نيويورك ـ سناء المرّ
في أحد الأيام الحارة في شهر تموز/ يوليو الماضي، كنت مستلقية على الشاطئ في جزيرة كوني مع أخي الأصغر عندما لاحظ شامة سوداء على الجزء الخلفي من ذراعي، ونصحني في لهجة قلقة أن أقوم بفحصها عند طبيب للأمراض الجلدية.
واتضح أن الشامة التي على ذراعي لا ضرر منها، ولكن واحدة أخرى على خدي
كانت أحدى خلايا سرطان الجلد، وقد أزلتها بالفعل بعملية جراحية بعد عدة أسابيع، وغادرت عيادة جراحة التجميل بندبة طولها 1,5 بوصة على خدي الأيمن.
فوجئ الأصدقاء والزملاء لرؤية الندبة في وجهي ولمعرفة أنها ناتجة عن سرطان في الجلد فعمري لا يتجاوز 28 عامًا فقط. حتى الأطباء وهيئة التمريض الذين حضروا العملية التي أجريتها قالوا أنني أصغر مريضة بسرطان في الجلد قابلوها حتى الآن.
ولكن عرفت المزيد عن سرطان الجلد، واكتشفت أنه أصبح شائعًا بشكل متزايد، خاصة بين الشابات. وقد وجدت دراسة حديثة أجرتها عيادة " مايو" أن سرطان الجلد، وهو النوع الأكثر خطورة، قد ازداد ثمانية أضعاف بين النساء تحت سن 40 وذلك منذ عام 1970.
ويقول الدكتور جيري بروير، وهو طبيب أمراض جلدية في عيادة "مايو" وأحد معدي الدراسة أن القول "هذا لن يحدث لي، فأنا لازلت شابة " لم يعد صحيحاً.
ويقول الخبراء إن جلسات "التسمير" أو إكساب البشرة اللون البرونزي، هي أحد العوامل الرئيسية وراء الزيادة في إصابة النساء الشابات بأنواع سرطان الجلد الثلاث. فأكثر من 20 مليون شخص يلجئون لهذه الجلسات كل عام، و 70 % من هؤلاء من السيدات ذوى البشرة البيضاء، و هن في خطر متزايد للإصابة بسرطان الجلد، وقد ثبت أن المصابيح التي تستخدم في اكتساب اللون الأسمر يزيد فيها شعاع "يو فى أيه" من 10 إلى 15 مرة عن التعرض لأشعة الشمس الطبيعية، ما يساهم في الإسراع بعملية إتلاف الجلد. ويقول الدكتور بروير أنه بدلاً من الإصابة بسرطان الجلد في المرحلة العمرية ما بين الثلاثينات والأربعينات من العمر، العديد من النساء الشابات يصبحن عرضة للإصابة قبل ذلك ب 5 أو 10 أعوام.
وعلى الرغم أنه لم يسبق لي استخدام جلسات "الاسمرار" من قبل، قال لي طبيب الأمراض الجلدية المعالج أنني ، ولسوء الحظ ، أملك ثلاث من عوامل الخطر: البشرة الفاتحة، والعيون الزرقاء، والنشأة في ولاية تكساس، حيث قضيت أيامًا طويلة في طفولتي وصباي تحت الشمس المحرقة، وأخيراً تاريخ عائلي في الإصابة بسرطان الجلد. فجدتي وعمتي أصيبتا بسرطان الجلد ولكنهما تمكنا من التغلب عليه بينما كان لدى والدتي أيضاً خلايا سرطان جلد نائمة.
وبينما يتم تشخيص أكثر من ثلاثة مليون حالة لخلايا سرطانية نائمة وأخرى "حرشفية" كل عام، ألفين فقط قد يموتون سنويًا بسبب هذه الخلايا. أما سرطان الجلد فهو الأكثر إضراراً، حيث يتسبب في موت حوالي 9,400 حالة سنويًا داخل الولايات المتحدة.
