تونس - أسماء خليفة
تعيش تونس منذ الأربعاء الماضي، على الآثار المترتبة على زيادة سعر الأسمنت الرمادي، والجير الاصطناعي، بعد قرار وزارة التجارة بتحرير سعريهما، تنفيذًا لما جاء في قانون المالية الجديد.
وينص هذا القانون، على تحرير سعر مواد البناء، مقابل حجب الدعم عنها إلى النصف، حيث أكَّد وزير المال، إلياس الفخفاخ، أن "الهدف من هذا القرار هو مساعدة خزينة الدولة التي يكلفها دعم شركات الأسمنت سنويًّا 300 ألف دينار،
أي ما يعادل حوالي 170 ألف دولار"، موضحًا أن "رفع الدعم عن تلك الشركات سيتم بشكل تدريجي إذ سيتم تخفيض نسبة الدعم إلى 50 ٪ خلال العام 2014".
ويواجه هذا القرار انتقادات مثيرة من قِبل أصحاب المهنة، كما تنتقده منظمة "الدفاع عن المستهلك"، حيث ذكر رئيس غرفة الباعثين العقاريين، فهمي شعبان، أن "تحرير أسعار الأسمنت والجير، فاجأ الجميع"، معتبرًا أن "تلك الزيادة في غير محلها، نظرًا إلى صعوبة الظرف الاقتصادي التي تمر به تونس"، مشيرًا إلى "الانعكاسات المهمة التي ستؤدي إليها تلك الزيادة على قطاع المقاولات".
وأضاف المتحدث باسم الباعثين العقاريين، أن "الزيادة في أسعار الأسمنت والجير بلغت 8٪ خلال 3 أيام فقط"، متوقعًا أن "تصل تلك الزيادة إلى 30٪، كما توقع شعبان أن تشهد السوق شُحًّا في مادة الأسمنت باعتبار أن مصارف بيع مواد البناء ستكتفي بتزويد صانعيها فقط، وهو ما يؤدي إلى تفاقم ظاهرة الاحتكار والمضاربة في الأسعار".
وأضاف أن "أهل المهنة أبدوا تحفظاتهم منذ بدا الحديث عن تحرير الأسعار، وأكدوا أنه بالإمكان تنفيذ هذا القرار بعد تحسن الظرف الاقتصادية إلا أن وزارة التجارة نفذت مباشرة تحرير الأسعار في مطلع شهر يناير/كانون الثاني الجاري".
من جهة أخرى، أعلنت منظمة "الدفاع عن المستهلك"، رفضها لهذا القرار، واصفة إياه بـ"القرار الكارثي والمتسرع".
واعتبرت المنظمة، أنه "لا يمكن تحرير الأسعار في سوق تشهد بطبعها فوضى، لاسيما على مستوى التوزيع"، محذرة من "التداعيات السلبية لقرار تحرير أسعار تلك المادة على الخدمات المرتبطة بها كالنقل، بالإضافة إلى زيادة نسبة التضخم المتسبب مباشرة في تدهور القدرة الشرائية للمواطن على حد تعبيرها، كما حذّرت من تداعيات تلك الإجراءات على صغار المقاولين".
وبعد تحرير أسعار الأسمنت، أعرب المهنيون، عن "تخوفاتهم من إفلاس بعض المقاولين لعدم قدرتهم على الإيفاء بتعهداتهم إزاء الصفقات التي تم عقدها بالسعر الثابت، علمًا وأن نسبتها تناهز 50٪ من إجمالي الصفقات المبرمة، ويصعب إعادة النظر في تلك الصفقات ذات الأسعار الثابتة.
ويعاني قطاع المقاولات، بحسب هؤلاء، من "نقص في اليد العاملة، يُقدّر بـ100 ألف عامل، بالإضافة إلى تعطّل مشاريع عدة، بسبب المشاكل العقارية، ويضم قطاع المقاولة 3300 مقاولًا من بينهم 550 مقاولات أصحاب رأس مال كبير.
تجدر الإشارة إلى أن قطاع الأسمنت في تونس مكون من 6 مصانع أسمنت رمادي، ومصنع أسمنت أبيض، وتتوزع تلك المصانع جغرافيًّا في أنحاء الجمهورية التونسية، وتم إنشاء أول مصنع للأسمنت في تونس في العام 1936، في العاصمة، ويأتي ثاني تلك المصانع في العام 1953 في محافظة بنزرت، وتم في السبعينات إضافةً إلى مصنعين في محافظتي؛ قابس والكاف (تاجروين)، وكذلك توسعة مصنع بنزرت، وفي الثمانينات أضيف إلى القطاع مصنعي؛ النفيضة، وجبل الوسط للأسمنت الرمادي، مع مصنع للأسمنت الأبيض برأس مال تونسي جزائري في محافظة الڤصرين (فريانة)، وفي نهاية التسعينات بدأت خصخصة شركات القطاع مواكبة لتطورات منظومة الاقتصاد العالمي ليتم في العام 2005 التفويت لحساب شركات عالمية في 4 مصانع أسمنت رمادي، ومصنع أسمنت أبيض.