تونس- أزهار الجربوعي
احتشد الآلاف من التونسيين من أنصار الداعية المصري الشيخ محمد حسان في قصر القبة في العاصمة التونسية، خاصين الشيخ حسان باستقبال جماهيري ضخم وهائل، خلال أولى محاضراته في أول زيارة يقوم بها إلى تونس، كما رفع الحاضرون شعارات تنادي بتطبيق الشريعة الإسلامية و"الحكم بشرع الله" في الأرض، فيما ندد آخرون من اليسار السياسي بالزيارة متهمين الشيخ حسان بالتحريض على الجهاد في سورية، ومنتقدين
البذخ والاستقبال الرسمي والجماهري الضخم الذي حظي به محمد حسان.
ونفى الداعية المصري تمثيله لأي حزب (النهضة التونسي) أو جماعة (الإخوان المسلمين)، مشدداً خلال كلمة ألقاها أمام آلاف الجماهير من محبيه، أنه جاء لتونس مَحَبَّة في أهلها وليس لخدمة تيار معين أو أجندة ما، كما أكد الشيخ محمد حسان أنه لا ينتمي لأي حزب أو جماعة سياسية وأن منهجه وجماعته هم القرآن والسُّنَّة وأهل الإسلام.
وتوجه الشيخ حسان، إلى معارضي زيارته إلى تونس، خاصة من التيارات العلمانية واليسارية، بالقول، إنه يخاطب التونسيين جميعهم بأطيافهم كافة وخلفياتهم الأيديولوجية، "بكل حب وأدب وتقدير"، مُشدداً على أن منهجه في الدعوة يقوم على الحوار و"الكلمة الحسنة".
كما اعتبر الشيخ حسان أن بعض المسلمين نقلوا صورة خاطئة عن دينهم وأساؤوا له، داعياً إلى التفريق بين الإسلام كدين وبين المسلمين كبشر وأفراد، مُشدداً على أن الإسلام دين الأمن والأمانة، واحترام الغير مهما كانت عقيدته وفكره.
وحظي الداعية المصري، مساء الثلاثاء، باستقبال رسمي من قبل عدد من قيادات حزب حركة النهضة الإسلامي الحاكم في تونس، فى مطار العاصمة التونسية "تونس قرطاج الدولي"، على غرار النائبين في المجلس التأسيسي التونسي، الشيخ الحبيب اللوز والشيخ الصادق شورو، وهما من المحسوبين على الجناح المحافظ في الحركة الإسلامية المسمى بـ"صقور النهضة".
ورفع الآلاف من التونسيين شعارات إسلامية منادية بتطبيق الشريعة والحكم بشرع الله، من بينها "الشعب يريد تطبيق شرع الله"، و"الشعب مسلم ولا يستسلم"، فيما ندّد عدد من الناشطين السياسيين من اليسار التونسي بالزيارة، على غرار المحامية ليلى بن دبة التي اتهمت محمد حسان بتحريض الشباب التونسي على الجهاد في سورية، مشيرة إلى تورّط بعض الأطراف السياسيّة (من حركة النهضة)، التي استقبلت الداعية المصري في دعم الإرهاب وتغذيته في تونس.
كما انتقد معارضون لزيارة الداعية محمد حسان، الذي وصل إلى قصر القبة، حيث ألقى محاضرته الأولى في كوكبة من سيارات المرسيدس الفخمة بمرافقة قيادات من حزب حركة النهضة الإسلامي الحاكم، الاستقبال الفخم والرسمي والشعبي الهائل الذي حظي به، وهو ما اعتبروه ترفاً وبذخاً مُفرطاً ومُبالغاً فيه.
وخَالَفَ قدوم الداعية المصري للمرة الأولى إلى تونس، توقعات إلغائه الزيارة، بسبب ضغوط من التيارات السلفية الجهادية في البلاد والتي شنت حملة ضد زيارته، على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، داعية أنصارها إلى مقاطعة دروسه الفقهية بدعوى إنكاره لمسائل عقائدية تراها هي جوهرية، كما أعربت رابطة علماء "جامع الزيتونة الأعظم"، في تونس في بيان لها عن معارضتها للزيارة وأنها لن تسمح لمحمد حسان بدخول الزيتونة أو إلقاء محاضرات فيها بدعوى أن تونس تزخر بأفضل العلماء والدعاة الإسلاميين وأنه لم يتم التنسيق معها أو استشارتها في الزيارة.
ويتضمن برنامج زيارة الداعية المصري الشيخ محمد حسان إلى تونس 6 محاضرات سيجوب خلالها أهم المدن التونسية من الشمال إلى الجنوب، حيث من المنتظر أن يلقي درسين فقهيين في محافطة باجة ومدينة الحمامات الساحلية، كما سيلقي خطبة الجمعة في جامع عقبة بن نافع الشهير في القيروان وسط البلاد، ومن المقرر أن يختتم زيارته السبت بمحاضرة في جامع "سيدي اللخمي"، في مدينة صفاقس، كبرى المحافظات التونسية.
وقد شَرَّعَت ثورة 14 كانون الثاني/يناير 2011، التونسية سقف الحريات وفتحته على أوسع أبوابه، سامحة بقدوم دعاة المشرق العربي إلى البلاد، بعد أن كانوا محظورين في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، إلا أن هذه الزيارات المتتالية قد أثارت حفيظة التيارات الليبيرالية واليسارية التي اتهمت حزب حركة النهضة الإسلامي الحاكم باستقطاب هؤلاء الدعاة للترويج لحملتها الانتخابية وتلميع صورتها والمُراهَنة على الدين الذي جعلها تكسب الأغلبية في انتخابات 23 تشرين الأول/أكتوبر 2011.