طنجة - نوفل الخمليشي
يتوافد على مدن شمال المغرب مئات المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء بشكل يكاد يكون يومياً أملاً في الوصول إلى الضفة الأوربية، لكن مكوثهم فوق التراب المغربي بات يفرز العديد من التداعيات الاجتماعية والتحديات للسلطات المغربية على المستوى الأمني.
في مدينة طنجة شمال المغرب ، تورط العديد من المهاجرين الأفارقة في عمليات ترويج
لمخدر الكوكايين، فيما تورط آخرون في عملية نصب واحتيال وسرقة، وشبكات دعارة، وأمام هذا الوضع جعل الأصوات تتعالى لدى ساكنة المدينة بضرورة إيجاد حل للظاهرة.
ويعزى ترويج المخدرات القوية وفق مصادر مطلعة "للمغرب اليوم" إلى أن معظم هؤلاء المهاجرين الأفارقة يمرون عبر أبرز بؤر المخدارت التي تنشط فيها تنظميات دولية في أفريقيا جنوب الصحراء، وفي رحلتهم نحو التراب المغربي يقومون بتهريب هذه المخدرات إلى الأراضي المغربية لتغطية بعض التكاليف وضمان المال المناسب للهجرة إلى أوربا فيما تحدثت مصادر أخرى عن وجود شبكات دولية منظمة للمخدرات القوية يشتغل فيها أفارقة وذلك لصعوبة مراقبة ما يحملون عند دخولهم المغرب سيرا على الأقدام من دول أفريقيا جنوب الصحراء.
في المدينة القديمة لطنجة تمكنت عناصر الشرطة القضائية قبل أيام فقط، من اعتقال سبعة أشخاص ينحدرون من دول جنوب الصحراء، لتورطهم في قضايا تتعلق بترويج المخدرات القوية في المدينة القديمة. وجرى اعتقال هؤلاء الأشخاص، خلال عملية مداهمة لإحدى المنازل المهجورة حيث كانوا يختبؤون في منزل مهجور من أجل التمويه، لكن يقظة أجهزة الأمن أحبطت مخططهم.، وعلى غرار هذه الحادثة تمكنت مصالح الأمن من اعتقال العشرات في عمليات مماثلة ، كما جرى اعتقال آخرين في معابر حدودية وبحوزتهم مخدرات كانوا ينوون تهريبها إلى دول أوربية.
ويرى ياسين ناشط جمعوي" أن المقاربة الأمنية لوحدها لم تعد تكفي لوقف زحف المهاجرين ويؤكد أنهم يشكلون خطراً بعدما تم اعتقال العشرات منهم في قضايا ترويج مخدرات قوية خاصة مخدر الكوكايين وهذه المخدارت تشكل تهديداً حقيقياً للمجتمع المغربي" ويقترح هذا الشاب أن تتم معالجة قضية الهجرة وفق رؤية إقليمية تشارك فيها دول الجوار والدول الأوربية لمساعدة المغرب على وضع حد للظاهرة.
وتشير معطيات أخرى إلى تورط العديد من المهاجرين الأفارقة في عمليات نصب واحتيال متقنة، ذهب ضحيتها مغاربة وقعوا في فخ الوعود ليجدوا أنفسهم سلبت منهم أموال كبيرة، حيث سجلت حوادث عدة لدى مصالح الأمن.
رشيد تاجر يملك محلاً تجارياً في حي المصلي وسط طنجة، واحد من الذين تعرضوا لعملية نصب واحتيال متقنة الإخراج والتنفيذ، ويقول رشيد إنه في إحدى ليالي شهر نيسان/أبريل، وبينما هو منهمك في عمله تقدما إليه مهاجران من نيجيريا حيث شرعا في حكاية فصول معانتهما خلال رحلة الهجرة سيرا على الأقدام للوصول إلى المغرب، ويضيف رشيد" بعدها بدأ يتحدث أحد المهاجرين عن امتلاكه أموالاً مهمة من عملة اليورو ويريد أن يقوم بتحويلها إلى الدرهم المغربي، وطلب منه مساعدته على هذه العملية" ووافق رشيد تقديم يد المساعدة ولم يكن يعلم أنه سقط في شباك عملية نصب متقنة.
ويضيف التاجر رشيد "في اليوم التالي عاد المهاجران يحملان حقيبة مملوءة بأوراق يقولان إنها من عملة اليورو لكنهما في حاجة إلى سائل خاص يمكن من تحويل كومة أوراق إلى أوراق نقدية حقيقة، راجيين أن أمدّهما بمساعدة مالية لشراء السائل الخاص، ثم يعيدان المبلغ مضاعفاً لي بعد شراء السائل لكن بعدما تمكنا من مبلغ مالي اختفيا فجأة عن الأنظار وتركا لي حقيبة مملوءة بالأوراق قمت بالتخلص منها".
