الرئيسية » آخر الأخبار الطبية
أم برازيلية يعاني طفلها من تقلص الرأس بسبب فيروس زيكا

برازيليا - رامي الخطيب

يعاني أكثر من 4 آلاف مولود برازيلي من مرض صغر حجم الرأس بشكل غير طبيعي، إذ انتشار فيروس زيكا في البلاد بشكل هائل، ويسعى مسؤولو الصحة بما في وسعهم؛ لاستهداف المرض محذرين جميع الزوار المحتملين من الابتعاد عن البلاد.

ووجَّه المسؤولون اهتمامهم إلى حي كومبلكسو دا ماري في ريو دي جانيرو، والذي يمسى بمدينة الصفيح، ويقع الحي على بُعد 2 كيلو من مطار البرازيل الدولي، ويوصف بكونه أرضًا خصبة للفيروس، حيث تصل درجة الحرارة إلى 40 سيليزيوس، وبالإضافة إلى انتشار الفيروس هناك أصبح الأمر يهدد زوار المطار الأولمبي، ما وضع البلاد في حالة طوارئ صحية عالمية بعد أن أصبح انتشار الفيروس خارج عن السيطرة.

ويمتد الحي بحجم 2 ميلًا مربع في الطريق الرئيسي المؤدي إلى المطار الدولي في ريو دي جانيرو، حيث يتوقع وصول ما يقدر بنحو نصف مليون متفرج إلى دورة الألعاب الأولمبية في غضون 6 أشهر، كما يقع على بُعد 2 كيلو فقط من المطار وستاد ماركانا حيث يعقد حفل الافتتاح المزمع، بينما أصرّ المنظمون على أن دورة الألعاب الصيفية لن تتأثر، وأطلقوا سحبًا وقائية محمّلة بالسموم يتم تفجيرها لقتل الفيروس في المواقع الأولمبية، إلا أنه في حي فقير مثل ماري بالكاد يتم اتخاذ أي إجراء وقائي بشأنه.

ويحاول وكلاء الصحة وقف انتشار الفيروس المفزع على الرغم من ظهور أعراض المرض على 60 شخصًا يوميًا، ويذهب فريق صغير من وكلاء الصحة إلى الأبواب لفحص مواقع تكاثر الفيروس المحتملة مع إعطاء المشورة بشأن الوقاية ودعم الضحايا، لكنهم يفعلون ذلك بجانب أعمالهم المجتمعية الأخرى.

ويضطر الآباء والأمهات إلى التعامل مع انتشار هذا الفيروس، ففي الشهر الماضي فقط ولد 10 أطفال رضع مع حالة تقلص الرؤوس مقارنة بـ3 حالات فقط العام الماضي بأكمله، بينما أكدت 60 أمًا معاناة أطفالهم من حالة تقلص الرأس في غضون أسابيع.

ويؤدي وكلاء الصحة مهمة صعبة في الحي الذى يعد بمثابة متاهة ضيقة الطرق تنتشر فيها القمامة والأنهار الراكدة ويقطنه أكثر من 130 ألف شخص ومعظمهم يعيشون في فقر مدقع، وتسيطر عصابات المواد المخدرة على معظم أنحاء الأحياء الفقيرة ما يجعل عمل وكلاء الصحة أكثر صعوبة، لاسيما دعم الآباء والأمهات الذين تم تشخيص أطفالهم بالمرض، ما يعني مستقبلاً غامضًا فضلاً عن الحاجة للرعاية المتخصصة.

وزار وكلاء الصحة الأم ميرتس (21 عامًا) والتي تعاني ابنتها فالنتينا من صغر الرأس عن الطبيعي بمقدار 1 سم بعد تشخصيها من قِبل الأطباء، وأقنعتها الممرضة غابريل ميرليس بإجراء الفحوص اللازمة، إلا أن الأم الخائفة كانت تعتقد أن التشخيص خاطئ، ولا يستمع والد الطفلة إلى أي شخص يتحدث عن تقلص الرأس، ولا يعتقد بوجود أيّة مشكلة لدى الطفلة مطلقًا.


