الأقصرـ سامح عبدالفتاح
الأقصر مدينة السحر والجمال والتاريخ والحضارة التي تمتد بجذورها في أعماق التاريخ، الملقبة بمدينة المائة باب وبمدينة الشمس، والتي تعتبر متحفا فرعونيا مفتوحاا يمثل درة مدائن العالم القديم، ظلت طوال آلاف السنوات شامخة وشاهدة على عظمة الإنسان المصري القديم، وذلك بما تحويه بين جنباتها من العديد من المواقع الأثرية التي تحمل سجلا تاريخيا لإمبراطورية عظيمة يقف العالم احتراما لها، ويقصدها السائحون من مختلف الجنسيات لرؤية أعظم ما خلفته الحضارة البشرية من معابد ومقابر شيدت بروعة وبراعة فائقة تخطف العقول والقلوب.
وجاء إعلان المجلس التنفيذي لمنظمة السياحة العالمية التابع للأمم المتحدة، مدينة الأقصر عاصمة للسياحة العالمية لعام 2016، بمثابة تتويج لقيمة المدينة التاريخية، ومكانتها المتقدمة بين المدن السياحية على مستوى العالم، ووسام للسياحة المصرية وللحضارة المصرية القديمة.
وأعرب خبراء السياحة والعاملون في القطاع السياحي في مدينة الأقصر عن ترحيبهم باختيار المدينة كعاصمة للسياحة العالمية، مؤكدين أن هذا الحدث سيكون له مردود إيجابي لعودة السياحة إلى سابق معدلاتها في عام 2010، والتي تدهورت بسبب الأحداث السياسية التي تلت ثورة 25 كانون الأول/ يناير 2011، التي أطاحت بالرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
وأكد رئيس غرفة الشركات السياحية في الأقصر رمضان حجاجي، أن اختيار مدينة الأقصر عاصمة السياحة العالمية "بشرة خير" للعاملين في القطاع، باعتبار ذلك التتويج سيصب في رفع الحظر المفروض على الأقصر من جانب عدد من الدول المصدرة للسياحة، وتشجيع شركات السياحة العالمية إلى العودة مرة أخرى إلى الأقصر، مؤكدا أن السلطات السويدية بادرت برفع الحظر عن المقاصد السياحية المصرية وفتح الباب أمام مواطنيها من راغبي السفر إلى الأقصر والغردقة، وذلك بعد أقل من 24 ساعة من الإعلان عن تتويج الأقصر كعاصمة للسياحة العالمية.
وأشار رئيس جمعية المرشدين السياحيين في الأقصر أيمن أبوزيد، إلى أن الآلاف من السائحين يرغبون فى العودة إلى الأقصر وزيارة مواقعها الأثرية، إلا أن الحظر المفروض في بلادهم على الأقصر يعيقهم عن تحقيق رغبتهم، لافتا إلى أنه يجب على الجهات المعنية استغلال هذا الحدث للترويج لعودة السياحة مرة أخرى، عبر تدشين حملات دعائية ضخمة لتحفيز السائحين لزيارة المدينة التاريخية.
وقال نقيب المرشدين السياحيين في محافظة الأقصر الطيب عبد الله، أنه يجب على كافة الجهات الحكومية المعنية بقطاع السياحة وعلى رأسها وزارتي السياحة والآثار وهيئة تنشيط السياحة الاهتمام بهذا الحدث من أجل استثماره بشكل جيد، لإنقاذ المدينة من حالة الركود السياحي وانتشالها من أزمتها التي بدأت مع اندلاع الثورة في مطلع عام 2011 والتي تسببت في انهيار قطاع السياحة.
وأكد الخبير السياحي ورئيس غرفة الشركات السياحية في الأقصر السابق ثروت عجمي، أنه يجب استثمار الإعلان عن اختيار الأقصر عاصمة للسياحة العالمية الاستثمار الأمثل لعودة السياحة، ومطالبة منظمة السياحة العالمية خلال فعاليات الجلسة 103 للمجلس التنفيذي للمنظمة التي ستعقد في الأقصر في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر 2016، التدخل والعمل من أجل عودة السياحة بصورة طبيعية إلى الأقصر.
