مراكش - ثورية إيشرم
يعتبر سوق التُّمور في مدينة مراكش من أهمّ وأكبر الأسواق المشهورة في المملكة المغربيًّة، والذي كان يشهد إقبالًا وازدحامًا شديدين منذ منتصف شهر شعبان حتى آخر أيَّام شهر رمضان المبارك، حيث تشهد حركة البيع والشراء انتعاشًا ملحوظًا، ويزداد إقبال المواطنين على التُّمور بكل أصنافها.
ويعدّ التمر في مدينة مراكش، بغضّ النظر عن فوائده الصحية والغذائية، مادَّة أساسية تكاد لا تخلو منه مائدة في العديد من المناسبات، خصوصًا السعيدة منها، وكان المراكشيون القدامى يعتبرونه من المواد الغذائية الأساسية التي يتم ادخارها في البيت كبقية السلع الأخرى مثل الزيت والسمن والعسل واللحم المقدد والقطاني والقمح وغيرها، ويرجع هذا إلى المكانة التي تحتلها مدينة مراكش في إنتاج هذه المادة كونها مدينة النخيل بامتياز منذ مئات السنين.
وكانت أسواق مراكش الكبرى والصغرى وحتى المحلات التجارية تعرض جميع أنواع التُّمور المختلفة والمتنوعة، وقد ظلت هذه الخاصية تميز المدينة الحمراء منذ قرون ، حيث يشمر الكل باعة وزبائن عن ساعده لاستقبال شهر رمضان، وكان العرض يساوي الطلب أحيانًا أو يفوقه أحيانًا أخرى، إلا أن الفوضى العارمة التي أصبحت تلف سوق التُّمور في مراكش وعشوائية التجار والباعة التي تصل في بعض الأحيان إلى الجشع والطمع الكبير حولت أسواق التُّمور في المدينة والتي كانت تشهد في الماضي إقبالًا كبيرًا وتحقق أرباحًا مهمة ، إلى الركود ، نظرًا لهروب الزبائن إلى وجهات أخرى تجاهلًا وتفاديًا للوقوع في فخّ الطمع الذي أصبحت عليه البضاعة المعروضة في الأسواق، إذ أصبح الباعة يحددون أثمنة للتمور بجميع أنواعها باهظة جدًّا وغير منطقية ما يجعل الساكنة المراكشية تهجر السوق وتبحث عن ضالتها في مكان آخر كشراء التمر من تجار منطقة زاكورة أو منطقة محاميد الغيزلان حيث الجودة والثمن المناسبة ، وهناك من يفضل شراء التمر من أصحاب العربات المجرورة في شوارع المدينة على اقتنائه من سوق الجملة الذي من المفروض أن يعرض للزبائن بضاعة تتناسب مع أذواقهم وترضي جيوبهم.
وحسب استطلاع للرأي قام به "المغرب اليوم" داخل سوق الجملة الذي أصبح يشهد ظاهرة إفراط في العرض وتراجع في الإقبال أكد أحد التجار "أن هذه الظاهرة التي أصبحت مراكش تعاني منها بشكل كبير وليس فقط مراكش بل معظم المدن المغربيّة حيث العرض يفوق الطلب، ترجع إلى غزو الأسواق المغربيّة بعدة أنواع من التُّمور المستوردة التي تدخل المغرب من دول عربية كالجزائر وتونس والإمارات والعراق وبأثمنة رخيصة ، ولقيت إقبالا كبيرًا من طرف الزبون الذي يفضل بضاعة خارجية حتى وإن كانت تنقصها الجودة فهذا لا يهمّ، بل المهم أن تكون مناسبة في الثمن، والتي يصل ثمنها إلى ما بين 50 و 70 درهمًا للعلبة الواحدة ذات الـ 5 كيلوغرامات"، مضيفًا أنه "فيما يصل ثمن التمر المغربيّ في حدود 80 و 90 درهما لنفس العلبة ، وهذا لا يعني أن التاجر المغربيّ جشع كما يصفه البعض، لكن الكل يعرف أن تجارة التُّمور تحتاج إلى مصاريف كثيرة منها النقل والتعليب وغيرها من المصاريف التي تكلف كثيرًا بينما نسبة الأرباح بسيطة جدًّا، ومشيرًا إلى أنه لا أحد يعترف بذلك خاصة الزبون الذي لا يتقبل زيادة حتى لو كانت بنسبة درهم واحد مع العلم أنها ليست زيادة بل هو الثمن المتفق عليه".
فيما أكد أحد الزبائن على أن " ثمن التُّمور في السوق يتجاوز الثمن الموجود خارجه، واستغرب من فوضى الأثمان، وغياب التنظيم والمراقبة التي بات يعيش تحت وطأتها هذا السوق الذي كان المقصد الأول لساكنة مراكش وزوارها ، إذ يعج بالحركة طيلة السنة وليس فقط في شهري شعبان ورمضان"، مؤكدًا أنه لاحظ إقبال مجموعة من دوي الدخل المحدود على تمور العراق بعد أن أصبحت التمور المغربية غالية الثمن، مشيرًا إلى أن الزبون المحدود الإمكانيات ينجذب أكثر للأثمنة المنخفضة، ولا يلقي بالًا للمشاكل الصحية والتخوفات التي تظهر على وجوه البعض من تمور العراق خاصة بعد الحرب العدوانية عليها وأثر الأسلحة والقنابل العنقودية التي كانت تغطي سماء العراق، وانعكاس ذلك على البيئة والتربة وخيراتها".
من ناحية أخرى أكد مصدر مطلع لـ"المغرب اليوم" أن أسواق مراكش للتمور شهدت حملة مراقبة مشددة من لجنة المراقبة الصحية في المدينة ، تمكنت خلال الأسبوع الأخير من شهر شعبان من حجز حوالي 15 طنًّا من التُّمور الفاسدة، داخل شاحنة كانت قادمة من إحدى المدن المغربيّة، في السوق المركزي للتمور، إذ كانت موجهة للبيع، تزامنًا مع اقتراب حلول شهر رمضان الأبرك الذي يشهد إقبالا كبيرًا على التمور.
وأضاف المصدر نفسه أن لجنة المراقبة الصحية، المكونة من المكتب الصحي البلدي والقسم الاقتصادي في ولاية جهة مراكش تانسيفت الحوز والمكتب الوطني للسلامة الصحية والغذائية، قامت بإتلاف الكمية المحجوزة في المطرح العمومي وذلك بإضرام النار فيها كونها لا تصلح للاستعمال الآدمي.