الجزائر- نسيمة ورقلي
مضى عام كامل على الانتخابات التشريعية في الجزائر، وسط دعوات حزبية لحل المؤسسة التشريعية، والتي أصبحت وفقا لأحزاب معارضة عدة، مجرد هيئة تشريعية مشلولة في يد الجهاز التنفيذي، لا تتجاوز مهامها المصادقة على القوانين التي تقترحها الحكومة، في حين تبقى أي مبادرة لاقتراح مشاريع قوانين تعود بالفائدة على الوطن وتستجيب لانشغالات المواطنين حبيسة أدراج مكتب المجلس الشعبي الوطني .وطالب القيادي في جبهة"العدالة والتنمية" والنائب في المجلس الشعبي الوطني لخضر بن خلاف في تصريحات لـ"العرب اليوم" بحل البرلمان الحالي وترتيب انتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة للخروج ببرلمان يعبر نوابه عن الإرادة الشعبية، خصوصا وأن التشكيلة الحالية للمجلس الشعبي الوطني وصلت عن طريق انتخابات تشريعية مزورة بشهادة اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات التشريعية، وهو ما جعل من أداء البرلمان يعرف نفس مستوى الطريقة التي أتى بها، وهو ما يجعل منه برلمان مطعون في شرعيته.وقال إن الأغلبية المفبركة الممثلة في حزبي السلطة تقتل كل مبادرة تقوم بها الأحزاب الأخرى لدى تقديم تعديلات لمشاريع القوانين التي تقدمها الحكومة، لافتا إلى أن البرلمان تحول من هيئة تشريعية إلى وظيفة تشريعية، وتحول نواب الشعب إلى موظفين مثلهم مثل الإداريين، مما جعلهم لا يلتفتون سوى لمصالحهم الخاصة ،ولا يلبون انشغالات مواطنين لم ينتخبوهم.ووصف المكلف بأمانة الإعلام والاتصال لدى حزب جبهة التحرير الوطني الحزب الحاكم بالجزائر قاسة عيسي أداء البرلمان بالـ"عادي"، قائلا لـ"العرب اليوم" إن الانتخابات التشريعية أفرزت "برلمان الإصلاحات"، وأن السنة الأولى من الفترة التشريعية الجديدة كانت مناسبة لتبني جملة القوانين التي تم إصدارها في إطار الإصلاحات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية وتوجيهاته التي أطلقها خلال خطابه في 15 نيسان/أبريل 2015، وهو ما جعل السنة الأولى من الفترة التشريعية السابعة تسير بطريقة عادية، على حد تعبيره.ومن جهته قال النائب الثاني لحركة حمس المنسحبة من التحالف الرئاسي ورئيس الكتلة البرلمانية للتكتل الأخضر بالمجلس الشعبي الوطني نعمان لعور أن المكتب الحالي للمجلس الشعبي الوطني أصبح مجرد غرفة يتم فيها تسجيل مشاريع القوانين التي تأتي بها الحكومة، ولا يقبل بأي مبادرة تأتي خارجها في مجال اقتراح مشاريع القوانين.وأضاف أن التكتل الأخضر تقدم خلال السنة الأولى من هذه الفترة التشريعية الجديدة بأربعة مشاريع قوانين تستوفي الشروط القانونية الموجودة جميعها في القانون العضوي المحدد لتنظيم المجلس الشعبي الوطني، إلا أن تلك المقترحات مازالت حبيسة أدراج مكتب المجلس، و لم تحال إلى الحكومة ولم تقدم للمناقشة.وأشار إلى صعوبة القيام بالمهام الرقابية سواء في مجال إنشاء لجان التحقيق التي عادة ما ترفض بسبب "مواقف سياسية" داخل غرفة البرلمان، أو حتى مسائلة الحكومة ووزرائها خاصة فيما يتعلق بقضايا الفساد، وأيضا في مجال الأسئلة الشفوية والكتابية، التي يتقدم بها النواب ولا ينزل غالبية الوزراء إلى البرلمان للرد عليها.وقال الأمين العام لحركة النهضة فاتح ربيعي لـ"العرب اليوم" إن البرلمان الحالي مؤسسة ضعيفة وهزيلة غير قادرة على أداء مهامها التشريعية من منطلق أنها بنيت على أساس غير صحيح بانتخابات غير شفافة، وأنها أصبحت بيد الجهاز التنفيذي، وأن الأقلية الموجودة فيها جعلت البرلمان لا يستطيع مسائلة الحكومة أوإرغام الوزراء على النزول إليه، أو إنشاء لجان التحقيق في عديد القضايا التي تشغل المجتمع الجزائري.وأوضح "أن هناك عراقيل تواجهونها على المستوى المركزي أو المحلي، حيث يرفض الوزراء والولاة استقبال نواب الشعب لنقل انشغالات المواطنين، وحتى وإن تم نقلها كتابيا لا يتم في العادة الرد عليها، و هو ما جعل من البرلمان الجزائري شبه مشلولا عاجزا عن أداء مهامه.ويبقى البرلمان الجزائري الذي ارتفع عدد مقاعده من 389 إلى 462 في الفترة التشريعية الجديدة والسابعة في تاريخ الجزائر محل جدل في الأوساط السياسية وحتى الشعبية التي عادة ما تنقد أدائه، وتبقى السلطات الجزائرية تتعامل على أساس أن كل المبادرات التشريعية تأتي من الحكومة فقط، ومبررها في ذلك أن نواب الشعب ليسوا أهل للخروج بنص تشريعي، كما يبقى أداء نواب الشعب محل تساؤلات حول مدى قدرتهم في رفع انشغالات المواطنين، ويبقى دورهم مقتصرا في الغالب على المصادقة على مشاريع القوانين أو رفضها والامتناع عنها، كما تزيد الدعوات للخروج بدستور جزائري يفصل فصلا تاما بين السلطتين التشريعيتين والتنفيذيتين.