الشارقة - سعيد المهيري
افتتح عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، صباح الأحد، في مركز إكسبو الشارقة، أعمال الدورة الرابعة من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي تحت شعار "خطوات محددة.. نتائج أفضل"، وذلك بحضور الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان، ضيف شرف المنتدى.
وأكد القاسمي وجود فارق كبير بين التواصل الحكومي وبرنامج "الخط المباشر" الذي يقدمه تلفزيون الشارقة، وأنَّ التواصل الحكومي يبدأ من السلطة إى عامة الناس أما الخط المباشر والذي يأخذ طريقًا معاكسًا يبدأ من عامة الناس إلى السلطة وهو ما يطلق عليه التواصل العمومي.
وذكر، خلال كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الرابعة من المنتدى: " طلب مني القائمون على هذا المنتدى أنَّ أتحدث عن برنامج التواصل الذي يقدمه تلفزيون الشارقة، والذي عرف بالخط المباشر، لقد قام القائمون على منتدى الاتصال الحكومي بضم برنامج الخط المباشر إلى التواصل الحكومي لما له من نجاحات ونحن هنا نقول شتان بينهما".
وأشار إلى أنَّ التواصل الحكومي به منزلقات كثيرة والتي تحدث مرات بسبب خلط التواصل الانتخابي والتواصل السياسي ومرات بالدعاية للسلطة صاحبة ذلك التواصل أما التواصل العمومي المتمثل في الخط المباشر فهو يهدف الى خدمة العموم ودفع الحوار مع المواطنين والمجتمع المدني، ومرافقة تغير السلوك في الميادين الكبرى للعمل العمومي كالصحة والأمن والطرق، والعمل على دفع السياسة الوطنية وتنميتها بهدف الاستثمار للمواطنين، وإعلام المواطنين ووسائل الإعلام والمجتمع المدني بأعمال المؤسسات الحكومية، والتعريف والإعلام بالخدمات التي تقدمها السلطات العمومية للمواطنين، والإعلام بالقرارات الحكومية من مراسيم وقوانين".
وأضاف: "الجماهير المعنية بالتواصل الحكومي المواطنون والمجتمع المدني ووسائل الإعلام، والتواصل العمومي له منفعة عامة يقوم به مهنيون يعملون في المؤسسات ويساهمون في تحسين أداء الخدمة العمومية، فهو يشكل خدمة عمومية متميزة ويتوجه إلى عموم السكان، والمهمات التي يقوم بها التواصل العمومي؛ تنشيط الحياة الديمقراطية والتعريف بالسياسات العمومية وإشراك المواطنين بالنقاش حولها، والعمل على تطوير سلوك المواطنين وحث السكان على احترام المحيط وتنظيم حملات الوقاية في ميادين الأمن والنظافة والصحة والمساهمة في الحياة الجماعية، وضمان القيام بالتواصل الداخلي من خلال مواكبة سير عمل الإدارات والعمل على إشراك المواطنين في الشعور بالخدمة العمومية، وإعطاء قيمة للمواطنة، ومساندة المبادرات الوطنية من خلال التعريف بالجمعيات وأنشطتها والإعلام بالحياة الثقافية والرياضية، والإعلام عن المرافق العمومية من خلال شرح دور المؤسسات المختلفة".
يشارك في الحدث أكثر من 40 قياديًا إقليميًا وعالميًا من رؤساء الدول والحكومات وخبراء حكوميين وإعلاميين، ويحضره أكثر من 2500 من القيادات المحلية والإقليمية والخبراء وطلبة الاتصال من مختلف الجامعات.
أكد الرئيس اللبناني السابق، العماد ميشال سليمان، أنَّ تحقيق الاتصال الناجح والمفيد بين الحكومة والشعب لا يجد سبيلاً إلا عبر ممارسة مميزة عصرية تعتمد على اللامركزية "المشاركة والاتصال"، مشيرًا إلى أنَّ المركزية في الحكم ترهق الحكومات والقيادات وتبعدهم عن الواقع الذي يعيشه الشعب، وبالتالي عن تكوين رؤية شاملة للأهداف بينما تتيح اللامركزية الاتصال اللصيق بالشعب وحاجاته وآرائه.
