باريس - المغرب اليوم
سيطرت على موضة 2018 روح نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، وليس غريبًا على هذه الموضة أن تُعيد تقديم صيحة الكاروهات، حيث إن جزء كبير مما يقدمه مصممو الأزياء يعتمد على استنساخ الماضي، فهو الإرث المضمون، ربما لا يقدمون أفكاراً جديدة بقدر ما يعتمدون على تصاميم يعشقها زبون الموضة لأنهم ينسجون منها قصصاً وحكايات من الماضي.
منطقة الأمان
ففي حين تظهر الصيحات الحديثة على استحياء، يقدم المصممون صيحات قديمة بأسلوب الـ"vintage" لتمثل منطقة الأمان في صناعة الموضة، وتقول مستشارة الموضة، غدير العجباني، إن الجزء الأكبر ربما 90 في المائة، مما تقدمه منصات عروض الأزياء يتمثل في إعادة تقديم الصيحات القديمة، أما الجديد الخالص فلا يتعد 10 في المائة.
ويلعب كبار مصنِّعي الموضة على وتر الحنين للماضي، وهذا الأمر لا ينتقص من القدرات الإبداعية لمصممي الأزياء، ولكنها فقط أصول اللعبة التي تضمن حماية الصناعة، وفقًا لتقدير العجباني.
وتضيف " الكاروهات صيحة لم تختفِ من الموضة ولكنها فقط شهدت تطورات تُميز كل حقبة، واللافت أنها عادت لموضة الخريف والشتاء بما كانت عليه حرفياً خلال حقبة الثمانينات والتسعينات، حيث ميزتها المربعات كبيرة الحجم المستقاة من الترتان المميز للزي الاسكوتلندي القديم، حتى أنه إذا اقتنت المرأة قطعة كاروهات من خزانة والدتها ستبدو بإطلالة عصرية خالصة".
أول ظهور قبل 3 آلاف سنة
وكان أول ظهور لفكرة النسيج المزيّن بالمربعات في اسكوتلندا، وعُرف منذ 3 آلاف سنة باسم نسيج الترتان، إذ تم العثور عليه مدفونًا مع مومياء مدفونة في رمال الصحراء الغربية الصينية. لم يكن في ذلك الحين يمر بأعمال حياكة، فقد عُرف كقطعة نسيج تشبه العباءة الثقيلة تعتمدها العشائر الاسكوتلندية لدرء البرد القارس للشتاء.
وتغيرت شكل هذه النقوش المربعة بعد ذلك وشهدت بعض التطور على أيدي مصنعي النسيج البريطانيين والأميركيين الذين أعادوا تصنيع أقمشة الترتان بألوان وأشكال مستحدثة للمربعات الهندسية، حتى أخذت هذه الأقمشة شكلاً آخر سُمي بالكاروهات.
موضة ربيع وصيف 2018
بعد اختفاء مؤقت، تسللت نقشة الكاروهات إلى الموضة خلال أسبوع لندن لموضة ربيع وصيف 2018، فهي نقشات مستقاة من الموضة البريطانية بالأساس، وقدمت دار بيربري، مجموعة مزينة بهذه النقشات التاريخية، بعد أن كانت قد توقفت عن تقديمها منذ خمسة عشر عاماً تقريباً رغبة في التجدد.
وظهرت في المحفل ذاته دور أخرى تحتفي بالكاروهات باعتبارها نقشة بريطانية عريقة، ربما كان الهدف من عودتها هو دعم الموضة البريطانية في ظل تخبط سياسي واقتصادي.
ويبدو أن هذه النقشة غازلت زبائن الموضة وأثارت الحنين للماضي وحكاياته، فلم تمر الصيحة مرور الكرام بينما بدأت تشهد رواجاً في موضة الشارع حول العالم، عززه عدد من المصممين خلال أسابيع موضة خريف وشتاء 2018-2019.
وقدَّمت دار فيندي مجموعة من المعاطف والسترات والتنانير بنقشة الكاروهات، كما قدمت حقائب وأحذية بنفس النقشة، وشاركتها نفس الاتجاه دور أزياء أخرى مثل برادا، وغابريلا هيرست، وبالينسياغا، من ثم اتسعت الاختيارات التي سمحت بمزيد من الرواج. أما عروض أسابيع موضة ربيع وصيف 2019 فلم تخل أيضاً من الكاروهات، مما ينذر بتمرير هذه الصيحة لأعوام مقبلة، واللافت أن ما قدم من الكاروهات للربيع القادم استقى روحه من ألوان الزهور، فظهرت مربعات الكاروهات بتدرجات الزهري من خلال مجموعة مايكل كورس، كما تصدرت المربعات كبيرة الحجم بالألوان الزاهية عروض جيريمي سكوت.
أيقونات موضة الشارع
وسيظل الرواج الحقيقي لأي صيحة هو الشارع، مهما تحدثنا عن منصات العروض وإبداعات المصممين، ويبدو أن أيقونات موضة الشارع باركن هذه الصيحة بأساليب إبداعية.
ويقول منسق الموضة مصطفى وحيد، "إن صيحة الكاروهات من المنتظر أن تشهد مزيداً من الرواج، لأنها قدمت اختيارات متعددة، إذ أصبح أمام أي امرأة أن تختار إطلالة تزينها مربعات الكاروهات من الرأس إلى أخمص القدمين، دون خوف، أما اللواتي لا يفضلن المخاطرة فأمامهن عدة اختيارات أخرى مثل السترات الشتوية الأنيقة أو التنورة القصيرة أو البنطلون بقصة رجالية".
الجديد في موضة 2018
وفي حين يرى مصطفى وحيد أن "الكاروهات عادت بنفس تفاصيل موضة الثمانينات والتسعينات وهو ما يحتم على المرأة إضافة أي لمسة عصرية من خلال حقيبة أو حذاء أو أي قطعة تعكس حداثة العصر وتغيره"، تذهب غدير العجباني برأيها إلى منطقة أخرى تعزز من خلالها استدعاء روح الثمانينات والتسعينات بنفس تفاصيلها، وتقول: :الجديد الذي قدمته الموضة في صيحة الكاروهات لهذا العام هو أنه لا جديد، لذلك، إذا قررت اعتماد إطلالة كاروهات أظن أنني سألجأ لخزانة والدتي وأرتدي القطع كما هي دون الحاجة لإضافة أي تفاصيل، أرى أن إطلالة الماضي في هذا الشأن هي منتهى العصرية".
قواعد تنسيق الموضة عادة ما تفرق بين المرأة السمينة والنحيفة، صحيح أن مربعات الكاروهات كبيرة الحجم هي الأكثر عصرية هذا الشتاء، إلا أن غدير العجباني تنصح بعدم اعتمادها لصاحبات الوزن الزائد، أو على الأقل عدم اعتمادها في المنطقة الأكثر بروزًا، وتقول "صاحبات الأكتاف العريضة لا يناسبهن سترة بمربعات كبيرة، يفضل تنسيقها على المناطق النحيفة".
من ناحيته، يشجع مصطفى وحيد تنسيق الكاروهات من الرأس إلى القدم "فهي تعكس جرأة المرأة"؛ ولكن لهؤلاء اللواتي يفضلن الاختيارات الآمنة فلا مانع من اختيار قطعة واحدة من الكاروهات.