لندن ـ ماريا طبراني
تعدّ الملابس والأحذية والحلي المصنوعة من جلود الحيوانات وفرائها أغلى الأنواع، نظرًا لقيمة الخامة وجمال الشكل وقدرتها على الحياة دون تلف يؤثر على جمالها لفترات طويلة، وتختلف الجلود في أنواعها بين جلد الغنم والماعز والثعابين وسمك القرش والتماسيح، إلا أن جلد الغنم والبقر والخنازير يعدون أكثر تلك الجلود شيوعا بين محبي الجلود، وتعتبر أكثر المنتجات استخدامًا للجلود هي الأحزمة والأحذية والقفازات والقبعات والحقائب والسراويل، كما أن سيور الآلات والكرات الخاصة بالألعاب المختلفة مثل كرة التنس وكرة القدم والطائرة واليد يصنعون أيضا من تلك الجلود، وقديما في عصور منسية تقريبا، استخدم الصيادون من أتباع الديانة الشامانية الجلود في كل ملابسهم وأدواتهم تقريبا لاعتماد بشر العصر الحجري القديم على صيد الحيوان، للحصول على الغذاء وإشعال النار بدهنه والتزيين بجلوده، كما استخدموا تلكم الجلود لحفظ الطعام واللحوم من العفن، ويرجح المؤرخون أن تلك الفترة كانت فاتحة استخدام البشر للجلود في حاجتهم المعيشية وهو الأمر الذي استمر حتى اليوم وانتقل من مجال الضروريات لمجال الكماليات من زينة وترف.
انتشار استخدام ريش الطيور هذا الموسم:
وكانت السجادة الحمراء منصة للاحتجاجات هذا العام، حيث اختار العديد من الأشخاص ذو التأثير والنفوذ التعبير عن سياستهم من خلال الملابس الموجودة داخل خزانة ملابسهم، ولكن بسبب الموضة تراجع بعض المشاهير على المستوى الأخلاقي، انزلق بعض الضيوف المثيرين للجدل تحت رادار المراقبة، حيث استخدام ريش الحيوانات في ملابسهم.
وشهدت العديد من المهرجانات هذا العام مثل مهرجان كان السينمائي والميت غالا، وغيرها انتشار فساتين النجمات التي تحتوي على الريش، فقد رأينا النجمة الأميركية أنجلينا جولي، وكذلك كاتي بيري، ولكن كل منهما ارتدت الريش بطريقة مختلفة. ووجدنا انتشار موضة الريش في كل مكان، ليس فقط في خزانات النجمات، ولكن أيضًا في الزفاف الملكي الأخير، حيث اعتمدته دوقة كورنوال، وعلى سبيل المزاح، يجد الريش أيضًا في الوسائد والأغطية والألحفة، ولكن هناك اتجاه بعدم الارتياح لدى البعض لانتشار هذه الموضة.
اعتمدته كوكو شانيل وديور:
ولدى صناعة الأزياء تاريخ طويل مع الريش، فقد كان إحدى الزخارف المفضلة لدى كوكو شانسل، والتي كانت تستخدم الكثير منه كزينة في مجموعاتها، بالإضافة إلى دور أزياء أخرى مثل كريستسان ديور، وأيف سان لوران، وكريستوبال بالينسياغا، وكذلك كان الريش مصدرًا مُلهما للراحل ألكسندر ماكوين، واستوحى منه العديد من تصاميمه.
وبالنظر إلى عروض أزياء ربيع/ صيف 2018، الأخيرة، سنجد أن الريش يرفرف على منصات العرض، لدور أزياء مثل سان لوران، وميزون مارغيلا وموسكينو، ولكن انتشار استخدام الواسع لهذا الريش، لم يدق جرس الإذار والوعي العام الخاص بالحيوانات التي يؤخذ منها الريش، وكذلك الفراء والجلود الغريبة الأخرى.
يدرك البعض معاناة الحيوانات:
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن البريطانيين لم يحلموا مطلقًا بارتداء الفرو الحقيقي، لأن معظمهم لديهم فكرة عن معاناة الحيوانات التي يؤخذ منها الفراء الأصلي، وفي هذا السياق، تقول إيفون تايلور، مدير المشاريع في بيتا "ومع ذلك، ما يزال العديد من المتسوقين غير مدركين بالوحشية المتأصلة في صناعات الريش، فالعمال في الصين يأخذون الريش من الأوز، ويحدث ذلك بنسبة 80%، يمزقون ريش الأوز وهو يصرخ".
ويحاول النشطاء تسليط الضوء على التأثير السلبي لاستخدام الريش منذ مئات السنين، إذ في عام 1890، في بوسطن، حاول خارييت لورنس، ومانيا هول، إقناع أصدقائهم الأغنياء بالتوقف عن شراء القبعات المصنوعة من الريش الحقيق.
استخدام ريش وجلود الحيوانات غير أخلاقي:
ويوجد سؤال واضح هنا، هل استخدام الريش يعد أمرًا أخلاقيًا؟، من الواضح أنه الإجابة لا، نظرًا للألم الذي يسببه للحيوانات، وتقول تايلور " إذا حصلت على الريش من خلال تساقط الريش بشكل طبيعي من الحيوانات، فإن الأمر لا يعد جريمة، ولكن كمية الريش التي يزود بها المصممين غير معقولة وتفوق حجم التساقط الطبيعي للريش". ويحظر قانون الحياة الرية والريف لعام 1981، الحصول على ريش أو جلد الحيوانات من مصادر غير أخلاقية، في حين أن اتفاقية التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض من النباتات والحيوانات البرية تجبر الموقعين على التأكد من أن تجارة الحيوانات البرية لا تهدد بقاءها.
وتؤكد بيتا أنه من الصعب تعقب مصادر الحصول على الريش، فلا توجد طريقة آمنة لضمان عدم تعرض البط والأوز والدجاج والنعام، ونتف ريشه، ولكن بعض تجار التجزئة يزعمون أنهم يستطيعون، بما في ذلك متجر جون لويس البريطاني، الذي يبيع عددًا من منتجات الريش، بما في ذلك المعاطف والألحفة، حيث يقول إن سياسته تجاه الطيور والرفق بالحيوان والمصادر الأخلاقية تعتمد على كل مرحلة من خط إنتاج العلامة التجارية، والتي تستخدم الريش فقط حين يكون منتجًا ثانويًا في السلسلة الغذائة، وحددت الشركة هدفًا وهو وفاء موردي الريش بالمعاير التي تحظر إزالة الريش القسري من الطيور، وضمان أن هذا الريش منتج ثانوي وليس من الحيوانات السليمة.
بدائل جديدة للريش:
ويتجه البعض لصناعة الريش من بدائل نبايتة، بدلًا من الحيوانات، كما تفعل دار أزياء ستيلا مكارتني، مع الجلود، وبنفس الطريقة التي استيقظ بها العالم للحفاظ على أخلاقية صناعة الأزياء، يحتاج تجار التجزئ إلى توفير الشفاقية لسلسلة الإنتاج، وكسب الثقة بسياسات محددة تُعلم المتسوقين بشراء الملابس ذات الريش ولكن بعد الحصول على هذا الريش من مصادر مسؤولة، أما بالنسبة لناشطين مثل تايلور، فإن هذا النهج لن يكون كافيًا أبدًا، حيث جميع الريش مسروق، بغض النظر عن كيفية الحصول عليه.