فوكوك - المغرب اليوم
تمنح السماء الصافية وهي تتراقص مع زرقة البحر، لوحة رائعة للباحثين عن الاسترخاء في جزيرة فو كوك الفيتنامية. أرض ما زالت بكراً لم تُشَذِّبها يد الإنسان، لكن تتوجه إليها أعين المستثمرين السياحيين في الآونة الأخيرة، يُشجعهم مناخها العليل وسكينتها التي تجعل الزائر ليس بحاجة لارتداء الساعة... فهنا سينسى الزمن والعالم الخارجي. تقع جزيرة فو كوك قبالة السواحل الجنوبية لفيتنام، ضمن أرخبيل يضم 28 جزيرة على الشريط الممتد مع تايلاند. تتمتع بشواطئ ورمال ذهبية وبحر لم يعرف التلوث؛ الأمر الذي يمثل عامل جذب للسائح الباحث عن الاسترخاء، بينما هناك الحديقة الوطنية التي تبلغ مساحتها 31.422 هكتاراً، والتي تحتل جزءاً كبيراً من أراضي الجزيرة وتعدّ ملاذاً خلاباً لمحبي رياضة المشي والطبيعة. في المقابل، هناك جانب آخر من الجزيرة يمنح السياح فرصة لزيارة بعض مواقع الصناعات التقليدية المحلية، مثل مصانع صلصة السمك، أو مزارع الفلفل، أو فقط خوض مغامرات عبر كثير من الأنشطة والرياضات المائية المتوفرة بكثرة. فما يُحسب لجزيرة فو كوك، أنها نجحت، وخلال وقت قصير، في فرض نفسها على الخريطة السياحية العالمية لتصبح واحدة من أكثر الوجهات الآسيوية الجاذبة حالياً، لما تمتلكه من مقومات طبيعية؛ إذ إنها، وعلى مدار 10 سنوات، جذبت كبار المستثمرين للانضمام إلى برنامجها التطويري السياحي. وكانت النتيجة إنشاء منتجعات للصفوة وفنادق فخمة تدر ملايين الدولارات، بعدما كانت مجرد وجهة تعتمد على زوار الشواطئ والترويج للمأكولات البحرية الطازجة. أهم نقاط جذبها تضم الجزيرة نحو 929 نوعاً من النباتات المختلفة، وما لا يقل عن 84 نوعاً من الطيور، فضلاً عن 125 نوعاً من الأسماك، و132 نوعاً من الرخويات، الأمر الذي يجعلها من أغنى الأراضي وأجملها للراغبين في استكشاف الطبيعة العذراء، سواء عن طريق مراقبة الطيور في الغابة، أو مشاهدة الحياة البحرية عن طريق الغوص. والطريف في الأمر أن هذا الجزء من فيتنام كان يستخدم أثناء الاستعمار الفرنسي معسكراً للمساجين. وإبان حرب فيتنام في ستينات القرن الماضي، خضعت الجزيرة لاحتلال القوات الأميركية ثم تحولت مرة أخرى إلى السجن الرئيسي في البلاد الذي ضم وقتها ما لا يقل عن 40 ألف سجين. وهناك جزء من تلك المنشآت متروك على حاله ليكون شاهداً على قسوة الحرب وضراوتها بجانب المتحف والنصب التذكاري المقام هناك. الآن تذكر جزيرة فو كوك فتتراءى شواطئ ناصعة البياض وسماء صافية تعبر منها أشعة غروب الشمس بلونها البرتقالي الناري. فانتظار مغيب الشمس على أحد الشواطئ من التجارب التي لا تنسى؛ إذ يتيح غروب الشمس مشاهدة بعض الألوان والظلال الصفراء، والذهبية، والبرتقالية، والحمراء، التي تتناقض تماماً مع زرقة البحر الداكنة وصفاء السماء بالأعلى، مما يخلق حساً ساحراً أخّاذاً يشعرك كما لو أنك في فيلم سينمائي رائع مع قوارب الصيد