تونس-أزهار الجربوعي
واصل الجيش التونسي ، الخميس قصف مواقع يشتبه في إنتمائها لعناصر إرهابية في مرتفعات الشعانبي، على خطوط التماس مع الحدود الجزائرية، فيما فند رئيس الحكومة التونسية ، علي العريض، ما تردد من أنباء ، من أن الجزائر إقترحت على تونس المشاركة في عمليات التمشيط ضد العناصر الإرهابية المتحصنة في الجبال الحدودية وإعتبر علي العريض الدعوة الجزائرية بأنها غير مطروحة للنقاش لأنها مسألة سيادية بحتة ، كما نفى وزير الداخلية لطفي بن جدو عزم الولايات المتحدة الأميركية تقديم مساعدات عسكرية لبلاده للتصدي لخطر المجموعات الارهابية المسلحة داعيا إلى إعادة العمل بقانون الإرهاب الذي وضعه نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، إلى حين تنقيح القانون أو سن بديل عنه.وأكد مصدر أمني أن الجيش التونسي، يقصف الخميس، بالدبابات مغاور وكهوف بجبال الشعانبي يشتبه في إستخدامها كمخابئ لعناصر التنظيم الإرهابي الملاحق منذ أكثر من 10 أيام ، فيما أفاد شهود عيان ، أن أدخانة كثيفة تتصاعد من غابات الشمال التونسي في محافظة القصرين قرب الحدود الجزائرية .وفي سياق متصل، نفى رئيس الحكومــة علي العريض، ما تردد من أخبار بشأن عرض قدمته السلطات الجزائريــة للسماح لقواتها بتمشيط المناطق الجبليــة داخل الأراضي التونسية، معتبرا أن هذه المسألة سيادية وغير مطروحة أبدا، " نحن والجزائر على تعاون كامل لحماية بعضنا البعض لأن أمننا مشترك بل هو أمن واحد." جاء ذلك خلال الجلسة التى عُقدت بالمجلس الوطني التأسيسي لمناقشة أخر تطورات الوضع الأمنى عقب الأحداث الأخيرة التي شهدتها منطقة جبال الشعانبى، التي يتمركز فيها عناصر إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.وأكّد علي العريض أن المجموعات المسلّحة في جبال الشعانبي ، متصلة بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، مشددا على أن أجهزة الأمن التونسي تحيط بكافة جوانب الملف ولن تتساهل مع من يهدد أمن الوطن ويستهدف التونسيين.وإعتبر رئيس الحكومة التونسية أن الإرهاب في بلاده، ليس وليد اللحظة بل هو موجود من قبل الثورة، مستعرضا مجموعة من الأحداث الارهابية التي عاشتها البلاد على غرار أحداث سليمان سنة 2006 وأحداث جربة وتفجير معبد الغريبة اليهودي في العام 2002.وفي السياق ذاته إستعرض رئيس الحكومة علي العريض، أمام المجلس الوطني التأسيسي ، إستراتيجية الحكومة الأمنية للمرحلة القادمة مشددا على أنه تم تحديد التوجهات والسياسات في المجال الأمني خلال جلسات أمنية متتالية. ومن أبرز نقاط هذه الإستراتيجية، الإنتشار المستمر للأمن بالتعاون مع وحدات الجيش الوطني وملاحقة العناصر المتورطة في العنف والإرهاب فضلا عن، جمع المعلومات التي تساعد على التعامل مع التنظيمات الإرهابية.كما تطرق علي العريض، إلى ملاحقة شبكة الجريمة العامة وشبكات التهريب وحماية الحدود ، إلى جانب تطوير القدرات الاستخباراتية في تحديد التهديدات الداخلية والخارجية.وقد واجه رئيس الحكومة التونسية علي العريض، إنتقادات لاذعة بشأن طريقة التعامل مع الملف الأمني ومكافحة الارهاب عقب تفجر الوضع في جبال الشعانبي وإصابة ضباط بالأمن والجيش التونسي بجراح خطيرة في إنفجار خيام ملغمة من قبل إرهابيين.