وذكر الرئيس السابق، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية، أنه لم يعد هناك دور للوسيط كي يطلع الناس على مجريات الأمور والمستجدات وأصبح الفرد مجبرًا على اتخاذ موقف معين بين طرفي نزاع حتى من دون معرفة أي طرف منهما، وما تنامي نزعة التطرف وإلغاء الآخر وقتله التي قوبلت بالانعزال والتقوقع ورفض الآخر إلا انعكاسًا سيئًا لهذا التدفق من الأنباء والمعلومات والإعلام.
مضيفًا: "تطور المجتمع الناتج عن التقدم العلمي في مجالي تكنولوجيا المعلومات وتقنيات الاتصال أثر بشكل فعال على أسلوب حياة الأفراد وذهنياتهم وتصنيف القيم لديهم؛ فالمجتمع المعاصر هو مجتمع استهلاكي معولم تطورت فيه روح الانتقاد وتنامت كذلك الحاجة لفهم الأمور والمعضلات، كما أنَّ نزعة الانتقاد هذه غالبًا ما تنقلب لروح عدائية تجاه الحكومات والقادة، لم يعد هناك دور للوسيط كي يطلع الناس على مجريات الأمور والمستجدات وأصبح الفرد مجبرًا على اتخاذ موقف معين بين طرفي نزاع حتى من دون معرفة أي طرف منهما، هذا التحول في السلوك العام فرض تغيرًا في طبيعة العلاقات بين الشريكين: الحكومة والجمهور ورسم أسلوبًا مميزًا في ممارسة الحكم يعتمد بشكل أساسي على الاتصال بين الشريكين، تحقيق الاتصال الناجح والمفيد بين الحكومة والشعب لا يجد سبيلاً إلا عبر ممارسة مميزة عصرية تعتمد على اللامركزية المشاركة والاتصال، لكن يقتضي الاحتفاظ بوسائل الاسترجاع /Feedback/ لمعرفة الأحداث التي تجري والمستجدات والقدر المناسب من الصلاحيات لتمكين الحكومة المركزية من القيام بواجب تنفيذ متطلبات العقد الاجتماعي عندما يتجاوز الوضع قدرة الحكومات اللامركزية، هذه اللامركزية تتطلب أيضًا إشراك المختصين والمسؤولين والهيئات الشعبية في صنع القرارات، ومناخ العولمة يسود الكون وينتشر كالنار في الهشيم ليطاول كل نواحي الحياة الاجتماعية الثقافية السياسية والحياتية؛ إذ أدى الى تقارب في مفاهيم كثيرة وإلى تباعد ساحق في أخرى، هذا المناخ ألبس المشاركة لباسًا فضفاضًا يبدأ بإشراك المرؤوسين والموظفين والعمال والفلاحين إلى إشراك المؤسسات إلى جانب بعضها البعض وصولًا إلى إشراك الشعب في اختيار ممثليه وتقرير مصيره وإشراك الهيئات المنبثقة منه في التعبير عن رأيها في إدارة الشأن العام، ولن نغالي إذا قلنا إنَّ هذه المشاركة أصبحت ملزمة أيضًا مع الحكومات الأخرى والمنظمات العالمية لإيجاد حلول للمعضلات الكبرى كالبيئة والفقر والصحة والطاقة والتطرف وغيرها، هذه المشاركة في داخل الكيانات يجب أنَّ تراعي كل مكونات الدولة دون النظر فقط إلى أحجامها العددية أو قدراتها الاقتصادية بل قدراتها الحضارية والثقافية والإنسانية.
وذكر عون: "رغم أنَّ الإعلام ما يزال وسيلة ناجحة في الإقناع فهو يبقى عملاً في اتجاه واحد لاسيما إذا لم تكن الوسائل الإعلامية حرة وموضوعية، أما الاتصال فهو فكرة أغنى وأكثر إنسانية هي التبادل وردة الفعل والمشاركة، وإنَّ كانت أبلغ اشكال الاتصال هي اللغة والكلام الانساني والوجه الذي هو نافذة "الأنا" على الآخرين والايماءات والحركات والمظهر الخارجي والصوت فلم يعد الاتصال يقتصر على الخطابة فقط بل على الوسائل الحديثة وأساليب الحكم العصرية أيضًا، من هنا يشكل انعدام أقنية الاتصال وتهرب الحكام والقادة والحكومات من الدخول في الاتصال مع الجمهور والفئات العاملة ابتعادًا ذهنيًا وماديًا وجسديًا ويخلق حواجز تؤدي إلى البيروقراطية في الإدارة والمؤسسات، الاتصال المرجو المبني على الثقة والفاعلية ينبغي أنَّ يجيب عن حاجات الجمهور ليتلاءم مع مستوى الإدراك والاهتمام لدى الذين يتوجه إليهم ويتميز بالصراحة والدقة والشفافية والموضوعية المفترضة، وينبغي أيضًا أنَّ يكون سهل الاستيعاب مستدامًا شاملاً وفي الوقت المناسب، وإذا كان الاتصال الممنهج يمهد الطريق للامركزية والمشاركة فإنَّ استعمال الأساليب الملاءمة يعبد هذا الطريق إلى أسلوب أفضل للحوكمة والقيادة".
