الجزائر- سميرة عوام
تحولت المدن الجزائرية خاصة منها الساحلية أخيرا إلي قطب صناعي بامتياز أسس كمركز جذب لليد العاملة البسيطة، بعد التوافد القوي للأفارقة من الجهات الأربع، فضاقت هذه المدن بقاطنيها، وكان من شأن تلك التحولات أن أفرزت ظهورا قويا لكثير من الأنشطة الهامشية ،التي ازداد عدد تجارها، أبرزها الأسواق الشعبية والتي تعتبر القلب النابض بحركية
التجار والباعة المتجولين.
وحسب العارفين بتاريخ هذه الأسواق التي يمتد غالبيتها إلي بداية التسعينات، بعد أن توقفت المؤسسات العمومية، عن النشاط، إذ أعطت إضافة لانتعاش هذه الأسواق التي تحولت إلى دكاكين خاصة ببيع الفخار و النحاس.
وفي سياق متصل، فإن الزائر لهذه الأسواق سيلتمس معاناة العائلات البسيطة والتي تعيش تحت مستوي الفقر، يظهر ذلك جليا من خلال هذه الأسواق الشعبية و التي هي بمثابة مقياس مؤشر المعيشة في الجزائر،فغالبية مرتاديها من الفئة البسيطة، والكل في هذه الأسواق الهشة يتسابقون مع الزمن ويراهنون علي تحقيق هامش ربح قليل.في الوقت الذي تجد فيه الباعة المتجولين يعرضون سراويل وساعات وبراغي، هدفهم المشترك توفير بعض الدنانير التي من شأنها سد رمق الفقراء في مدن لا تقدم نفسها إلا لمن يمتلك المال.
كما يتم عرض الأقمصة الرياضية والساعات والهواتف النقالة، منها المسروقة وكذلك الشيفون الكل في هذه الأسواق يبحث عن طريقة مختلفة في ترويج سلعته قبل أن يبدأ الظلام في اجتياح الولايات الجزائرية، ومن المفارقات العجيبة أن سكان هذه المناطق، يدركون جيدا أن تلك السلع المعروضة في السوق غالبيتها خردوات مسروقة، إلا أن ذلك لا يمنع الزبون من اقتناء بعض الأشياء مثل الأرائك والطاولات والثلاجات، وكلها سلع مناسبة لأصحاب الدخل الضعيف والمحدود، لاسيما الذين همهم الوحيد البحث عن أي قطعة أثاث تملاء فراغات الغرف بتكاليف أقل، ويظهر ذلك جليا من خلال لعبة السين والجيم، إذ يتقن العنانبة جيدا لغة التسويق بالمفهوم العامي وذلك حسب الأمكنة ومفرداتها وطقوسها المميزة أيضًا.
وهذه هي أسواق الجزائر الشعبية، والتي تروج سلعها للفقير قبل الغني لأن هذا الأخير يجد البازرات كملاذ لإشباع حاجياته، لكن أسواق الزوالية هي الوجهة الخطيرة التي تدخل أصحابها إلي أروقة العدالة، لأن الخردوات و الذهب المضروب الذي يجد طريقه إلي بيوت سكان الأحياء الفقيرة وهي في الحقيقة مسروقة من طرف عصابات مجهولة المصدر، الأمر الذي يزيد من نشاط المصالح الأمنية والتي تعمل جاهدة لتكثيف تدخلاتها لاسيما في مداهمتها للنقاط السوداء في المنطقة.