أمستردام ـ نادين موسى
يبدو أن التفكير في أن الأم التي تقضي جميع أوقاتها مع أطفالها، ولا تقضي وقتًا من أجل نفسها يجعلها بائسة غير صحيح، ولكن العكس هو الصواب، وذلك يرجع إلى أن وضع طفلك أولى اهتماماتك يجعلك أكثر سعادة، وفقًا للباحثين.
وجاءت نتائج أبحاثهم تتحدى الخرافة التي تقول إن الآباء الذي ينخرطون مع أبنائهم يجب أن يضحوا برفاهيتهم
الخاصة.
وأعلن علماء النفس أن الألقاب مثل" الآباء الهليكوبتر" ،"الأمهات النمور" أو "الأباطرة الصغار" يمكن أن تقوض الآباء الذين يضعون أبناءهم محور اهتمامهم وحياتهم العائلية.
وأكَّدَ العلماء أنه في الحقيقة من خلال تعظيم سعادة الاطفال حتى لو على حساب انفسهم، فإن ذلك يجعلهم يستمتعون بحياتهم ودورهم كوالدين اكثر.
وأوضحت قائدة الدراسة من جامعة يو في أمستردام كلير أشتون جيمس أن تعبير "مركزية الطفل" كان تعبيرًا مثيرًا للجدل، لانه يعني ضمنًا أن حاجات الوالدين جاءت في المرتبة الأخيرة.
وأوضحت أن المشكلات المفترضة من الاستثمار المبالغ فيه في الاطفال سيبث بشكل جيد على الرغم من عدم وجود ابحاث صارمة.
ولكن نتائج الدراسة تدعم فكرة أن استثمار الموارد المالية والعاطفية في الآخرين يؤدي إلى سعادة أكبر من الاستثمار في النفس.
وأكَّدَت "باختصار، عندما يتعلق الأمر بالرفاهية الأبوية أنت تحصد ما تزرع".
وأجرى الدكتور أشتون جيمس وزملاؤه من جامعة كولومبيا البريطانية، كندا، دراستين مع 322 والد ووالدة ممن لديهم طفل واحد على الأقل، تتراوح أعمارهم بين 18 عامًا أو أصغر يعيشون في المنزل.
وفي الدراسة الأولى طُلب من الآباء استكمال مقياس الوسطية للطفل لقياس نمط الأبوة والأمومة.
وشمل هذا الدرجة التي اتفقوا عليها مع عبارات مثل "أطفالي هم محور حياتي" و " سعادة اطفالي أكثر أهمية بالنسبة إليّ من سعادتي الخاصة".
وقدمت لهم دراسة استقصائية لقياس السعادة ومعنى الحياة، والتجارب التي خاضوها من إنجاب الأطفال، من خلال الاستجابة لعبارات مثل "أطفالي جعلوا حياتي ذات معنى".
ووجد الباحثون أن أكثر الآباء والأمهات الذين جعلوا اطفالهم مركز اهتمامهم كانوا أكثر احتمالا لكتابة تقرير يفيد انهم اكثر سعادة، والشعور بالهدف من الحياة المستمدة من إنجاب الأطفال.
وطُلب من الآباء الذي شاركوا في الدراسة الثانية إعادة رواية أنشطة حياتهم اليومية السابقة، وتقديم تقرير عن شعورهم اثناء كل نشاط.
وخلصت النتائج إلى ان الآباء والأمهات الذين جعلوا اطفالهم مركز اهتمامهم كان لديهم مشاعر ايجابية اكثر ومشاعر سلبية أقل، وعاشوا تجارب حياة لها معنى اكثر من خلال أنشطة رعاية الأطفال.
وأوضحت "وجدنا علاقة إيجابية ذات دلالة بين ان يكون الطفل محور الاهتمام والسعادة الذاتية ومعنى الحياة التي ذكرها المشاركون بأنها ناجمة عن كونهم والدين"، وذلك وفقُا للتقرير الذي نُشر في مجلة العلوم الاجتماعية النفسية والشخصية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن رفاهية اكثر الآباء والأمهات الذي جعلوا اطفالهم محور اهتمامهم لم تتأثر سلبا بقية اليوم.
وأعلن الباحثون أن هذا يعني أن نهج تركيز الآباء والأمهات على الطفل لا يضر برفاهية الوالدين عندما لا يعتني الآباء بأطفالهم.
وأكَّدُوا ان اختبار مشاعر الآباء والأمهات خلال أنشطة أخرى مثل الأعمال المنزلية يعني أنها أخذت في الاعتبار الميل المحتمل للآباء والأمهات لتضخيم تقارير عن المتعة التي عاشوها من كونهم آباء او امهات، باعتبارها وسيلة للتعويض عن التضحيات التي قدموها.
وأوضح الدكتور أشتون جيمس "لقد كانت عواقب أشكال التركيز على الطفل للاباء والامهات من أجل رفاهية الآباء مصدرًا للجدل الساخن في وسائل الإعلام الشعبية، ولكنه غائب إلى حد كبير في الأبحاث".
وأعلن "هذه النتائج تشير إلى أنه كلما زادت الرعاية والاهتمام من الناس للآخرين، زادت السعادة".
وأكَّد "من هذا المنظور، كلما زاد استثمار الآباء في رفاهية أطفالهم، اي جعل اطفالهم محور اهتمامهم، زادت سعادتهم، مما يعني انهم يستفدون من كونهم آباء".