نيويورك ـ مادلين سعادة
أكّدت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أن المعلومات التي ستنشرها ستُقدّم الدليل على أن هجوم الأسلحة الكيميائية قامت به القوات السورية، وذلك بهدف دعم قيامها بالردّ على ذلك بضربة عسكرية ضدّ سورية، إلا أن الفساد الاستخباراتي الأميركي بشأن العراق لا يزال يُلقي بظلاله على قرارات شنّ حرب في الشرق الأوسط، الأمر الذي سيضع البيت الأبيض في مواجهة مع رأي عامّ أميركي يتشكّك جدًا بشأن
الانزلاق في الصراع السوري، وغضب نواب الحزبين (الجمهوري) و(الديمقراطي) بسبب احتمال قيام الرئيس الأميركي مرة أخرى بحرب من دون استشارة الكونغرس أو الحصول على موافقته، فيما كشف استطلاع للرأي، الشهر الماضي، عن أن 61 في المائة من الشعب الأميركي لا يرى في التدخل في سورية مصلحة قومية.
ذكرت تقارير صحافية أميركية أن كل الشواهد تؤكّد تعرُّض الآلاف من السوريين لهجوم بالغازات السامة، خلال الأسبوع الماضي، ولا يمكن لأحد أن ينكر وقوع مذبحة، حيث يصطَفُّ العديد من جثث الموتى على أرض المستشفى، أمّا الذين ما زالوا على قيد الحياة فهم في حالة تشنُّج، ويتَلوَّوْن من شدّة الألم.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز": "إن البيت الأبيض يواجه عقبات شديدة وهو يستعدّ لعرض أهمّ بيان استخباراتي له منذ شباط/ فبراير 2003 عندما قام وزير الخارجية آنذاك كولين باول بالاستعانة بمعلومات استخباراتية ثبت عدَمُ صحتها في ما بعد، بشأن برامج أسلحة الدمار الشامل في العراق.
وبعد ما يزيد عن عشر سنوات تقول إدارة أوباما إن المعلومات التي ستنشرها ستُقدّم الدليل على أن هجوم الأسلحة الكيميائية قامت به القوات السورية، وذلك بهدف دعم قيامها بالردّ على ذلك بضربة عسكرية ضدّ سورية.
وتابعت الصحيفة "إلا أن الفساد الاستخباراتي الأميركي بشأن العراق لا يزال يُلقي بظلاله على قرارات شن حرب في الشرق الأوسط، الأمر الذي سيضع البيت الأبيض في مواجهة مع رأي عامّ أميركي يتشكّك جدًا بشأن الانزلاق في الصراع السوري، وغضب نواب الحزبين (الجمهوري) و(الديمقراطي) بسبب احتمال قيام الرئيس الأميركي مرة أخرى بحرب من دون استشارة الكونغرس أو الحصول على موافقته".
ونسبت الصحيفة إلى مسؤولين أميركيين قولهم، الأربعاء، إنه لا يوجد "دليل دامغ" على ارتباط الرئيس السوري بشار الأسد مباشرة بالهجوم الكيميائي، كما حاول هؤلاء التقليل من شأن التوقُّعات المنتظرة من البيان الاستخباراتي الأميركي، وقالوا إنها ستحتوي على اتصالات تم التقاطها إلكترونيًا بين القيادات العسكرية السورية أو تقرير مُفصَّل من جواسيس أو مصادر على أرض الواقع.
وأضافت الصحيفة "حتى ولو لم يكن هناك دليل يربط الأسد بالهجوم فإن المسؤولين في الإدارة الأميركية يؤكّدون أن الزعيم السوري يتحمّل المسؤولية المطلقة عما تقوم به قواته من أعمال، ولا بُدّ من محاسبته على ذلك".
وتقول المصادر الأميركية "إن الاتصالات التي جرت بين القيادات العسكرية السورية بعد هجوم الأربعاء تُقدّم الدليل على أن الهجوم لم يكن نتيجة قيام وحدة عسكرية متمردة بتحدّي الأوامر، ولم يُعرفْ بعدُ ما إذا كانت الحكومة الأميركية ستنشر تلك الاتصالات أم لا".
وقال أوباما في مقابلة تليفزيونية، الأربعاء، إنه لم يتخذ بعدُ قرارًا بشأن القيام بعمل عسكري، ولكنه أكّد أن الضربة العسكرية يمكن أن تكون على سبيل التحذير، وتحمل رسالة إلى الحكومة السورية بعدم تكرار ذلك مُجدّدًا، وأنها يمكن أن تحمل تأثيرًا إيجابيًا على الأمن القومي الأميركي على المدى البعيد.
وأثارت هذه اللهجة الميّالة إلى الحرب والقتال غضَبَ بعض أعضاء الكونغرس من الحزب الديمقراطي، بسبب عدم ميل البيت الأبيض على ما يبدو إلى السعي للحصول على موافقة الكونغرس قبل شن الهجوم على سورية.
وقال العضو الديمقراطي آدم سميث إنه قلق بشأن مدى فعالية مثل هذه الضربة العسكرية، وما إذا كان ذلك سيجُرّ الولايات المتحدة إلى مزيد من التورُّط على نطاق أوسع في الحرب الأهلية السورية.
وأعلن خبراء أنه وعلى الرغم من أن إدارة أوباما تُصِرّ على أن الصور الغرافيكية للهجوم تكفي كمبرّر للقيام بضربة عسكرية ضد الحكومة السورية إلا أن البيت الأبيض يقع على عاتقه عبءُ الإثبات وتقديم ما يملكه من أدلة، إلا أنه وعلى ما يبدو فإن البيان الاستخباراتي الأميركي بشأن تقديم الدليل على تورُّط الحكومة السورية في الهجوم سيكون محدودًا.
وقالت مصادر رسمية أميركية "إن تقييم الاستخبارات الأميركية الذي يقومون بإعداده لعرضه على الرأي العام الأميركي سيكون أشبه بالبيان الصحافيّ المتواضع الذي أعلنه البيت الأبيض في حزيران/ يونيو الماضي، والذي قال فيه إن الأسد استخدم الأسلحة الكيميائية بكمية محدودة ضد المعارضة مرات عدّة خلال العام الماضي".
وبعث رئيس مجلس النواب الأميركي برسالة إلى أوباما، الأربعاء، يطلب منه أن يُقدّم تفسيرًا واضحًا وغير مبهم عن الكيفية التي سيُحقّق بها هذا الهجوم الأهداف الأميركية.
وعلى الجانب الآخر، فإن السيناتور جون ماكين ينتقد أوباما لكونه لم يتخذ الإجراءات الكافية، ويقول إن التردد والتشكُّك في العمل العسكري ضد سورية شجع الحكومة السورية على استخدام الأسلحة الكيميائية، وإن أوباما سمح للأسد بأن يعبر الخطوط الحمراء في مناسبات سابقة، كما أنه يتهم أوباما بالإضرار بالمصداقية الأميركية وقدرتها على التأثير في الأحداث في المنطقة، كما اتهم كُلّ من يطالب بعدم التدخل في الشأن السوري بأنهم لا يدركون بأن الصراع الآن بات إقليميًا.
وتعتزم الإدارة الأميركية إطلاع الكونغرس على النسخة السرية من تقييم الاستخبارات بشأن الهجوم الكيميائي.
وتسود الشارع الأميركي مخاوف من تورط أميركا في الحرب الأهلية السورية على الرغم من أن استطلاعات الرأي تقول إنه يقبل بضربة عسكرية محدودة ضد سورية.