وأوضحت الممرضة غابريل: حالة تقلص الرأس لدى الطفلة فالنتينا ليست واضحة في البداية؛ لأن رأسها لم تكن متقلصة بشكل ملحوظ مثل بقية الحالات، إلا أن الطفلة ستتأثر، ونحن ننتظر إعادة الفحص لمساعدة الطفلة من خلال المتخصصين فربما تتأثر قدرتها على التحدث أو الرؤية أو المشي، وربما تتفاقم الحالة خلال الأشهر المقبلة، نحن لا نعلم، وبالنسبة إلى الأمهات الشابات يعد الأمر مدمرًا وبالتالي تتظاهر الأم بعدم وجود المرض وتعتقد أن ابنتها صحيحة.

وتشير أحدث الإحصاءات إلى وجود 404 حالة مؤكدة من تقلص الرأس منذ بدء انتشار فيروس زيكا في البرازيل، فضلاً عن وجود 3670 حالة مشتبه بها تنتظر نتائج الفحص الأسابيع المقبلة، ويعاني الأطفال الذين يولدون بمرض تقلص الرأس من ضعف وظائف الدماغ فضلاً عن قصر عمر متوقع، ويعاني ما يقرب من نصفهم من عيوب بصرية خطيرة ومشاكل في السمع وصعوبات في التعلم والحركة، ويرفض نحو 1.5 مليون شخص تصديق أنه مصاب بفيروس زيكا الذي ينقله البعوض في ظل عدم وجود لقاح أو علاج معروف.

وتم اكتشاف الفيروس للمرة الأولى العام 1947 في غابة زيكا في أوغندا، وانتشر الفيروس بشكل واسع في جزيرة ياب في كيرونيزيا العام 2007 وانتقل إلى بعض جزر المحيط الهادئ، وبدأ انتشار المرض في البرازيل في مايو/ أيار 2015، ومنذ ذلك الحين انتشر في 22 دولة أخرى في أميركا الشمالية والجنوبية، ولا يعرف أحد كيف وصل زيكا إلى البرازيل، وتعتقد الحكومة أن أحد المسافرين لحضور كأس العالم جلب الفيروس معه إلى البلاد العام 2014.

ودفع انتشار الفيروس بشكل هائل منظمة الصحة العالمية إلى إعلان حالة طوارئ عالمية للمرة الأولى منذ أزمة فيروس إيبولا، ووجد في ريو دي جانيرو 1499 إخطارًا بالمرض في أول 29 يومًا من العام 2016، وزعم خبير الأمرض المعدية من جامعة ريو دي جانيرو، أدميلسون ميغوسي، أن الحالات المشتبه بها تمثل 2% فقط من إجمالي عدد الأشخاص المصابين بالفعل والذي يصل إلى 75 ألف شخص، ما أدى إلى إلغاء الكثير من الرحلات للمناطق المتضررة، فضلاً عن السماح للنساء الحوامل بتأجيل أو تعديل خطط سفرهم مجانًا من قبل شركات الطيران وشركات العطلات.

ويحافظ المسؤولون في ريو دي جانرو على مظهر هادئ، مصرين على أن تهديد فيروس زيكا سيكون أقل بكثير وقت دورة الألعاب الأولمية، في حين يستمر الشعور بالذعر في أماكن مثل حي ماري، وأوضح أحد الوكلاء في فيلا دوس بينهيروس، خوسيه دي أوليفيرا (37 عامًا)، خوفه وزملائه من الانتشار السريع للمرض، قائلاً: إنه أسوء شيء واجهته خلال عملي لمدة 14 عامًا، يبدو وكأنه الطاعون حيث ينتشر في الهواء ويصيب الناس بشكل عشوائي، الناس هنا خائفون ويتسائلون إلى مدى يمكن أن تسوء الأمور، والأقسى من ذلك أن الفيروس يهاجم الأطفال في رحم أمهاتهم، وأوصي النساء القادمات إلى دورة الألعاب الأولمبية بتجنب القدوم إلى ريو دي جانيرو حتى يبقوا آمنين ولا يتعرضون للمخاطرة.

