الدار البيضاء - ناديا أحمد
شهدت العلاقات المغربية الروسية خلال العام 2014، طفرة نوعية على جميع المستويات حيث شهد الجانب الاقتصادي والتجاري والمالي قفزة نوعية تميَّزت بتسجيل ارتفاع كبير في حجم التبادل التجاري بين البلدين.
وتمثل روسيا أحد أهم شركاء المغرب في المجال التجاري، إذ يبلغ حجم المبادلات التجارية بين البلدين مليارين و 700 مليون دولار سنويًا، ما يجعل المغرب الشريك الأول لروسيا في إفريقيا والعالم العربي، حيث شهدت المبادلات التجارية، خلال عام 2014 تطورًا كبيرًا على هذا المستوى.
وشكَّل التوقيع على اتفاق للشراكة الاستراتيجية بين البلدين عام 2002، برئاسة الملك محمد السادس والرئيس فلاديمير بوتين، في مناسبة الزيارة التاريخية للعاهل المغربي إلى موسكو، منعطفا مهمًا في العلاقات الرابطة بين البلدين، ونموذجًا متفردًا في العلاقات المغربية الروسية، إذ مكنت من تعبيد الطريق، عامًا بعد ذلك، أمام تطور واضح للتعاون الاقتصادي والتجاري، مهدت له الاتفاقات المبرمة في مجالات النقل الجوي، والزراعي، والصناعات الغذائية.
وتميَّز العام 2014 في شقه السياسي بتسليم وزير الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار في الثالث من تموز/ يوليو الماضي في موسكو نظيره الروسي سرغي لافروف رسالة من العاهل المغربي إلى الرئيس فلاديمير بوتين، حيث جاءت الرسالة الملكية لتؤكد على نوعية العلاقات المتميزة التي تجمع قائدي البلدين، والتأكيد على رغبة المغرب في الرفع من مستوى العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين وتطوير وتعميق وتوسيع الشراكة الاستراتيجية المتجددة والمعمقة بشكل يأخذ في الاعتبار تطور البلدين والطموحات المشتركة بينهما وكذا التطورات على المستوى والدولي والإقليمي.
كما تم التأكيد خلال زيارة مزوار والمحادثات التي أجراها مع نظيره الروسي سرغي لافروف على الدينامية التي يجب تطويرها لبناء هذه الاستراتيجية.
وفي سياق التقارب الاستراتيجي بين الرباط وموسكو جرى اعتماد سلسلة من المبادرات على صعيد تفعيل مشاركة رجال الأعمال الصناعيين والمصدرين، إذ نظم مجموعة من رجال الأعمال، عام 2014، زيارات عمل إلى روسيا للمشاركة في تظاهرات اقتصادية، عبروا بمناسبتها، إلى جانب نظرائهم الروسيين عن تفاؤلهم بخصوص مستقبل التعاون بين البلدين.
وعلاوة على ذلك، عمل المغرب وروسيا، على الدفع بمسارات التعاون المشترك، ليشمل مجالات جديدة كالطاقة، والغاز، والطاقات المتجددة، والتكنولوجيا، والمسح الفضائي، معبرين بذلك عن عزمهما وإرادتهما المشتركة من أجل النهوض بالشراكة الاقتصادية.
وتميز 2014، بتنظيم أول منتدى اقتصادي مغربي روسي تحث شعار "المغرب، شريك استراتيجي لروسيا"، الذي جاء لمواصلة الحوار الاستراتيجي الذي انطلق بين البلدين، والذي يمثل تتويجًا للرؤية الإستراتيجية والمتبصرة للملك محمد السادس، التي تروم تعزيز آليات التعاون، في إطار مقاربة مندمجة ومتضامنة وشاملة.
وشكّل هذا المنتدى الذي نظم في العاشر من حزيران/ يونيو الماضي في العاصمة الروسية وحضر أعماله أكثر من 120 رجل أعمال مغربي وعدد مماثل من المستثمرين الروس إلى جانب مسؤولين حكوميين من وزراء وكبار المؤسسات العامة والمالية من البلدين، أهم حدث خلال هذا العام، حيث كان أرضية للتبادل وتنمية العلاقات الاقتصادية بين الفاعلين في كلا البلدين، ومثّل كذلك فرصة متميزة للطرفين لتقوية علاقاتهم الاقتصادية والبحث عن سبل شراكات مستقبلية مناسبة.
وخلال هذا المنتدى أكدت رئيس الاتحاد المغربي للمقاولات مريم بن صالح شقرون، أنَّ المغرب وروسيا، تجمعهما علاقات طبيعية متميزة ترتكز على الاحترام المتبادل والانفتاح، حيث كانت الحكمة دائمًا سائدة في تنمية العلاقات التجارية والدبلوماسية على حد سواء.
واعتبرت شقرون، أنه حان الوقت لاختيار القيمة المضافة في العلاقات التجارية المغربية الروسية، موضحة أنَّ الانفتاح على السوق الروسية خصوصًا بعد افتتاح خط الشحن البحري أغادير، سانت بترسبرغ، قبل ثلاثة أعوام، دليل على ألا المسافة ولا اللغة، تعد عائقا لتطوير العلاقات التجارية.
وأشادت بالموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة باعتبارها نقطة وصل أساسية بين أوروبا وأفريقيا، الشيء الذي يجعل من المملكة شريكًا بالنسبة إلى المستثمرين الروس الراغبين في الولوج إلى القارة الإفريقية.
وشارك المغرب، الذي طالما اعتبر البرتقال الذي يصدره سفيرًا للمملكة في روسيا، منذ أن رست أول سفينة عام 1943 على أحد الموانئ الروسية محملة بـ"الكليمانتين" المغربي، خلال عام 2014 وللمرة الأولى في أكبر تظاهرة دولية "المعرض الدولي للمنتجات الغذائية " وارلد فود موسكو " الذي نظم مابين 15 و18 أيلول/ سبتمبر الجاري بمشاركة 69 دولة.