وقال مدير عام آثار الأقصر الدكتور مصطفى وزيري، إن اختيار الأقصر كعاصمة للسياحة العالمية، جاء لأنها تعد من أشهر المدن السياحية حول العالم، بسبب شهرة مواقعها الأثرية كمعابد الكرنك والأقصر وحتشبسوت والمقابر الملكية في وادي الملوك ووادي الملكات، وأبرزهم الفرعون الذهبي توت عنخ آمون الذي اكتشفت مقبرته كاملة في عام 1922م، حيث أبهرت كنوز الملك توت كل دول العالم، وتسببت في خطف أنظار السائحين من كل دول العالم لزيارة الأقصر والتمتع برؤية آثارها الخالدة وكنوزها الرائعة.
وقال عضو مجلس النواب عن محافظة الأقصر عبدالرازق زنط، إن أهالي مدينة الأقصر استقبلوا الإعلان عن اختيار الأقصر عاصمة للسياحة العالمية بفرح شديد، نظرا لما يمثله القطاع السياحي من مصدر رئيسي للدخل لغالبية أهالي المحافظة سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، مؤكدا أن أهالي المحافظة يدركون أهمية عودة حركة السياحة وحسن معاملة السائحين والتعاون معهم وتقديم أفضل الخدمات لهم باعتبارهم ضيوف مرحب بهم على أرض الأقصر.
ومن جانبه أكد محافظ الأقصر محمد بدر ، أن اختيار مدينة الأقصر عاصمة للسياحة العالمية سيساهم في انتهاء سنوات الركود في القطاع السياحي التي دخلت في عامها السادس، مشيرا إلى أن المحافظة تستقبل حالياً بصفة أسبوعية رحلات شارتر مباشرة من اليابان وألمانيا وإنكلترا، وأنه من المتوقع مع بدء الموسم السياحي الجديد في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام الجاري، عودة التدفقات السياحية من العديد من الدول المصدرة للسياحة، خاصة بعد تنصيب الأقصر عاصمة السياحة العالمية.
وأكد بدر، أن سلطات المحافظة ستبذل كافة الجهود اللازمة لتوفير جميع الخدمات السياحية بما يليق مع اختيار الأقصر كعاصمة للسياحة العالمية، مشيراً إلى أن هناك مشاريع عالمية كبيرة ستنفذ في الأقصر خلال الفترة المقبلة للنهوض بالأقصر إلى مستوى المدن السياحية العالمية.
وأوضح بدر، أن قائمة تلك المشروعات تشمل مشروع الإضاءة الليلة لمنطقة وادي الملوك الغنية بمقابر ملوك الفراعنة، ومعبدي حتشبسوت والرامسيوم، وإنارة جبل القرنة التاريخي، الذي يضم بين جنباته مئات المقابر المصرية القديمة، ومعبد الأقصر والكرنك لفتحها ليلاً أمام السائحين، وإنهاء مشروع تطوير ساحة معابد الكرنك، وتنفيذ دار أوبرا بمواصفات عالمية، وتركيب عشرات الكاميرات لمراقبة الحالة الأمنية بمختلف الشوارع والميادين، وحرم المزارات الأثرية والسياحية.
وأشار بدر، إلى أن قائمة تلك المشروعات تشمل إطلاق مشروع تطوير وحماية قرية حسن فتحي التاريخية في غرب الأقصر، ووضع دراسات لإقامة مرسى سياحي عالمي جديد للفنادق العائمة بمنطقة الزينية شمال المحافظة، وإطلاق مشروع هضبة الطود السياحية، والذي يهدف لإقامة منتجعات سياحية جديدة على مساحة 5 ملايين متر مربع، تضيف قرابة 4500 غرفة للطاقة الفندقية بالمحافظة، وكذلك مشروع المنطقة الاستثمارية بالممشى السياحي والتي تسعى منها المحافظة إلى خلق منطقة دوان تاون، لتضم أشهر المطاعم والمحلات التجارية .
وأضاف بدر، إلى أن قائمة تلك المشروعات تشمل أيضا تنفيذ مشروع إقامة مركز دولي للمؤتمرات بهدف جذب سياحة المؤتمرات، ومشاريع لإقامة ثلاثة فنادق 5 نجوم بمنطقة أرض فندق سافوي ومنطقة أرض السلطانة ملك اللذين تطلان على نهر النيل ومعبد الأقصر وطريق الكباش الفرعوني، وتنفيذ مشروع إنشاء إستاد دولي في منطقة طيبة الجديدة، لاستضافة المباريات الكبرى والفرق العالمية، ومشروع إنشاء المارينا السياحية ومشروع محكى طيبة السياحي ومشروع إقامة "تلفريك سياحي" لربط البر الغربي للأقصر بشرقها مرورا بنهر النيل، بالإضافة إلى العديد من المشروعات الأخرى التي تهدف لزيادة عدد الليالي السياحية وتنويع المنتج السياحي للمحافظة.