ويبحث وكلاء الصحة أيضًا عن المواقع الخصبة المحتملة للبعوض المسؤول عن أمراض حُمى الدنج والحمى الصفراء وفيروس زيكا، كما وقعت رئيس البرازيل ديلما روسيف إجراءً طارئًا، الأسبوع الماضي، يسمح لمسؤولي الصحة باستخدام القوة لدخول أي منزل أو مبنى يشتبه بكونه من مواقع تكاثر البعوض حال رفض المالك أو عدم وجوده في الموقع.

ويسير وكلاء الصحة، سيلفانا سانتوس (45 عامًا)، وصولانغ أفيلا (54 عامًا) أكثر من 15 ميلاً في منطقة راموس في حي ماري لمدة 8 ساعات لفحص المنازل والمباني المهجورة وأراضي النفايات؛ بحثًا عن علامات وجود البعوض، وأضافت صولانغ: دعوت شركة النظافة لتنظيف الشوارع وإزالة القمامة المتراكمة لكن أصبحت هكذا مرة أخرى، الأمر اليوم أسوء في الواقع.

وتعد الأسطح غير المستوية والبناء العشوائي في منطقة فافيلا أرضًا خصبة للبعوض لاسيما بعد طول الأمطار فضلاً عن زوايا الشوارع والمناطق المهجورة والبرك الممتلئة بالقمامة، بالإضافة إلى المياه الراكدة في خزانات المياه فوق المنازل.
وأضافت صولانغ: المشكلة أن السكان ليس لديهم أي وعي، إنهم لا يدركون أن إلقاء القمامة يجعل الجميع في خطر، نحن نمضي الكثير من الأيام في توعيتهم بفيروس زيكا، ولكنها تبدو كمعركة خاسرة لأن بعض الناس لا يستمعون، وأخبرتنا إحدى السيدات: جارتي تجمع القمامة من العلب والدلاء على سطح المنزل المملوء بمياه الأمطار وطلبت منها تفريغها لكنها رفضت، وبيتي ممتلئًا بالبعوض ولدي 4 أطفال صغار وأشعر بالقلق عليهم.

ويدخل وكلاء الصحة أيضًا المكاتب المهجورة التي تعيش فيها الأسر الفقيرة، حيث تجتمع الأسر في ممرات مظلمة ورطبة فضلاً عن تجمع المياه من وحدات تكييف غير مثبتة جيدًا، وأفادت صولانغ، التي عملت في مجال الصحة لمدة 20 عامًا، بأن الكثيرين من السكان يعانون من أعراض فيروس زيكا والممثلة في حكة في الجلد وتورم المفاصل والتهاب الملتحمة والطفح الجلدي الأحمر، مضيفة: نحن نعلم بوجود الفيروس من فترة طويلة لأن الناس يشكون من وجود طفح جلدي على أجسادهم منذ 6 أشهر ولكن لم نكن نعلم سببها في ذلك الوقت، أعتقد أن الكثيرين من الناس يعانون من هذا المرض، بما في ذلك النساء الحوامل اللاتي أوشكن على الولادة، ويجب أن نتذكر أن بعض المصابين بفيروس زيكا لا تظهر عليهم أيّة أعراض على الإطلاق.

وكانت السيدة لوسيانا دا سيلفا (27 عامًا) من النساء اللاتي لم تظهر عليهن أعراض الإصابة، وهي سيدة حامل بالفعل منذ 32 أسبوعًا وأم لطفل عمره 9 أعوام، لكنها أوضحت عدم قلقها من إصابة طفل بمرض تقلص الرأس، قائلة: لم أصب بطفح أحمر، ويقولون إن المرض ربما يؤثر على الجنين في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، وأنا اتخذ كافة الاحتياطات واستخدم طارد للبعوض وقمت بتغطية خزان الماء الخاص بي، ومتأكدة أنه لن يكون هناك مشكلة مع طفلي.

وأفادت الممرضة جانينا دا سيلفا، التي تتولى رصد حالات الإصابة بفيروس زيكا في إحدى العيادات الطبية في منطقة راموس، بولادة 10 أطفال مصابين بتقلص الرأس في يناير/ كانون الثاني الماضي مقارنة بـ3 أطفال فقط العام الماضي بأكمله، مضيفة: الأمر مقلق حقًا، تقريبًا يوميًا لدينا 60 حالة مؤكدة من الإصابة من حي واحد، ما يشكل ضغطاً كبيرًا على نظام الرعاية الصحية وجميع العاملين لدينا، بالإضافة إلى أنني أتلقى نحو 50 أو 60 حالة يحتمل إصابتها بالفيروس يوميًا، ونتوقع أن تصل الأمور إلى الأسوأ؛ لأن حي ماري يعد أرضًا خصبة للفيروس ويجب بذل المزيد من الجهود للسيطرة على الفيروس في ريو دي جانيرو.