وأكمل الرئيس السابق: "منتداكم الدولي هو الأول من نوعه على مستوى المنطقة والعالم، أنا واثق من أنه سيكون على قدر الهمم والعزائم والتطلعات مساهمًا في تقدم مجتمعاتنا وأمتنا العربية وإعطاء الصورة النقية عن هذه المنطقة وعن الاسلام والمسيحية في وقت تمعن الظلامية والتطرف في تشويه قيمنا وشيمنا".
هذا وأكد رئيس مركز الشارقة الإعلامي، الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، أنَّ المركز أخذ على عاتقه مهمة تطوير وتمكين إدارات الاتصال الحكومي في الإمارة ومساعدة إدارات الاتصال الحكومي في إعادة النظر في دورها الاستراتيجي المهم وقولبته كي يتناسب مع الدورالذي يلعبه الاتصال الحكومي على المستوى العالمي في العصر الراهن.
وذكر الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للدورة الرابعة من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي في الشارقة، أنَّ الاتصال الحكومي أداة استراتيجية ذات أهمية قصوى في تحديد أولويات الحكومات والشعوب وأصبح الاتصال الفعال والمستمر والمؤثرعاملاً رئيسيًّا في تحديد نجاح عمل الحكومات أو فشلها.
وأضاف القاسمي: "الوقت الذي كانت الحكومات تسيطر فيه على نوع ومصادر المعلومات قد ولى، وحلّ مكانه عصر التفاعل والحوار الذي أصبح فيه للمواطنين في كافة أقطار العالم قدرة على التعبير عن رأيهم في الأحداث الداخلية والخارجية لبلدانهم والبلدان الأخرى، اليوم كل واحد منا في هذه القاعة أصبح صحافيًا متجولًا وهناك بعض الحاضرين الكرام الآن ينقلون ما يجري في هذا المنتدى لحظة بلحظة إلى العالم أجمع باستخدام هواتفهم الذكية، هذه السرعة في نقل المعلومات والتأثير على رأي الشعوب يشكل تحديًا لبعض الحكومات لأن الحكومة بصفة عامة أبطأ في الحركة نظرا لطبيعتها الإدارية، إلا أننا في إمارة الشارقة ننظر إلى هذا التحدي كفرصة لتطوير هذا الجانب من العمل الحكومي؛ إذ أصبح الاتصال الحكومي المبني على الشفافية والموضوعية أحد أهم العوامل الرئيسية التي تتسم بها الحوكمة الفعالة بحسب تقارير ودراسات صادرة عن البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، المتابع للأحداث العامة العربية والعالمية سيلاحظ أنَّ هناك صراعًا "معلنًا" للسيطرة على القصة الأساسية للاتصال من أجل التأثير على الرأي العام العالمي أو الإقليمي أو المحلي.
