الدار البيضاء - ناديا أحمد
صرّح الأمين العام لمؤسسة "منتدى أصيلة" محمد بن عيسى، أمس الجمعة، بأنَّ الطريق للتصدي لأي مشروع يهدف إلى إعادة تقسيم الخريطة الجيوستراتيجية للعالم العربي يتطلب مراجعة الذات والإقدام بجرأة وشجاعة وثقة في النفس على ترسيخ المؤسسات الدستورية وتثبيت دعائم الأمن والاستقرار وتحقيق مستويات مقبولة من التنمية.
وأكد بن عيسى، أثناء مداخلة له حول "مشروع الشرق الأوسط الجديد" في مؤتمر فكر السنوي الـ13 الذي تنظمه مؤسسة الفكر العربي، أنَّه بذلك يمكن أن تفتح الأبواب بصورة فعلية لجملة من الإصلاحات السياسية، التي تضمن الحرية والكرامة للمواطن العربي، وتيسر نشوء بيئة مناسبة للإبداع والنهوض ما يمكن العرب من تحصين أنفسهم وفرض احترامهم، في عالم لا يحترم إلا الأقوياء واسترجاع مكانتهم، واستئناف دورهم الحضاري.
وفي معرض حديثه عن البدائل المتاحة للخروج من وضعية الأزمة، أضاف "إنَّه لا يمكن أن تبنى علاقات التحالف على المدى الطويل إلا على مصالح مشتركة ولهذه الغاية، وكما هو الحال بالنسبة إلى جميع التكتلات الناجحة في العالم، فإن نقطة البدء هي بناء فضاء اقتصادي مشترك، يكون أفقا للتنمية، وضمانة للاستقرار لكل دول المنطقة.
وأوضح بن عيسى أنَّ هذا لا يتطلب توقيع اتفاق شامل بين اقتصاديات غير قابلة للاندماج مرة واحدة، ولكن الانطلاق من تكتلات جزئية، مندمجة اقتصاديًا وثقافيًا، كمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي يمكن اعتباره التجربة التشاركية الوحيدة الناجحة في العالم العربي، ثم بعد ذلك، وبعد انصرام مرحلة انتقالية كافية، ربط هذه المجموعات فيما بينها.
وأشار إلى أنَّه لتحقيق ذلك، لا بد من وجود إرادة سياسية قوبة تعلو فوق الحسابات الذاتية الضيقة، مشدّدًا من جهة أخرى على إصلاح الجامعة العربية، وتحويلها من أداة سياسية غير مجدية في غالب الأحيان إلى آلية تعنى بالتنمية المستدامة بداية بمحو الأمية، ومحاربة الفقر، وتأمين السكن اللائق للرفع من مستوى الموارد البشرية، وتقليل الفوارق الاقتصادية، وتحسين مستوى الخدمات وتشجيع استثمار المال العربي في الدول العربية بغرض محاربة البطالة واستيعاب القدرات الشبابية في المشاريع الاقتصادية والاجتماعية.
وبيّن أنَّه ينبغي على كل دولة أن تؤمن مقومات النجاح الاقتصادي الكامنة في تطوير وسائل النقل، وآليات التحكيم والتأمين، إلى جانب آليات متطورة للوساطة وفض النزاعات، والعمل على ملاءمة المؤسسات والبنيات القطرية حتى تصبح منسجمة ومتكاملة في أدائها.
وأضاف بن عيسى "إنَّ العالم العربي يجابه مخاطر التفكك والشرذمة بصورة فعلية، ولكن ليس بسبب مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، ولكن العرب بحكم الفتنة التي عمت كثيرًا من الدول العربي وقيام منظمات متطرفة، يخصبون الأرضية التي تؤهل هذا المشروع لتحقيق أهدافه والتحكم في اقتصاديات المنطقة واستراتيجياتها، مشيرًا إلى أنَّه لفهم هذه الديناميكية في إطارها الصحيح، والتمكن من التعاطي معها لا بد من التمييز في هذه الحالة بين العوامل الموضوعية التي تسير وفق منطق التاريخ والجغرافية والعلاقات الدولية، وبين العوامل الذاتية التي يجب العمل على مراجعتها وتصحيحها.