دمشق ـ جورج الشامي
طالبت فرنسا، الحكومة السورية بأن تلبي مطالب المجتمع الدولي بشأن انتشار بعثة للأمم المتحدة تحقق في استخدام محتمل للأسلحة الكيميائية، فيما اعتبرت تركيا أن "أي استخدام للأسلحة الكيميائية من جانب الرئيس بشار الأسد سينقل الأزمة إلى مستوى آخر"، في حين ترفض حكومة دمشق إلى الآن، استقبال المحققين الدوليين وتعتبرهم أشخاصًا "غير مرغوب فيهم"، في الوقت الذي اعتبر فيه مسؤولو أجهزة
الاستخبارات الإسرائيلية، أن اللحظة التي تملي على بلادهم القيام بعمل عسكري في سورية وإيران تقترب بسرعة، لسبب تجاوز البلدين الخط الأحمر .
وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، فيليب لاليو، في مؤتمر صحافي، "على الحكومة السورية أن تلبي مطالب المجتمع الدولي التي عبر عنها في شكل واضح، ينبغي ألا ندع له أي مجال للتهرب لأن هذا الموضوع بالغ الخطورة، وتم توجيه هذا الطلب من جانب مجلس الأمن برمته، مما يضع الحكومة السورية في وضع حساس جدًا، ولن يشكك أحد في استقلال هذا التحقيق، ولا في كفاءة الفريق الذي تمت تسميته، ولا في الطابع الملح لانتشاره، إنه أمر مفاجئ ومؤسف أن نرى دمشق اليوم ترفض إجراء تحقيق كان طلبه بنفسه".
وقال لاليو، "فلندع الفكرة القائلة أننا سنحصل اليوم على الأدلة المطلوبة، لقد تجاوزنا مرحلة الأدلة الدامغة، فلندع بعثة الأمم المتحدة تقوم بعملها، فلتقم بعملها حتى النهاية، فلتذهب إلى حيث تعتبر أن من واجبها الذهاب، هذا يفترض أن تتمكن من التنقل على كل الأراضي السورية، وأن الشكوك الغربية تتصل باستخدام محتمل لهذه الأسلحة ولكن بكميات لا يمكن التحقق منها طبيًا، أو بأنواع من الغازات لا يمكن بالضرورة اعتبارها سلاحًا كيميائيًا".
وأقرت الولايات المتحدة، الخميس، للمرة الأولى، بأن الحكومة السورية قد تكون استخدمت أسلحة كيميائية، مع تشديدها على أن "هذه المعلومات غير كافية للتأكد من هذا الأمر"، في حين جدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، دعوته "الملحة" للحكومة السورية للسماح لفريق الأمم المتحدة المؤلف من خبراء في حظر الأسلحة الكيميائية بالتحقيق في سورية بشأن الاتهامات باستخدام هذه الأسلحة في النزاع.
وأكدت تركيا، أن أي استخدام للأسلحة الكيميائية من جانب الرئيس السوري بشار الأسد سينقل الأزمة إلى مستوى آخر، لكنها ظلت على حذرها من أي تدخل عسكري أجنبي في الصراع على حدودها، حيث قال المتحدث باسم الخارجية التركية ليفنت جومروكجو، "نسمع مزاعم عن استخدام أسلحة كيميائية منذ فترة، وهذه المعلومات الجديدة تأخذ الأمور إلى مستوى آخر، إنها مثيرة لقلق بالغ، ومنذ ظهرت أول التقارير عن استخدام (الكيميائي) في سورية ونحن نطلب أن تجري الأمم المتحدة تحقيقًا شاملاً للتحقق من هذه التقارير، لكن دمشق لم تسمح بذلك".
وردًا عن سؤال عما إذا كانت تركيا ستسمح بانطلاق عمل عسكري ضد سورية من أراضيها، أوضح قال جومروكجو أنه "يجب إثبات الحقائق بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية أولاً، ودعونا ألا نقفز إلى هذا الآن، لنجري تحقيقًا شاملاً، وإذا تبينت صحة هذه المزاعم فسيتعين مناقشة الرد بين أعضاء مجموعة (أصدقاء سورية) التي تضم دولاً غربية وعربية وحلفاء آخرين".
وأفاد مصدر قريب من الحكومة التركية، أن "التصريحات مبهمة للغاية، وهم أنفسهم ليسوا واثقين للغاية من حججهم، وأن تركيا عبرت عن بعض المخاوف في هذا الصدد أيضًا ولكن من دون إثبات، ولا أظن أنه سيتم اتخاذ خطوات أكثر من مستوى التدخل الحالي، فالتدخل ينطوي على مجازفة كبيرة".
وترفض سورية إلى الآن استقبال محققي الأمم المتحدة، وتعتبرهم أشخاصًا "غير مرغوب فيهم"، وتنفي استخدام أسلحة كيميائية وتتهم مقاتلي المعارضة باستخدامها، حيث قال وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، من موسكو، "إن هذا فعلته تنظيمات منها (القاعدة) التي هددت باستخدام أسلحة كيميائية ضد سورية، وأن التنظيم نفذ تهديده قرب حلب، مما أسفر عن سقوط ضحايا، وإن الجيش السوري لا يملك أسلحة كيميائية"، وفقًا لما ذكرت وكالة "انترفاكس" الروسية للأنباء.
ووضع هذا الإعلان الأميركي باراك أوباما في مأزق، لأنه اعتبر استخدام الأسلحة الكيميائية "خطًا أحمر" يجب ألا يتجاوزه الأسد، وأثار هذا نداءات من مشرّعين في واشنطن برد عسكري أميركي وهو ما يرفضه الرئيس الأميركي، فيما اتسم رد فعل الاتحاد الأوروبي بالحذر، وقال إنه يتمنى أن تتمكن الأمم المتحدة من إرسال بعثة التحقيق التابعة لها إلى سورية للتحقق من استخدام الأسلحة الكيميائية.
وأوضح المتحدث باسم مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون، مايكل مان، "لا نزال نتابع الأمر إلى جانب شركائنا الدوليين لتحديد ما حدث بالفعل، لأنه لا يبدو واضحًا تمامًا في الوقت الراهن، رأينا أن الحكومة السورية لا تحترم كثيرًا في ما يبدو أرواح البشر، لكننا لا نستطيع أن نجزم بحدوث هذا إلى أن نرى أدلة حاسمة".
وذكرت صحيفة "جويش كرونيكل"، أن "مسؤولي أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية اعتبروا أن اللحظة التي تملي على بلادهم القيام بعمل عسكري في سورية وإيران تقترب بسرعة، لسبب ما اعتبروه تجاوز البلدين للخط الأحمر لبلادهم، وأن هناك رأيًا مشتركًا وعلى نطاق واسع داخل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بأن إيران ستملك خيار القدرة النووية بنهاية العام الجاري".
ونسبت الصحيفة إلى مسؤول إسرائيلي قوله، "إن سورية تتحول بسرعة إلى ثقب أسود يمكن أن يمتصنا ويبقينا منشغلين لسنوات طويلة مقبلة، وأن الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، الجنرال عاموس يادلين، توقع بأن إسرائيل تتجه إلى مسار تصادمي مع إيران بنهاية 2013"، فيما اتهم رئيس قسم الأبحاث في الاستخبارات الإسرائيلية، الجنرال ايتاي برون، الحكومة السورية بـ"استخدام الأسلحة الكيميائية".