واعتبر عدد من نواب المجلس التاسيسي أن وزراة الداخلية التي كانت تحت إشراف رئيس الحكومة الحالي علي العريض، في حكومة حمادي الجبالي السابقة، قد قصّرت في التعاطي مع الملف الأمني واستهانت بالمخاطر التي تواجهها البلاد ولم تقدم الدعم الكافي واللازم لرجل الأمن. وأتهم شق كبير من نواب المعارضة، رئيس الحكومة الحالية ووزير الداخلية الأسبق علي العريض، بالتساهل مع خطر الإرهاب وتغذية التطرف وتشجيع المتشددين وعدم التصدي لهم بحزم وجدية.كما شهدت الجلسة إنسحاب العديد من نواب المجلس الوطني التأسيسي من الجلسة التى خصصت للنقاش حول الوضع الامنى وتطورات الأحداث فى جبل الشعانبى، إحتجاجا على منحهم دقيقة واحدة فقط من قبل رئاس المجلس لمساءلة رئيس الحكومة علي العريض، معتبرين أن الجلسة "عبثية" وأنها مجرد "مسرحية لتمثيل الديمقراطية على الشعب."من جانبه، فند وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو، ما تردد من أخبار عن اعتزام تونس تلقي مساعدات أمنية وعسكرية من الولايات المتحدة الأمريكية تتمثل في طائرات أباتشي للمساعدة في عمليات التمشيط والبحث عن إرهابيي جبل الشعانبيوأوضح لطفي بن جدو أن قانون الإرهاب ما يزال ساري المفعول ولم يتم إلغاؤه، داعيا إلى تفعيل هذا القانون في إنتظار تنقيحه والعمل به لأنه القانون الكفيل بمواجهة الإرهابيين، على حد قوله.ويذكر أن قانون الارهاب الذي سنه الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي قد واجه إنتقادات ومعارضة شديدة من قبل حقوقيين ورجال قانون، ممن إعتبروا أنه وضع خصيصا لارضاء الولايات المتحدة الأمريكية ولقمع معارضي النظام السابق. ويشكل إعتراف الحكومة التونسية الحالية التي يقودها إسلاميون بوجود خطر الارهاب في تونس منذ عهد النظام السابق، نقطة تحول، في مواقف الاسلاميين الذين طالما اتهموا "بن علي" باستنباط قانون الإرهاب وبالترويج لوجود الإرهاب في بلاده لخدمة أغراضه السياسية وتقديم فروض الولاء والطاعة للقوى الغربية، وتصفية خصومه ومعارضيه. على صعيد اخر، أكد وزير الداخلية التونسي، لطفي بن جدو، إلقاء القبض على عنصرين من المجموعة الإرهابية المتحصنة بجبال الشعانبي في محافظة القصرين، موضحا أن العنصرين هما من مُمولي هذه المجموعة.وكشف الوزير التونسي أن الألغام التي تستخدمها المجموعة المسلّحة في جبل الشعانبي يصعب كشفها رغم التجهيزات المتوفّرة لأجهزة الأمن التونسي.وأضاف القول "تمكنا من معرفة مكونات هذه الألغام المصنوعة صنعا يدويا وسنسعى إلى جلب المعدات الكفيلة بكشفها".من جهته، أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع مختار بن نصر أن الألغام المزروعة بجبل الشعانبي مصنوعة من مادة الامونيتر (سماد كيميائي مستخرج من الفسفات)، التي يصعب الكشف عنها وأنه ثمة من يقدم يد العون للمجموعات الارهابية المتحصنة بالجبل.وأضاف بن نصر أن الجيش بصدد شن حرب على الإرهاب لا تحديد زمني لها، خاصة أمام إتساع المنطقة الجبلية التي تضم كهوفا وأودية وغابات ومناطق وعرة، وهو ما يجعل مهمة وحدات الامن والجيش عسيرة، إلا أنه شدد على أن القوات الوطنية مصممة وعازمة على إداء واجبها والذود عن أمن الوطن والمواطنين. وفي سياق متصل ، كشف معهد "أمرود" المتخصص في استطلاعات الرأي، أن مؤشر الشعور بالإرهاب مرتفع لدى التونسيين بمعدل 52%،جراء الأحداث العنيفة الأخيرة التي عاشتها البلاد، إلى جانب إنتشار الجريمة وترويج الأسلحة.