وكشفت جانينا أن الحالات الأولى للمرض ظهرت في أبريل/ نيسان العام الماضي، موضحة: بدأت الناس تشكو من الطفح الجلدي والألم وحكة من دون حُمى، وسجلت الوحدات الصحية حالات تعاني من حمى الدنج على الرغم من عدم وجود حمى، وبعد بضعة أشهر فحصت هيئة الصحة مجموعة من هؤلاء الناس وتبين أنهم مصابون بفيروس زيكا، ومن المقلق إصابة الكثيرين من الناس بالفيروس دون معرفتهم لاسيما النساء الحوامل، الأمر أصبح يمثل قنبلة موقوتة.

ويعد يوم 13 فبراير/ شباط اليوم الوطني لمكافحة فيروس زيكا حيث ينتشر 220 ألف جندي في الشوارع في كل بلدية برازيلية مع وكلاء الصحة للبحث والقضاء على أسباب تكاثر البعوض، وكشفت رئيس البرازيل روسيف في خطاب متلفز أن مكافحة فيروس زيكا يعد الأولوية الأولى لها، ووعدت بتقديم أفضل الخدمات الصحية لمساعدة الأطفال الذين يعانون من مرض تقلص الرأس وإعالة أسرهم، وتعمل الحكومة على توزيع طارد للحشرات مجانًا على الأسر، إلا أن ذلك ربما يكون رد فعل متأخر جدًا بالنسبة إلى حي ماري بعد تفشي المرض فيه.
 

 

View on libyatoday.net

أخبار ذات صلة

"كورونا" يضرب فرنسا وألمانيا والدولتان تختاران "الحل المتاح"
شلل الأطفال يعاود الظهور مجددًا في السودان بعد اختفائه…
خبيرة تغذية توضّح الأطعمة القاتلة لمنظومة المناعة تعرّفي عليها
علامة على كاحليك عند خلع الشراب تشير للإصابة بـ…
أضرار بالجملة للمشروبات الغازية تصل إلى "الوفاة المبكرة"

اخر الاخبار

تسجيل 487 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد في ليبيا
نقل محولين إلى محطتي الخضراء الجديدة والمصابحة في ترهونة
إطلاق خط بحري جديد بين الموانئ الإيطالية والليبية
مفوضية اللاجئين تتصدق بمواد غذائية على 2500 أسرة ليبية

فن وموسيقى

روجينا تكّشف أنها تحب تقديم شخصيات المرأة القوية فقط
رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع…
ريهام عبد الغفور تكشف أنّ قِلة ظهورها في الدراما…
هيفاء وهبي تُعرب عن استيائها الشديد من الأحداث المؤسفة…

أخبار النجوم

نور تؤكّد أن "درب الهوى"سيكون تجربة درامية شديدة الاختلاف
أحمد جمال يعرب عن تفاؤله بالعام الجديد 2021
أروى جودة تؤكّد أن أصداء مشهد "ده هاني" في…
مايا نصري تكشف سبب ابتعادها عن الساحة الغنائية لعدة…

رياضة

قرعة الدوري الليبي تسفر عن قمة بين الأهلي بنغازي…
فريق الأخضر يضم إلى صفوفه االمدافع وجدي سعيد
قبل مواجهة الاتحاد الليبى كورونا تضرب بيراميدز
نادي المدينة يتعاقد مع "سالم عبلو " استعداد ًا…

صحة وتغذية

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها
طبيب يحذر من خطأ "كارثي" يبطل فعالية لقاحات كورونا
الولايات المتحدة الأميركية تستقطب ربع إصابات كورونا في العالم
10 حالات غريبة يكشف عنها الطب خلال 2020

الأخبار الأكثر قراءة