باماكو ـ منى المصري
تحركت دولة مالي نحو توفير رعاية صحية للحوامل والأطفال دون سن الخامسة في خطوة شجاعة وقوية؛ لتحسن نظامها الصحي المتهالك، بعد عقود من المعاناة من أعلى معدلات الإصابة بأمراض الصحة العقلية ووفيات الأطفال في العالم، وتباعا لمجموعة إصلاحات واسعة أعلنها الرئيس، إبراهيم كياتا، سيتم توفير أجهزة منع الحمل عبر البلاد مع نشر عشرات الآلاف من عمال الصحة لدعم الرعاية الصحية بين سكان مالي البالغ عددهم 18 مليون نسمة.
وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أنه وصف خبراء الصحة ووكالات الإغاثة الدولية الإعلان بأنه لحظة عظيمة لبلد تعاني منذ وقت طويل؛ لاحتواء الأمراض التي لا يمكن منع انتشارها مثل الملاريا والإسهال والإلتهاب الرؤوي، حيث يموت طفل من بين 10 قبل إتمام عامه الخامس.
وقال الدكتور أري جوناسون، أستاذ في علوم الصحة العالمية في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، والذي عمل في مالي في الـ10 سنوات الماضية مع جمعيات غير حكومية ومؤسس مشارك في جمعية ماسو "هذه لحظة رائعة لمالي. اتخذت وزارة الصحة خطوة سياسية جرئية وقوية جدا لتحول الأمور إلى حقيقة، وتغير الرعاية الصحية بناء على أدلة".
وتعد نسبة وفيات الأطفال في مالي من بين الأعلى في العالم، إذ تقدر بنحو 106 حالة وفاة لكل 1000 مولود، وفقا للأرقام المتاحة، وفي العام الماضي، وجد جانسون، الكاتب المشارك في الدراسة، أن معدل وفيات الأطفال في مقاطعة باماكو تراجع إلى 95% بعد بدء عمال المجتمع الصحي في توفير الرعاية الصحية من الباب إلى الباب.
وتعهد كياتا بزيادة ميزانية الرعاية الصحية الوطنية للمساعدة في تمويل الإصلاحات، والتي قال إنها ستجعل مالي قائدة في إصلاح قطاع الصحة في القارة الأفريقية، وستعمم التغيرات على الصعيد الوطني بحلول عام 2022، وتتطلب نحو 120 مليون دولار من التمويل الإضافي.
ومن جانبه، قال سامبا أوساني سوو، وزير الصحة المالي، وطبيب سابق عمم العديد من المبادرات الصحية، إن الإصلاحات شكلت منعطفا تاريخيا ومثيرا في تاريخ مالي، مضيفا:" هذه الدولة منذ الاستقلال في عام 1960، كان لها نظام صحي ثابت ورثته من الاستعمار الفرنسي، ورغم إجراء بعض الإصطلاحات المحلية، لم يحدث تغيرا كبيرا حتى هذا اليوم."
وأوضح " كنا بحاجة إلى فعل ذلك منذ وقت طويل، فمالي من بين أعلى ثلاث دول يموت بها الأطفال الرضع، ولديها مؤشرات صحية ضعيفة للغاية، خاصة حين نتحدث عن الفقر الغذائي، وتنظيم الأسرة، والحماية الصحة الجنسية، والرعاية قبل وبعد الولادة. نحاول أن نجعل مالي عظيمة مرة أخرى، ونحسن من نظام الرعاية الصحية وننقذ الأرواح".
وتقول الأم دوسوبا كوني، 30 عاما، من يرماديو، إن مقاطعة باماكو، تراجعت فيها نسبة وفيات الأطفال إلى 95%، في العام الماضي، كما أن الإصلاحات جعلتها تشعر بالسعادة البالغة، مضيفة أنها شكلت علامة على تطوير الدولة لنفسها. وأوضحت:" الجميع الآن لديه الفرصة للحصول على رعاية صحية مجانية وبجودة جيدة."
وقال روبرت ياتيس، مدير مشروع في مركز الأمن الصحي العالمي "بإزالة رسوم الاستخدام لكل من السيدات الحوامل والأطفال دون سن الخامسة في المستوى الأساسي للرعاية الصحية، تنهي الإصلاحات ما يسمى بمبادرة باماكو، والتي يبلغ عمرها 30 عاما، والتي كانت تلزم المرضى بدفع تكاليف الرعاية الصحية، والتي بعد إطلاقها في مالي في عام 1987، تبنت العديد من دول غرب أفريقيا هذه المبادرة."
وأضاف " مهم جدا تخلص مالي من هذه الرسوم في نظام الرعاية الصحية خاصة للحوامل والأطفال، أعتقد أن هذا هو سبب تحمس الشعب بأكمله."
وأوضحت شارلوت ليجوني مديرة مالي في مبادرة كلينتون للرعاية الصحية، أن نجاح العملية على مدى الأربع سنوات المقبلة سيعتمد على مدى قدرة الحكومة على تعميم التغييرات، وأضافت "رأينا عددا من الدول التي أزالت الرسوم، ولكنها شكلت ضغطا على النظام، وبالتالي تحتاج الإصلاحات إلى الدعم الكامل من الرئاسة، والتي بالفعل تحظى بها هذه الحكومة. وزير الصحة متفائل جدا ولديه رؤية، كما أن أنخراطه ورؤيته رائعين، حيث يقولان إنه إذا حصل على المستوى المناسب من الدعم، يمكنه تنفيذ الإصلاحات، لذا الشعب متحمس، ولكن هل الأمر سهل؟.. بالتأكيد لا، فالموقف سيء للغاية وما يمكنه فعله هو تحسينه".
ويأمل ياتيس في أن تحقق خطوات مالي الأولى نحو إزلة الرسوم، حسابا عالميا حول الرعاية الصحية الشاملة، موضحا "هذا وقت جيد للإدراك الجمعي بفشل هذه السياسات، وللأعتراف الجمعي بأننا كنا مخطأين في مساعدة الدول الأخرى التي تأخذ الرسوم من المرضى، على سبيل المثال، الكونغو ونيجيريا، حيث تدفع النساء الحوامل رسوما باهظة للحصول على خدمات. مالي أحد أفقر الدول في العالم، وهذا يوضح أن مبادئ الرعاية الصحية العاليمة يمكن تطبيقها في أماكن مثل مالي كما هي مطبقة في المملكة المتحدة".
قد يهمك أيضا" :