يذكر أنه من أهم المعالم السياحية في الأقصر، معبد الأقصر الفرعوني الذي شيد للإله أمون رع ويرجع بناؤه إلى الفرعونين أمنحتب الثالث ورمسيس الثاني. ويبدأ مدخل المعبد بالصرح الذي شيده رمسيس الثاني وفيه تمثالان ضخمان يمثلانه جالساً، ويتقدم المعبد مسلتان إحداهما مازالت قائمة والأخرى تزين ميدان الكونكورد في باريس، وباقي أجزاء المعبد شيدها أمنحتب الثالث، ويبدأ بقاعة الأعمدة الضخمة ذات الأربعة عشر عموداً مقسمة إلى صفين بعدها الفناء الكبير المفتوح ويحيط به من ثلاث جوانب صفان من الأعمدة ثم يليها بهو الأعمدة ويضم 32 عموداً يليها غرفة القارب المقدس وقد استطاع الإسكندر الأكبر أن يشيد مقصورة صغيرة له تحمل أسمه داخل مقصورة أمنحتب الثالث، وينتهي المعبد بقدس الأقداس حيث حجرة التمثال المقدس وبها أربعة أعمدة .
ومن أهم المعالم السياحية في الأقصر، معبد الكرنك الذي يعد أعظم دور العبادة في التاريخ, ويضم العديد من المعابد التي لا نظير لها من بينها معبد للإله أمون وزوجته الألهه (موت) وأبنهما الإله (خنسو) إله القمر، ويبدأ المعبد بطريق للكباش ممثلا للإله أمون، يليه الصرح الأول الذي يرجع إلى الملك نختبو، ومنه إلى الفناء الكبير، ويوجد على اليمين مقاصير لثالوث طيبة من عهد سيتي الثاني، وعلى اليسار معبد رمسيس الثالث، يلي ذلك بقايا الصرح الثاني، ومنه إلى صالة الأعمدة الكبرى التي تحتوى على134 عموداً، ثم مسلة تحتمس الأول، ومنه إلى بقايا الصرح الرابع وتتقدمه مسلة حتشبسوت ثم بقايا الصرح الخامس، ومنه إلى قدس الأقداس، ومنه إلى الفناء الذي يرجع إلى عهد الدولة الوسطى ومنه إلى صالة الاحتفالات الضخمة ذات الأعمدة وترجع إلى عهد تحتمس الثالث، كما يضم المعبد بحيرة مقدسة لا تزال موجودة حتى الآن.
ومن أهم المعالم السياحية في الأقصر مقابر وادي المملوك والملكات، وهي المقابر التي أمر ملوك وملكات الدولة الحديثة بنحتها فى باطن الصخر في البر الغربي لمدينة الأقصر لتكون بمأمن من عبث اللصوص، وتتكون من عدة غرف وسراديب توصل إلى حجرة الدفن، ومن أهم هذه المقابر: مقبرة توت عنخ أمون ـ مقبرة رمسيس الثالث - مقبرة سيتي الأول مقبرة رمسيس السادس - مقبرة أمنحتب الثانى ـ مقبرة حور محب - مقبرة تحتمس الثالث، ومن أهم مقابر وادي الملكات: مقبرة الملكة نفرتاري زوجة رمسيس الثاني.
ومن أهم المعالم السياحية في الأقصر، معبد حتشبسوت الذي شيدته الملكة حتشبسوت لتؤدى فيه الطقوس التي تفيدها فى العالم الأخر، والذي يطلق عليه أيضا اسم الدير البحري، وهو اسم عربي حديث أطلق على هذه المنطقة فى القرن السابع الميلادي بعد أن استخدم الأقباط هذا المعبد ديراً لهم، ويتكون المعبد من ثلاثة مدرجات متصاعدة يقسمها طريق صاعد.
ومن أهم المعالم السياحية في الأقصر معبد الرامسيوم، الذي أقيم لتخليد الذكرى لرمسيس الثاني ومسجل على جدرانه أحداث معركة قادش، وأيضا معبد هابو الذي أقيم تخليدا لذكرى الملك رمسيس الثالث وبه مناظر دينية وحربية فى حالة جيدة من الحفظ ولازالت ألوانه زاهية، ومن أهم المعالم السياحية في البر الغربي للأقصر مقابر النبلاء التي تجسد مظاهر الحياة للنبلاء وكبار رجال الدولة وعائلاتهم في مصر القديمة.