ويقول الدكتور داريل ريجل، أستاذ الأمراض الجلدية بالمركز الطبي التابع لجامعة نيويورك، أنه يصادف كل شهر ما لا يقل عن حالتين لنساء في العشرينات مصابات بسرطان الجلد في سن مبكر، وهو ما يراه ارتفاعًا كبيرًا عما كان عليه الحال قبل 20 عامًا. ويضيف الدكتور ريجل أنه بمجرد وصول الخلية السرطانية لحجم عملة العشرة سنتات نعلم أن المرض قد انتشر وان العلاج لم يعد يجدي نفعاً، ويضيف أيضاً "حينها أعلم أنني أنظر أي حكم بالإعدام مكتوب على ذراعهم، والمؤلم أنهم لا يعرفون ذلك ويشعرون أنهم على خير ما يرام"؟
هذا العام، اقترحت "إدارة مراقبة الغذاء والدواء" لوائح جديدة لجلسات اكتساب اللون البرونزي، أو جلسات "الاسمرار" تقضى بوضع بطاقات تحذيرية بأنه لا ينصح للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عمل هذه الجلسات. وفي نيسان/ أبريل، انضمت ولاية نيو جيرسي لعدد من الولايات الأخرى في إصدار قانون لحظر بيع معدات جلسات الاسمرار لتستخدم للمنزل لمن هم دون سن الـ 17.
حتى الأطفال عرضة للإصابة بسرطان الجلد، فقد وجدت دراسة حديثة في إحدى دوريات طب الأطفال أن عدد الحالات بين الأطفال والمراهقين تتزايد بنحو 2 % سنوياً.
ودراسة حديثة أخرى، نشرت في مجلة الجمعية الطبية الأميركية، وجدت أنه في حين تشخيص أمراض سرطان الجلد يكون أكثر سهولة بين السيدات الشابات إلا أن الشباب من الرجال هم الأكثر عرضة للموت بهذا المرض. ويقول أن هذا التفاوت ناتج عن نزعات سلوكية، فالرجال أقل لجوء لرؤية طبيب أمراض جلدية، وأقل إقبالاً على إجراء فحص للبشرة، هذا علاوة على اختلاف آخر ربما يكون بيولوجياً.
وتضيف، تجربتي مع سرطان الجلد غيرت بكل تأكيد نظرياتي في التعرض للشمس، فأنا لا أريد ندبة أخرى، أو ربما ما هو أسوأ، تشخيص بأنني مريضة بسرطان الجلد. لذلك أحرص الآن على وضع كريم واقي من الشمس على وجهي، كذلك قمت بشراء عدة قمصان ذات أكمام طويلة لأرتديها عند الخروج هذا الصيف. وأقوم بزيارة منتظمة لطبيب الأمراض الجلدية كل ثلاثة أشهر لعمل مسح كامل للجسم. (أنصح من لم يسبق له أن تشخص له هذا المرض بإجراء فحص سنوي).
وتضيف أيضاً، لقد عدت إلى تكساس في نيسان/أبريل لحضور حفل زفاف أحد الأصدقاء في منتجع في إحدى الغابات. وبعد شتاء طويل في نيويورك، كنت متحمسة أنا وزوجي للذهاب للسباحة في بركة بالقرب من مقصورتنا في المنتجع في الماضي، كنت قد انتهزت الفرصة لأتمدد على أحد الكراسي الطويلة تحت الشمس، فهي فرصة مثالية لحضور حفل الزفاف ببشرة برونزية لامعة. لكن هذه المرة، اخترت كرسياً تحت مظلة واسعة. فالأمر لم يعد يستحق العناء بعد الآن.
يقول الدكتور بروير أنه حتى بعض الحروق القليلة جراء التعرض للشمس يمكن أن تزيد بشكل كبير من خطر أصابتك بسرطان الجلد. ويضيف "إن تحديد القدر الذي يمكنك الحصول عليه من أشعة الشمس، يشبه إلى حد كبير السؤال عن كمية غاز السيانيد السام الذي تحتاجه في إفطارك، فليس هناك كمية محددة من الصبغة الشمسية التي يمكن أن تكون صحية".