إستوكهولم ـ منى المصري
تعتبر الرحلات عبر الجليد مغامرة خطيرة لمن لا يمتلك القلب الجريء، فهي تحتاج إلى شجاعة شديدة لخوض غمار هذه الرحلة والتمتع بكل ما فيها من أخطار واكتشاف للمجهول، وتقول إحدى السائحات "عندما كنت صغيرة تحمّست كثيرًا لفكرة الذهاب في رحلة إلى القطب الشمالي في السويد، إلا أن الخوف سرعان ما انتابني، وطردت الفكرة من رأسي. أما الآن، بعد أن أصبحت زوجة وأم، عادت الفكرة مجددًا لتثب في رأسي لا لشيء سوى أن وفاة والدي في يونيو/حزيران الماضي جعلتني أشعر بالرغبة في المغامرة.
وتضيف "بعد رحلتان بالطائرة، ذهبت إلى مدينة كيرونا الواقعة بمقاطعة لابلاند شمال السويد، والتي تحتوي على أكبر مناجم العالم لخامات الحديد. كانت الرحلة إلى قرية جوكاشار الخيالية قصيرة للغاية".
وتضيف "لا يستخدم السكان المحليون هناك أي سلاسل جليدية، بل يستخدمون السيارات بشكل طبيعي ويقودون عبر الجليد والثلوج دون صراخ. إنها قرية صغيرة تضم أحد أشهر الفنادق الجليدية في العالم، فندق "آيس هوتيل" الذي يفتح أبوابه في الشتاء فقط، لكن فندق "آيس هوتيل 365" فهو مفتوح طيلة أيام السنة، ويتم تبريده عن طريق الألواح الشمسية".
وتؤكد "أن الحياة هناك بسيطة ورتيبة، ولا يلتفت أحد إلى مظهرك؛ إذ أن كل شيء هناك يدور حول النجاة. يمكن القول إن الحياة في جوكاشار متحررة ومنضبطة في آن واحد.
وهو ليس المكان الذي تود أن تذهب إليه إذا كنت تتبع حمية غذائية، فالبرد يتطلب غذاءً كثيرًا. وبغض النظر عن هذا الأمر، القرية شديدة الجمال، كل عام، أطنان من الجليد تُرفع من النهر المتجمّد لتتحوَّل إلى أكبر فندق جليد في العالم. داخل "آيس هوتيل"، الذي شُيّد على طراز كوخ الأسكيمو، يمكنك احتساء شرابك بكوب جليدي شفاف. ويتألف الفندق من 60 غرفة نحتها فنانون، فُرشت بجلود غزلان الرنّة.
ويغطي الفندق مساحة 2100 متر مربع بحوائط خرسانية من الخارجية بينما صمم من الداخل بحوائط من الجليد تطلبت 6600 غالون من مياه نهر تورن، وتم تغطية السقف أيضاً بطبقة من الجليد وتظل درجة الحرارة في الداخل 5 درجات فقط تحت الصفر.
ومن أجل الحفاظ على درجة الحرارة عند خمس درجات تحت الصفر، يوجد ثلاجة تعمل باستمرار بكهرباء ناتجة عن ألواح شمسية تغطي 875 متر مربع تولد نحو 130 ألف كيلو واط ساعة سنوياً، وتستخدم هذه الطاقة أيضاً في تزويد مرافق الفندق والمكاتب والمطاعم والغرف بالكهرباء اللازمة.
صمم الفندق بشكل مختلف عن الفنادق الثلجية الأخرى التي تعمل فقط لفترة محدودة في فصل الشتاء، ويتكون من 20 جناح فندقي ومعرض للفنون يضم 20 عمل من الثلج.
واستغرق الفندق خمسة أشهر فقط لبنائه ولا تزال بعض اللمسات الأخيرة مثل تغطية الحوائط بجلد حيوانات الأيائل. ولا شكّ أن رياضة ركوب الزلاّجات التي تجرّها الكلاب هي واحدة من أكثر النشاطات الشتويّة الحافلة بالإثارة والتي تتطلّب لياقة بدنيّة عالية حيث يمكنك أن تجوب منطقة لابلاند السويديّة والدائرة القطبيّة الشماليّة، فضلاً عن الجبال الرائعة الكائنة ضمن الحدائق الوطنيّة لمناطق باديلانتا وسارك في لابونيا.
وهناك الكثير من الشركات السياحيّة التي تقدّم لك العديد من الرحلات على الزلاّجات التي تجرّها الكلاب. قد لا تتعدّى مدّة الرحلة اليوم الواحد أو قد تصل إلى عدّة أيّام لتأخذ عندها شكل رحلة استكشافيّة مصحوبة بمجموعة من كلاب الإسكيمو السيبيريّة.
من المؤكّد أن هذا النوع من الرحلات الذي يجتاز المناطق البريّة سيتيح لك فرصة مشاهدة جمال الطبيعة والحياة البريّة الذي تتميّز به المدينة فضلاً عن فرصة الاستمتاع بالشفق القطبي الشمالي إذا اخترت الانضمام إلى إحدى الرحلات الاستكشافيّة.