وفي أحد أسواق طنجة الشهيرة المعروفة بسوق كاسابراطا عشرات من المهاجرن الأفارقة، يقفون في الشارع رفقة الباعة المتجولين المغاربة ويعرض معظمهم هواتف نقالة، من الأنواع كلها وبخاصة الذكية منها، لكن عمليات البيع بدروها لم تسلم من النصب، ويقول أحمد، وهو تاجر في السوق" إن الهواتف المعروضة للبيع من ماركات مزورة ويتم بيعها بمبلغ يناهز الهواتف الأصلية والكثير من المشترين تنطلي عليهم الحيلة"
ويطالب أحمد الذي يملك محلاً في السوق الشعبي السلطات المغربية بضرورة التدخل لوقف زحف المهاجرين غير الشرعيين لأنهم حسب قوله يشكلون منافسة غير متوازنة وغير قانونية للمحلات التجارية التي تؤدي مستحقات مختلفة لفائدة الدولة منها الضرائب، ويضيف"المهاجرون يعرضون بضاعتهم بثمن منخفض وهذا يهدد تجارتنا لأنهم لا يؤدون أي مستحقات".
وبالقرب من أحد الإقامات القريبة من الجامعات المغربية، توجد عشرات الأفريقيات تتابعن دراستهن بصفة قانونية لكن الحي يعد أيضاً مقصداً للمهاجرين الأفارقة السريين، لتفادي المتابعة الأمنية، ويكشف سكان الحي عن وجود شبكات للدعارة لأفريقات يقمن بصفة غير قانونية يقدمن خدمات جنسية لمن يدفع أكثر ضمن ما بات يعرف بالجنس الأسود.
ويشرح ياسين خطورة الظاهرة بقوله"لا أحد يعرف الحالة الصحية لمعظم ممتهنات الجنس بعدما عبروا العديد من الدول الأفريقة وتعرضت بعضهن للاغتصاب، كما أن تقارير منظمات دولية كشفت انتشار فيروس السيدا في صفوف بعض المهاجرين الأفارقة الذين دخلوا التراب المغربي فعلاً"
وفي الوقت الذي تنخرط أفريقيات في عالم الدعارة، تفضل أخريات ممارسة مهنة التسول في الأسواق والطرقات الرئيسية، وأمام المساجد لضمان بعض الدراهم يمكنهن من شراء قوتهما اليومي.
وعلى أثر توالي محاولات الهجرة السرية انطلاقاً من السواحل الشمالية للمغرب ،اتخذت السلطات المغربية التي باتت تلعب دور حارس أوربا العديد من الخطوات لأحباط محاولات الهجرة. حيث وجهت مصالح الأمن الوطني والدرك الملكي إلى شركات النقل وسائقي سيارات الأجرة، تعليمات مشددة بالامتناع عن السماح للأشخاص من ذوي الجنسيات الأفريقية جنوب الصحراء، بالسفر على متن عرابتهم، وبخاصة الخطوط المتوجهة إلى المناطق الحدودية الواقعة في الشمال والشمال الشرقي.
وحثت هذه التعلميات أيضا على الامتناع عن نقل أي شخص يتبين أنه من إحدى دول جنوب الصحراء الأفريقية، نحو بعض الوجهات، مثل مدن المضيق والفنيدق وتطوان وغيرها من المدن القريبة من الحدودية الشمالية للمملكة، وذلك بالنظر إلى أن هذه المناطق نقطة الانطلاق نحو الضفة الأوربية.
ويكشف مصدر متابع لعمليات الهجرة السرية" للمغرب اليوم"،أن مكافحة هذه الظاهرة بات يشكل تحديا حقيقا للسلطات المغربية وذلك نظراً للأعداد الهائلة التي تحاول الهجرة يوميا، وهو ما يتطلب تجهيزات ومعدات كبيرة لمواجهة هذه الظاهرة حيث يوجد قرب تطوان فقط أزيد من 500 مهاجر مختبئين في الغابات يحاولون انتهاز الفرصة المناسبة للهجرة إلى أوربا.
مصالح الأمن التي تقوم بمجهودات كبيرة لتوقيف المهاجرين تواجه في بعض الحالات بمقاومة عنفية من طرف المهاجرين الأفارقة، كما أحبطت عشرات محاولات للهجرة السرية من طرف مهاجرين أفارقة كانوا على أهبة الاستعداد للإبحار في اتجاه الضفة الأوربية انطلاقا من سواحل مدينة طنجة شمال المغرب.