وأكمل: "في المقابل يتضح جليًا الصراع المحتدم لاستخدام الاتصال الحكومي الفعال كنوع من استراتيجيات القوة الناعمة في صراع وتنافس بعض الدول فيما بينها على سبيل المثال الصراع بين الصين والولايات المتحدة الأميركية والصراع بين الأوكرانيين والروس والصراع بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، والمتابع لأحداث باريس بداية هذا العام يلاحظ بوضوح الصراع الواضح بين القصة الحكومية الفرنسية الرسمية وبين قصص ومعلومات عدد من الأطراف الأخرى التي حاولت إظهار رأيًا مختلفًا من خلال منصات التواصل الاجتماعي والمدونات الإلكترونية الشخصية، وفي هذا الصراع الجلي يسعى كل طرف لاستخدام جميع الأدوات الاستراتيجية للاتصال من أجل إعطاء قصته الأولوية في ميدان الرأي العام المحلي والعالمي والذي بدوره سيضغط على الحكومات من أجل إقرار سياسات خارجية أو داخلية مساندة لهذا الرأي أو ذاك، إننا اليوم في زمن حرية نقل المعلومات وإبداء الرأي لذلك فقد أصبحت معرفة المواطنين وقدراتهم الاتصالية لا تقل أهمية عن أقوى العناصر التقليدية التي تقاس بها قوة المجتمعات كالجيش والتعداد السكاني والنشاط الاقتصادي والعلمي، فلا أحد يمكنه إنكار القوة التي تتمتع بها الجيوش في فض النزاعات أو تأجيجها، لكن الحكومات على مستوى العالم أدركت بأنَّ قوة الجيش والأمن قوة صلبة تستطيع حجب القصة وفرض الرأي ووجهات النظر لبعض الوقت، ولكنها لن تستطيع الحد من انتشار القصة المضادة وتقييد الانطباعات والأفكار كل الوقت، إذن ما هو الدور الإيجابي الذي يمكن أنَّ تلعبه إدارات الاتصال الحكومي والإعلام والعلاقات العامة على الصعيدين الداخلي والخارجي، وما هي الخطوات المطلوبة اليوم التي ستكفل لتلك الإدارات تعزيز أدائها وعملها الإستراتيجي؛ لقد بات الاتصال الحكومي أداة استراتيجية ذات أهمية قصوى في تحديد أولويات الحكومات والشعوب وأصبح الاتصال الفعال والمستمر والمؤثر عاملاً رئيسيًّا في تحديد نجاح عمل الحكومات أو فشلها.
وأضاف: "لذا فإننا في مركز الشارقة الإعلامي أخذنا على عاتقنا مهمة تطوير وتمكين إدارات الاتصال الحكومي في الإمارة ومساعدة إدارات الاتصال الحكومي في إعادة النظر في دورها الاستراتيجي المهم وقولبته؛ كي يتناسب مع الدور الذي يلعبه الاتصال الحكومي على المستوى العالمي في عصرنا الراهن، ومن أجل الارتقاء بأداء إدارات الاتصال الحكومي، يتطلب منا اليوم أنَّ نتخذ خطوات محددة يمكن اختصارها في الوعي بالدور الجديد والمهم للاتصال الحكومي الاستراتيجي ونشر هذا الوعي بين موظفي الاتصال الحكومي والمسؤولين بشتى الوسائل، وإجراء تقييم للذات بمهنية وموضوعية لقياس مدى قدرة الإدارة على تطبيق مبادئ الاتصال الحكومي الاستراتيجي في عملها اليومي، وتطبيق خطة تدريب شاملة ومستمرة، والتوظيف الصحيح والمناسب عملاً بمبدأ الموظف المناسب في المكان المناسب، وتماشيًا مع هذه الخطوات الاستراتيجية القائمة على التطوير والتمكين فقد خطا مركز الشارقة الإعلامي خلال العام الماضي خطوات كبرى في هذا المجال؛ إذ أطلقنا مكتبة الاتصال الحكومي الإلكترونية وطورنا جائزة الشارقة للاتصال الحكومي ونظمنا العديد من ورش العمل والتدريب في الاتصال الحكومي وأنجزنا مشروع وحدة الاتصال الحكومي في حكومة الشارقة".
كان رئيس مركز الشارقة الإعلامي، الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، ومدير مركز الشارقة الإعلامي، وأسامة سمرة، استقبلا الأحد، عددًا من كبار الشخصيات السياسية والإعلامية وخبراء قطاع الاتصال الحكومي المشاركين في المنتدى، من بينهم، المستشار الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة "2004- 2005"، الأخضر الإبراهيمي، والنائب الأول لرئيس مجلس الأعيان الأردني ورئيس الوزراء الأسبق، السيد فيصل الفايز، ورئيس وزراء أستراليا السابقة، جوليا جيلارد، ورئيس الوزراء البرتغالي الأسبق ورئيس المفوضية الأوروبية السابق، خوسيه مانويل باروسو، ومساعد وزير الخارجية الأسبق في إدارة الرئيس الأميركي بيل كلينتون، جيمس روبن.
يناقش المنتدى الدولي للاتصال الحكومي في دورته الحالية الإجراءات الفورية والمطلوبة لضمان أفضل النتائج على صعيد العلاقة بين الحكومة والجمهور من خلال آليات الاتصال الحكومي الفعال والواضح المعالم.