مراكش ـ ثورية ايشرم
تنتشر الأسواق التقليدية في مراكش على بعد خطوات من ساحة "جامع الفنا"، فبمجرد الدخول إلى أحد هذه الأسواق التي لا تنفصل عن بعضها، والتي لا يمكن زيارة احدها وإهمال الآخر، فهي بمثابة معارض فنية تكمل بعضها البعض لما تزخر به من صناعة تقليدية مغربية متنوعة ومختلفة.
وتفتح هذه الأسواق المجال أمام زوار مدينة مراكش من مختلف أنحاء العالم لاختيار ما ينال إعجابهم وما يروقهم من تشكيلات رائعة معروضة أمامهم، التي تجعل الاختيار يصعب كثيرًا لدرجة أنك تجد نفسك راغب في اقتنائها كلها وذلك لجمالها ورقيها والأصالة المغربية التي تُعبر عنها.
وتكفي زيارة واحد لهذه الأسواق التقليدية التي ذاع صيتها عبر العالم وأصبحت لا تحتاج إلى خريطة لزيارتها، فجمالية المعروضات سواء في سوق السمارين أو النجارين أو العطارين والحرازين والقصابين وغيرها من الأسواق الشعبية التقليدية تجعلك مفتونًا بجمالها ودقة صنعها، التي تبرز مدى براعة الصانع التقليدي المغربي الذي يتفنن في إبداع الأعمال التقليدية، التي تجعل محلات السوق تعج بالزوار، حتى وإن لم يقتنوا شيئَا، تجدهم يصطفون للاستمتاع بجمالية هذه المناظر الساحرة التي تخطف أنظارهم كونها تعبر عن الأصالة المغربية عامة والمراكشية خاصة.
قد لا تجد وقتًا كافيًا لاكتشاف أسواق مراكش التقليدية والدخول إلى المحلات والبزرات العتيقة كلها، إلا أنك تجد نفسك غير قادر على مقاومتها ومقاومة زيارتها حتى وإن تكرر ذلك يوميًا، فهو لا يجعلك تشعر بالملل أو النفور، بل لا تشعر وأنت تتجول في المدينة الحمراء، حتى تجد داخل الأسواق التقليدية التي تفتح النفس بألوان معروضاتها المميزة للتسوق.
وبالرغم من تفاعلات الزمن وانتشار المراكز التجارية والأسواق العصرية في مختلف أرجاء المدينة الحمراء، فضلًا عن التطور الذي أصبحنا نعيشه في السنوات الأخيرة ، إلا أنَّ هذا لم يؤثر على حركية هذه الأسواق التي ما تزال تحافظ على شعبيتها وصورتها العتيقة التي تعتبر الحافز الأساسي الذي يجعل سكان المدينة وزوارها يقبلون عليها دوما ودون تردد لاسيما أنها تحدث وقعًا كبيرًا في نفوس كل من يزورها.
وتعتبر فهرسًا عريضًا لمختلف أنواع الصناعة التقليدية التي يزخر بها المغرب والتي تميزه عن باقي الدول، لاسيما في مدينة مراكش التي يجد زائرها نفسه مستمتعًا بجوٍ خاصٍ لا يجده إلا في مدينة السبعة رجال حيث تمتزج شتى الألوان والأشكال من زرابي وحلي ومجوهرات تقليدية وأثاث للديكور من القصب والجلد والنحاس والحديد والخشب وغيرها من المواد ، فضلا عن البخور والتمور والحناء والعطور التقليدية والفواكه الجافة المتنوعة.
ويوجد بها مختلف أنواع الحلويات التقليدية التي لا يمكن أن تجدها إلا في أسواق مراكش العتيقة، إضافة إلى تشكيلة من محلات خاصة بعرض منتجات الزيتون المعدة بأشكال ونكهات متنوعة ومختلفة والتي تعرض إلى جانب الخضروات المخللة وتشكيلة من مواد الطبخ التقليدية التي تستخدم كمواد أسياسية في الأطباق المراكشية.
وتمتاز بانتشار البهارات المتنوعة،و التي تعرض بشكل مميز وهرمي راقٍ، تشع بألوانها الفاتحة التي ترسم لوحة فنية بارزة اجتمعت فيها جميع الألوان.
ولا يمكن أن تتغير تلك الأسواق مهما تغير الوقت والزمن، فهي تعود إلى تلك الحقبة الزمنية الجميلة التي عايشتها المدينة الحمراء وسكانها والتي كانت تزخر بكل ما هو مميز، وهي الأشياء التي ما زالت المدينة الحمراء تحافظ عليها كونها المدينة الشعبية بامتياز في المملكة المغربية.
ولا زالت أسواقها العتيقة والشعبية تتميز في مظهرها الجميل بكون كل سوق له وحدة مستقلة بذاتها لها خصائصها ومميزاتها ودلالاتها العميقة سياحيًا واجتماعيًا واقتصاديًا ونفسيًا، ما يُحول التجول في هذه الأسواق من رغبة في التسوق إلى متعة للعين، وتغذية للروح بشكل كبير ذلك أنها أماكن تختزل بماضيها وحاضرها معطيات تاريخية وجب البحث فيها والحفاظ عليها، حتى تبقى مراكش مدينة السياحة العالمية بالدرجة الأولى من كل الجوانب.