطوة تهدف الحد من توتير الأجواء مع مصر.
وفي هذا السياق فقد دعا وزير أوقاف حكومة حماس في غزة، إسماعيل رضوان، خطباء المساجد والوعاظ إلى عدم الحديث عن الشأن
الداخلي المصري وعدم التحدث بأمور يمكن أن تثير حفيظة الآخرين.
وقال رضوان في تصريح وصل "المغرب اليوم": "يمكن أن نتحدث في الإطار الإيماني والحديث عن الابتلاءات، والثقة بالله، وحقن الدماء في مثل هذه القضايا"، مطالبا بضرورة الانضباط والالتزام بتعليمات وزارة الأوقاف، والتركيز على الاعتداءات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين وخاصةً في القدس.
واضاف: "لا بد أن يحرص الخطيب على اختيار الموضوع الذي يناسب أحوال الناس، وملامسة همومهم ومعالجة قضايا الناس، والمزج بين التربية والإيمانية والروحانية، وما بين توجيه الناس إلى ما يصلح أحوالهم ومعاشهم وآخرتهم، من خلال طرح الموضوع المناسب والابتعاد عن الموضوعات الجدلية والخلافية والبعد عن التنفير والتكفير والسب والشتائم".
إلى ذلك ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية، الأربعاء، أن عضو المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبو مرزوق، المتواجد في القاهرة، قد أرسل برقية الى قيادة حماس في غزة، حذر فيها من مظاهر علنية لتأييد الإخوان المسلمين، وطالبهم بالكف عن كل النشاطات التي تنطوي على دعم الإخوان، والرئيس المعزول محمد مرسي.
ووفقا للصحيفة، فإن أبو مرزوق "طالب هنية في الرسالة، بمنع التصريحات والمظاهرات ضد الجيش المصري، والانقلاب العسكري في مصر"، وأن هذه الرسالة تأتي على خلفية العرض العسكري لفصائل فلسطينية، الجمعة الماضي، الذي ظهرت فيه شعارات تؤيد الإخوان المسلمين.
وتقول الصحيفة، بأن برقية أبو مرزوق تظهر المعضلة الشديدة، التي علقت فيها حركة حماس، كنتيجة للتقلبات في مصر، والتي تهدد استمرار أدائها كحكومة في ظل تقديم محمد مرسي للمحاكمة، وإقدام الجيش المصري على هدم معظم الأنفاق، وإيجاد قاطع أمني مع إغلاق وفتح معبر رفح دون إشعار مسبق، ما يزيد من معاناة حكومة حماس التي تقول الصحيفة بأن "أنبوب الهواء الاقتصادي- السياسي والعسكري لها سينقطع".
وحسب الصحيفة، فإن حكومة حماس تحتاج شهريا إلى نحو 37 مليون دولار لتمويل نشاطها ودفع الرواتب التي دفعت منها عشية عيد الفطر جزءا يصل لنحو ألف شيكل فقط، وليس واضحا من أين ستجد المال لدفع رواتب الشهر لنحو 42 ألف موظف.
وتشير الصحيفة إلى أن حركة حماس التي فقدت اتصالاتها مع النظام السوري بسبب الأزمة في البلاد، فقدت أيضا سندا مهما متمثلا في إيران التي أوقفت معظم مساعداتها المالية، وأن إيران ترسل "فتات" من الأموال للحركة التي اهتزت مع استيلاء الجيش على الحكم في مصر، وتُوصف كأنها عدو لمصر في وسائل الإعلام المصرية وأنه يجب محاربتها.
وتضيف الصحيفة "كما أن الضغط الأيديولوجي على حماس يزداد بسبب اتفاق وقف النار الذي وقعته مع إسرائيل، بعد حملة عامود السحاب، وبات يتساءل خصومها (هل لا تزال حماس حركة مقاومة في ضوء هذا الاتفاق؟)، فصيغة الاتفاق الذي يتحدث عن (وقف كل الأعمال العدائية بين الطرفين)، تدل بادعاء خصوم حماس، على أنها وافقت على تعريف أعمالها ضد إسرائيل كأعمال عدائية وليس كأعمال مقاومة، وهكذا شطبت الأساس الوطني والأيديولوجي لوجودها العسكري".
