الرياض - المغرب اليوم
أكّد المستشار القانوني بندر بن عبدالله النقيثان أنَّ آلاف السعوديين سيكونون عرضة لعقوبات قانون الضرائب الأميركي الجديد، الذي بدأ تطبيقه مطلع تموز/ يوليو الجاري، مشدّدًا على أهمية عدم تهاون السعوديين المولودين في الولايات المتّحدة مع قانون "فاتكا" (قانون الالتزام الضريبي الخاص للحسابات الأجنبية)، لاسيما بعدما التزمت المملكة رسمياً بالتوقيع على اتفاق ثنائي لتنفيذه، بغية حماية البنوك والمؤسسات المالية السعودية من تبعات عدم الالتزام.
وأوضح النقيثان أنَّ "هذا القانون يهدف إلى ملاحقة حملة الجنسية الأميركية أو حملة حق الإقامة (Green Card) الذين يعيشون خارج الولايات المتّحدة، ولا يدفعون الضرائب، أو الذين لا يقدمون الإقرارات السنوية المطلوبة للإفصاح عن دخلهم وعن حساباتهم المالية، الأمر الذي يعدّ واجبًا على كل أميركي، أو حامل لحق الإقامة، سواء كان يعيش في أميركا أو خارجها".
وأشار إلى أنَّ "هذا القانون سيفرض على جميع البنوك والمؤسسات المالية عامة عبر العالم، وإلزامها بأن تفصح سنوياً للسلطات الضريبية الأميركية (IRS)عن حسابات عملائها الذين يحملون الجنسية الأميركية أو حق الإقامة في أميركا، وكذلك عن عملائها الذين يشتبه بحملهم لأيّ من تلك الوثائق وفق مؤشرات محددة".
وأضاف "في حالة عدم امتثال البنك أو المؤسسة المالية بالإفصاح المطلوب سيواجه عقوبة جسيمة تتمثل في الحجز على 30% من أيّة مدفوعات لذلك البنك أو المؤسسة المالية".
وأشار إلى أنَّ "أهمية هذا القانون بالنسبة إلى أميركا تتمثل في أنه سيساعدها في تحصيل الضرائب المستحقة على الأميركيين في الخارج، والمقدرة بـ100 مليار دولار سنوياً".
وبيّن أنَّ "القانون يلزم البنوك والمؤسسات المالية بالإفصاح عن الحسابات المالية العائدة لأشخاص أميركيين، كما أنه يجب على البنوك أو المؤسسات المالية اعتبار أي حساب لديهم قابل للإبلاغ عنه، عند توفر مؤشرات محددة على أن الحساب لصالح شخص أميركي، ومن أهم هذه المؤشرات أن يكون محل ميلاد صاحب الحساب في أميركا (ما لم يقدم وثيقة تنازله عن الجنسية)، وأن يكون لصاحب الحساب عنوان بريد في أميركا".
وتابع "عقوبة عدم تقديم الإقرار المالي تصل إلى 100 ألف دولار، أو 50% من رصيد الحساب، وكذلك أن يكون لصاحب الحساب رقم هاتف أميركي، وأن يقوم صاحب الحساب بالتحويل دورياً لحساب في أميركا، فضلاً عن أن يقوم صاحب الحساب بالتوكيل رسميًا، والتفويض بالتوقيع، بشأن الحساب لشخص لديه عنوان في أميركا".
وأبرز النقيثان أنَّ "بعض البنوك في سويسرا بدأت ترفض قبول عملاء أميركيين، وتطالب بعضهم الآخر بإغلاق حساباتهم، لما أصبح يشكله هؤلاء العملاء من مخاطر لا تتناسب مع العائد في العلاقة معهم".
ولفت إلى أنَّ "حكومات دول عديدة اعترضت على هذا القانون، لما رأت فيه من خرق لسيادتها، واستجابةً لذلك، قدمت الولايات المتحدة نماذجًا لاتفاقات ثنائية توقعها مع الدول الراغبة في امتثال بنوكها ومؤسساتها المالية لقانون فاتكا، بما يحفظ لها سيادتها، حيث تتيح بعض النماذج تزويد السلطات الضريبية الأميركية (IRS) بالمعلومات المطلوبة عبر الحكومة المحلية لتلك الدول، عوضًا عن أن يكون تواصل البنوك والمؤسسات المالية المحلية مع السلطات الضريبية الأميركية مباشرًا".
