لندن ـ المغرب اليوم
اعترف مسؤول رفيع في نظام الأسد بأن إيران وروسيا والصين يدعمون نظام الرئيس بشار الأسد سياسيا، وعسكريا واقتصاديا، وأن نظام الأسد يقوم بكامل تعاملاته الاقتصادية بالريال الإيراني، والروبل الروسي، واليوان الصيني، وذلك تجنبا للعقوبات الغربية.
وأكد قدري جميل نائب رئيس الوزراء الكلف بالشؤون الاقتصادية
في تصريح لصحيفة «الفايننشل تايمز» البريطانية بأن الحلفاء الثلاثة لنظام الأسد يدعمونه ماليا بما مقداره 500 مليون دولار شهريا من المعاملات المالية تشمل صادرات النفط وخطوط تأمين مفتوحة.
وأكد المسؤول في نظام الأسد أن الدول الحليفة الثلاث ستساعد دمشق في «هجومها المضاد» ضد ما سماه المؤامرة الأجنبية لإغراق الليرة السورية.
وصرح قدري جميل فيما يشبه الزهو والافتخار بأنه «ليس قليلا أن يكون وراءك الروس والصينيون والإيرانيون» وأن «البلدان الثلاثة تدعم نظام الأسد سياسيا، وعسكريا، واقتصاديا».
وأكد المسؤول أن لنظام الأسد خطا ائتمانيا غير محدود مع طهران لاستيراد النفط والغذاء، وأن نظام الأسد قام بتصحيح أخطاء ما قبل الأزمة عندما كان يتعامل بالعملات الغربية وخاصة الدولار واليورو، وأنه قام باستبدالها بالعملات الإيرانية والروسية والصينية.
واعترف قدري جميل، الذي درس في موسكو، بمدى الدعم الكبير والعلاقة الوثيقة بين موسكو ودمشق، واعترف بأن السفن التي تحمل الصادرات إلى سوريا تحمل أعلاما روسية وأنها ترسو وتفرغ بضاعتها في الموانئ التي يسيطر عليها النظام السوري، عير أنه بحسب «الفايننشل تايمز» رفض إعطاء مزيد من التفصيل في هذا الشأن «لأننا ننتظر أن يقوم بعضهم بمهاجمتها»، مثلما صرح.
واعترف المسؤول بأن صادرات نظام الأسد من النفط تكلف لوحدها نصف مليار دولار شهريا، وأن النظام تأثر بسيطرة الثوار على الحقول النفطية في سوريا. ووصف الوضع الاقتصادي بـ«المعقد والصعب جدا». لكنه أشار إلا أنه لم «يصل بعد إلى نقطة اللارجعة».
وفي تعليق له لـ«الشرق الأوسط» أكد ديفيد باتر، الخبير في الشؤون السورية، والباحث في المعهد الملكي للشؤون الخارجية في لندن (تشاتهم هاوس) أن «الاقتصاد السوري تأثر بشكل كبير بفعل الحرب، وأن نظام الأسد ومن دون الدعم الخارجي لما استمر في الصمود طول هذه الفترة، وأن الدعم الإيراني هو الأكبر من مختلف الجوانب العسكرية والاقتصادية، وأنه من المعروف أن روسيا هي التي تقوم بطبع العملة السورية».
يأتي هذا فيما يشغل سكان سوريا كيف سيمضون شهر رمضان المبارك الذي بات على الأبواب، بينما تتراجع قيمة الليرة السورية، وتواصل الأسعار ارتفاعها، مع شح في توفر المواد الأساسية، وزاد من الهواجس انقطاع الكهرباء في عدة مناطق من البلاد.