المتناثرة قبالة السواحل. ويجب ألا يُفوّت الزائر هنا فرصة الاستمتاع بالمياه الكريستالية وهي تتلاقى مع الرمال البيضاء، خصوصاً على شاطئ «ساو بيتش» الذي يصنف أحدَ أفضل وأشهر الشواطئ في فيتنام، ومقصداً رئيسياً؛ سواء للأجانب أو الأهالي، من الراغبين بقضاء أوقات في السباحة أو الغوص. فجزيرة فو كوك تمتلك الآن كثيراً من المنتجعات السياحية التي توفر مجموعة متنوعة وكبيرة من أندية العلاجات الصحية، وأيضاً مراكز للتجميل والعناية بالبشرة والجسد على الطريقة الفيتنامية التقليدية. لكن يبقى رأسمالها سكانها، الذين أينما توجهت أو حللت فسوف يستقبلونك بالود والترحاب، وهم يبذلون جل جهودهم ليُشعروك كأنك في بلدك الثاني. وأيضاً طبيعتها الغنية والمتنوعة، التي جعلت منها وجهة سياحية بارزة في منطقة جنوب شرقي آسيا. وليس أدل على هذا من محمية «كاين جيانغ البيولوجية» التي ظلت تحت حماية منظمة اليونيسكو لثرواتها البحرية الهائلة. فهي تضم مزيجاً من الأجواء الموسمية والاستوائية، مع الشلالات، ونحو 200 نوع مختلف من المرجان تفسر تلك الظلال المختلفة التي تبدو للركاب مع هبوط الطائرات. ففي هذه اللحظات يتبدى ويقترب حجم وجماليات الحديقة الكبيرة الغناء. من معالم الجذب السياحي الأخرى نذكر أيضاً محمية غابة «خو رونغ نغوين سينه» التي صُنفت محميةً بيولوجيةً خاضعةً للرقابة، وتضم جماليات لا غنى عن مشاهداتها من حيث ثرائها ومن حيث النباتات والحيوانات الفريدة التي تعيش فيها. يُنصح بزيارتها لكل عشاق المغامرة، لكن سوف يحتاجون حتماً إلى ركوب الدراجة العادية أو الدراجة النارية للتجول بداخلها. من الواضح أن أبرز عوامل الجذب السياحي لجزيرة فو كوك يتعلق بحقيقة أن أراضيها محاطة بشواطئ رملية ذهبية، مثل شاطئ «لونغ بيتش» الذي يعدّ من أفضل الأماكن للإقامة؛ من حيث المنتجعات والمطاعم الممتدة بطول المكان. تشتهر فيتنام بالمأكولات البحرية اللذيذة المتنوعة؛ سواء الأسماك كبيرة الحجم أو الروبيان. وفي السوق المحلية، الموجودة في وسط جزيرة فو كوك، والتي تفضل زيارتها في المساء مع انخفاض درجات الحرارة، تمنح المطاعم الفرصة للسائحين لاختيار السمك الذي يفضلون تناوله وبالطريقة التي يحبونها، وبالاشتراك مع الطهاة في إعدادها. وتستحق هذه السوق الزيارة والمشي بين طرقاتها، حتى ولو لدقائق وجيزة، لرؤية المجموعة الكبيرة والمتنوعة من الأسماك والمأكولات البحرية المعروضة، والتي تُثير أحجامها الكبيرة الدهشة. وعلى طرفي الطرقات هناك كثير من خيارات تناول المأكولات في الشوارع؛ مثل الآيس كريم المصنّع أمامك من الفواكه الاستوائية اللذيذة. يوصي خبراء السياحة بزيارة الجزيرة من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مارس (آذار) لأنها الأشهر الأفضل من حيث الطقس؛ حيث الأجواء دافئة وجافة وليست حارة. قد يهمك أيضا: المملكة العربية السعودية تُذهل العالم بجمال وروعة بلادها بفيلم وثائقي