وأردف "في ضوء هذه التطورات، بلغ عدد الدول التي وقعت مع الولايات المتحدة اتفاقًا ثنائيًا، أو عبرت عن التزامها رسميًا بتوقيع الاتفاق قبل نهاية العام الجاري، بلغ 99 دولة، كان من بينها الصين، وسويسرا، وجزر الكايمان، وكذلك قطر والكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربيّة السعودية".
وبيّن أنّ "توقيع المملكة أحد تلك النماذج للاتفاقات الثنائية مع الولايات المتحدة الأميركية لتنفيذ قانون فاتكا سيحمي البنوك والمؤسسات المالية السعودية من تبعات عدم الالتزام، ويحفظ للمملكة سيادتها عبر جعل إفصاح البنوك والمؤسسات المالية السعودية إلى جهات حكومية سعودية، وليس إلى السلطات الضريبية الأميركية (IRS) مباشرةً، وامتثالاً لقانون وطني وليس قانونًا أجنبيًا".
واستطرد "بناءً على ذلك، يعدَّ عشرات الآلاف (أو مئات الآلاف) من السعوديين المولودين في أميركا مواطنين أميركيين، بموجب قانون الجنسية الأميركي، وبحسب القوانين الضريبية الأميركية، يجب على كل فرد حامل للجنسية الأميركية بعد بلوغه سن 18 عامًا إرسال إقرار سنوي للسلطات الضريبية الأميركية، يتضمن إفصاحاً عن دخله، وإذا كان مقيماً خارج أميركا يجب عليه أيضاً إرسال تقرير آخر يدعى اختصارًا بـ(FBAR)، يفصح فيه عن جميع الحسابات المالية خارج أميركا التي يملكها، مع توضيح أعلى رصيد وصل له ذلك الحساب خلال العام المالية المفصح عنه".
وعن الحلول للسعوديين المولودين في أميركا، الذين لم يتقدموا بالإقرارات السنوية المطلوبة، سواء للإفصاح عن الدخل أو عن الحسابات المالية، ولم يدفعوا الضرائب، أشار المحامي النقيثان إلى أنّه "يجب أن يكون معلوماً بأن التنازل عن الجنسية الأميركية لن يعفي المتنازل عن الضرائب المستحقة السابقة، ولا يحمي الشخص من ملاحقات السلطات الضريبية الأميركية".
وأوضح أنَّ "هناك خطأ كبيرًا يفعله البعض، وهو التنازل عن الجنسية الأميركية دون إغلاق ملف الضرائب أولاً، حيث أنّ السلطات الأميركية لن تعترض على طلب التنازل عن الجنسية، وستقوم بتنفيذه، ولكن عند انتهاء إجراءات التنازل عن الجنسية الأميركية وصدور وثيقة فقدان الجنسية ستقوم السلطات الأميركية المختصة فوراً بإرسال نسخة من الوثيقة إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، وإلى إدارة خدمات الهجرة والتجنيس (INS)، وإلى السلطات الضريبية الأميركية (IRS)، التي ستقوم بفحص السجل الضريبي للشخص المتنازل عن الجنسية، وعند اكتشاف عدم إيفائه بواجباته الضريبية، في الأعوام التي تسبق تنازله عن الجنسية ستقوم بالعديد من الإجراءات، منها مطالبته بدفع الضريبة، مع الفوائد وغرامات جزائية ضخمة جداً، وستعتبر (IRS) جميع الأصول التي يملكها مباعة بقيمتها السوقية قبل يوم التنازل عن الجنسية، كمنزله وعقاراته وأسهمه، وستفرض ضريبة على جميع الأرباح الرأسمالية التي جناها ذلك الشخص جرّاء تملكه لتلك الأصول".
وأضاف المحامي النقيثان "يجب على طالب التنازل تنظيف سجله الضريبي وإغلاقه أولاً ثم التقدم للتنازل عن الجنسية، قبل استحقاق ضرائب جديدة".
وبشأن ما إذا سيتم منع المتنازل عن الجنسية الأميركية من دخول أميركا مرّة أخرى، أشار إلى أنّه "ورد في بعض وسائل الإعلام بأنه يمنع المتنازل عن الجنسية الأميركية من دخول أميركا، وهذا غير صحيح إطلاقاً، بل ستتم معاملته بناء على جنسيته الجديدة، كأي أجنبي آخر".