وبسبب هذه الانقطاعات يشتكي السكان من تلف المواد الغذائية المخزنة في الثلاجات سواء في المحال التجارية أو في المنازل كاللحوم والخضراوات المسلوقة والبوظة، والخبز، وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وعدم توفر بنزين كاف لتشغيل المولدات، لتضاف هذه الخسائر إلى المعاناة اليومية للسوريين، جراء ارتفاع الأسعار، فبعد أن رفعت الحكومة سعر لتر المازوت من 35 ليرة إلى 60 ليرة، لتأمين 86 مليار ليرة قيمة زيادة الرواتب التي صدر بها مرسوم الأسبوع الجاري حسب ما أفادت به مصادر اقتصادية، وسرت يوم أمس أنباء غير مؤكدة عن نية الحكومة رفع سعر البنزين ليصل إلى 110 ليرات للتر الواحد، وسط شح مواد الوقود والمحروقات عموما، الأمر الذي ساهم في ارتفاع جديد بالأسعار، بات من الصعب على السوريين تحمله، حيث ارتفعت أجور النقل عدة أضعاف، وانعكس ذلك على أسعار كافة السلع التي باتت تكاليف نقلها إلى الأسواق أضعاف قيمتها الحقيقية، كما فشلت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة وتدخل مصرف سوريا المركزي الأسبوع الماضي لضبط سعر الليرة التي عادت إلى الانخفاض مقابل العملات الأخرى، وعاد سعر الدولار ليقفز على حاجز 210 ليرات للبيع و205 للشراء، وعلى الرغم من تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية أكد رئيس الوزراء السوري وائل حلقي يوم أمس أن «الاقتصاد الوطني قوي ومتوازن يكيف نفسه مع تطورات وتعقيدات الأزمة التي دخلت عامها الثالث من خلال جملة قرارات وإجراءات تتخذها الحكومة بشكل يتماشى مع المتغيرات الآنية»، كلام الحلقي جاء أمام مجلس الشعب وبرر فيه تراجع قيمة الليرة السورية بأنها «تستهدف اليوم برمزيتها الوطنية من خلال ضخ مالي وإعلامي غير مسبوق من قبل بعض العواصم العربية» عبر دعوة المواطن والتاجر والصرافين «للتخلي» عن الليرة السورية، وأكد الحلقي أن حكومته اتخذت الكثير من الإجراءات التي أسهمت «بتعزيز ثقة المواطنين بالاقتصاد الوطني وأفشلت جميع المحاولات الرامية لزعزعة ثقة الفعاليات الاقتصادية والتجارية بالإجراءات الاقتصادية الحكومية والواقع الاقتصادي». مشددا أن بلاده «ماضية في محاربة الإرهاب العالمي».
من جانب آخر وفي ظل أزمة متوقعة بشح المواد الأساسية قال مدير عام «المؤسسة العامة الاستهلاكية» هاجم الذيب إن «المؤسسة بموجب مرسوم إحداثها يقع على عاتقها استيراد المواد والسلع الأساسية بغية ضخها في صالاتها لكن هذا الهدف صعب التحقيق حاليا بسبب الحصار الاقتصادي وصعوبة فتح الاعتماد المستندي وإيجاد شركات تتمتع بمصداقية عالية».
وكشف عن قرار الحكومة بتأدية دور التاجر كفيل بمعالجة هذه المسألة، حيث «تتولى المؤسسة العامة للتجارة الخارجية مهمة استيراد السلع الأساسية لكونها مختصة وتمتلك الخبرة الكافية في هذا المجال». وكشف عن المؤسسة بصدد توقيع مذكرة تفاهم مع شركة إيرانية لاستيراد السلع الغذائية من السكر والرز والمعلبات وحليب الأطفال وغيرها بغية الاستفادة من قرض الإيراني الائتماني البالغ مليار ليرة. ويشار إلى أن الجانبين السوري الإيراني كانا وقعا في وقت سابق من الشهر الجاري، محاضر لتعزيز التعاون في مجال المشتقات النفطية والطاقة الكهربائية وتأمين احتياجات سوريا من الأدوية.
ونقلت صحيفة «تشرين» الرسمية، عن الذيب قوله إن: «المؤسسة ستقوم بدور بائع الجملة ضمن خطة الحكومة الحالية بغية تأمين احتياجات سوريا من المستلزمات الأساسية بما يضمن تفعيل شعار التدخل الإيجابي». كما طمأن الذيب السوريين بأن «مادتي السكر والرز المخصصتين لمصلحة القسيمة التموينية تكفيان لنهاية العام الحالي».
مشيرا إلى أن «المؤسسة العامة للتجارة الخارجية بصدد استيراد 140 ألف طن رز و280 ألف طن سكر تغطي احتياجات الربع الأول من العام المقبل بينما تمتلئ مستودعات المؤسسة بالمنتجات المحلية كالبرغل المعتمدة في تأمينها على عقود داخلية من المستوردين والمنتجين».
وأوضح الذيب أن «المؤسسة العامة الاستهلاكية تعمل بـ45% فقط من طاقاتها بسبب الأزمة الراهنة، التي تسببت بإغلاق 585 من أصل 1020 منفذا على مستوى مساحة البلاد، إضافة إلى خسارتها الكثير من بضاعتها بسبب عمليات السطو والاعتداء على منافذ البيع والمستودعات».
كما بين أن «المؤسسة خسرت 55% من إيراداتها لكن على الرغم من ذلك استمرت بدفع نفقات الفروع حتى المغلقة ولا سيما أجور موظفيها مع العمل على تقديم السلع الأساسية بأسعار مقبولة».