ولفتت الصحيفة لإشارة القيادي في حماس، موسى أبو مرزوق، على صفحته على "فيس بوك" حول هذا الاتفاق نهاية الأسبوع الماضي، مبينة أنه شدد على أن حماس وقعت اتفاق تهدئة وليس هدنة. حيث رأت الصحيفة في حديثه بأن "النتيجة واحدة أن حماس ممنوعة حسب الاتفاق من العمل ضد إسرائيل وقواتها ستعمل على حماية الحدود من أي هجمات".
وتابعت الصحيفة: "في حيال هذه الجبهات تجد قيادة حماس صعوبة في أن تقرر خط عمل تخرجها من الأزمة الداخلية والعربية، والمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين وتصريحات محمود عباس عن نيته إجراء انتخابات في الضفة، خلافا لموقف حماس، ما يدفع الحركة إلى الزاوية، إذا ما وافقت على التعاون في الانتخابات، فقد تتكبد هزيمة عسيرة، وإذا واصلت معارضتها، فقد تجد نفسها خارج اللعبة السياسية ودون رافعة سياسية داعمة من الدول العربية".
وتختم الصحيفة: "القناة الوحيدة التي تقف أمام حماس في هذه اللحظة هي تطبيق اتفاق المصالحة الذي وقعته مع فتح، غير أنه وبسبب ضعفها في غزة، فان من شأن تطبيق الاتفاق أن يقضم من الانجازات التي أملت حماس في تحقيقها".
وتعيش حركة حماس ظروفاً صعبة بعد عزل الرئيس المصري محمد مرسي الذي حكم مصر مدة عام واحد، وسقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر.
وقال عدد من المراقبين أن حماس تعيش عزلة سياسية بعد خسارة حلفائها في المنطقة "سوريا وإيران وحزب الله"، ومؤخراً سقوط حكم الإخوان في مصر.
وقال حسن عبدو المختص في قضايا الشرق الأوسط، أن "حماس تعيش ظروفاً صعبة بعد الضربة التي وجهت لحكم الإخوان المسلمين في مصر".
وأضاف عبدو "، "كما أن فقدانها علاقات مهمة مع إيران وسوريا وحزب الله، ودول خليجية مثل السعودية والإمارات، فهي تعيش الآن بدون شك ظروف صعبة".
وعن الخيارات التي توجد أمام حركة حماس بعد خسارة حلفائها، قال: "حماس هي حركة مقاومة وتستمد أهميتها من ذلك، وبالتالي هي تراهن على هذا البعد المقاومة للاحتلال، هذا البعد يضل عاملاً مهماً في التفاف الجماهير حولها، بعد خسارة حلفائها".
من جهته قال د. مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، أن "حماس تعيش عزلة سياسية بعد خسارة حلفائها في دمشق وطهران وحزب الله اللبناني، وتغير النظام في قطر، ناهيك عن سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر مؤخراً.
وأضاف مخيمر، "لم يتبقى لحركة حماس حلفاء سوى تركيا في الوقت الحاضر"، مشيراً إلى أن ما حدث في مصر سيكون له نتائج عكسية على قطاع غزة، قائلاً: "سيكون هناك عزلة على قطاع غزة بسبب التحريض الإعلامي الذي يمارس ضد حماس والفلسطينيين".
وتابع مخيمر "مطلوب من حماس الآن التواصل مع الجهات الأمنية المصرية (جهاز المخابرات العامة)، بصفته المسؤول عن حلقة التواصل مع الجانب المصري"، مشيراً أن حلقة التواصل للفلسطينيين مع مصر كان جهاز المخابرات العامة منذ حكم الرئيس حسني مبارك، واستمر ذلك بعد إدارة المجلس العسكري شؤون البلاد، وحتى في ظل حكم مرسي".
بدوره، رأى المحلل السياسي هاني حبيب أن "عزل الرئيس مرسي شكل ضربة للإخوان المسلمين في كل مكان خصوصاً في قطاع غزة".
وأشار حبيب إلى "صدمة" حماس مما جرى في مصر، موضحاً أن "هذا ما يبرر اجتماعاتها المتكررة لدراسة معمقة للنتائج المترتبة على ما حدث في مصر لأن حماس تدرك المنحنى الهائل والخطير في الأيام القادمة عليها بسبب دعمها وعلاقتها بالإخوان".