غزة – محمد حبيب
غزة – محمد حبيب
انتعشّت فيّ الآونةِ الأخيرة تجارة الذهب في قطاع غزة بعد انخفاض أسعاره عالمياَ حيث أزدان سوق الذهب التاريخي في غزة بالحُلي الذهبية البراقة التي يتم إعادة تصنيعها في غزة، أو دخولها من الضفة الغربية حيث لا تزال هذه التجارة تشهد رواجاً مع الإقبال اللافت على الزواج، حيث يتنقل الزبائن في زقاق سوق الذهب الضيق بين المحال الصغيرة التي يرجع تأسيسها إلى أكثر من 600 عام، والذي تكسوه قبة حجرية
بأعمدة صخرية ملاصقة لجدران المسجد "العمري" وهو من أقدم مساجد فلسطين.
ويُعرف سوق الذهب في غزة باسم سوق "القيسارية" و هو؛ ممر ضيق مغطى يقع في الحي القديم في مدينة غزة , ويُعد مركزًا لتداول وشراء الذهب، حيث يقع السوق إلى جانب الحافة الجنوبية من الجامع الكبير في غزة ( مسجد العمري ) ،بجانب شارع عمر المختار الرئيسي ويغطى السوق بسقف مقبب وعلى جانبيه محلات الذهب ذات شكل مميز وصغير وهي عبارة عن غرف صغيرة ملفوفة الشكل .
ويقول المؤرخون "إن قاضي غزة الشيخ شمس الدين زنكي الحمصي أمر ببناء سوق الذهب في عام 1476 م، أبان حكم المماليك في فلسطين. وكان السوق جزءًا من السوق الكبير، ولكن تم تدمير معظم المنطقة من قبل الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى".
ويضم السوق بين جنباته دكاكين صغيرة ومتلاصقة تعرض أغلى وأجمل الحلي والقطع الذهبية في سباق للتباهي بها وجذب المارة الذين يبهرهم بريق المعدن الثمين لا محالة, ففي سوق القيسارية الأثري يكتسب الذهب ميزة إضافية بعرضه هناك, في حين يتشبث الصاغة بتواجدهم فيه, داخل دكاكينهم التي تشهد على تاريخ إسلامي أغلى من الذهب, وعلى تطورات مهنية وأحقاب زمنية ضاربة في أعماق التاريخ، وعلى أنفاس أسلافهم و أنفاسهم وهي تمنح الحياة للمكان العتيق لتبدأ معها قصة سوق القيسارية أو ما يعرف شعبياً في مدينة غزة بسوق الذهب.
و يشاهد المارة في محيط الجامع العمري الكبير من الجهة الجنوبية للمسجد قوس كبير ذا طابع معماري مملوكي مميز يشكل المدخل الرئيسي لسوق القيسارية الذي يعود تاريخ إنشائه إلى القرن الـ،13و تعتبر أهم الأسواق الأثرية التي مازالت باقية في غزة .
ومن جانبها تقول رئيسة قسم المواقع الأثرية في وزارة السياحة والآثار في غزة هيام البيطار " إن تسميته بالقيسارية نسبة إلى كلمة قيصر الذي؛ كان في عهده تنشأ الأسواق المغلقة, ولكن هذا ليس الاسم الأول له فكان يسمي "بسوق الشمع و البخور " لأنه كان يشتهر ببيع البخور و العطور , وبعد ذلك تحول إلى تجارة الذهب فأطلق عليه الناس سوق الذهب حتى يومنا هذا .
ويتكون سوق القيسارية من ممر طويل كالقاطرة معقوف طوله ما يقرب من 60 متراً و عرضه لا يتجوز 3 أمتار , يعلوه سقفاً مقبب مدبب يحتوي على فتحات للتهوية و الإنارة, كما يتوزع علي جانبي الشارع حوانيت صغيره "دكاكين صغيرة" يصل عمق الحانوت أو الدكان الواحد ما يقرب من 2.7مترا.
وتضيف البيطار:" انه قديما كان له بوابه تغلق عند غروب الشمس, وكان يوجد عند كل بوابة للقيسارية من الناحية الشرقية والغربية، سلالم صغيرة تؤدي إلى طابق علوي فوقها وقد استمر ذلك الباب حتى بداية الخمسينات من القرن الماضي , وقد دُمرت جميعها بسب عوامل التعرية الطبيعية والتدخلات البشرية في القيسارية إضافة إلى الإهمال قد ساهمت في اندثار الكثير من زخارفها ، ولم يبق لها أثر , فأصبحت البوابة اليوم على شكل عقد مدبب كبير مزين بحجارة رخامية بيضاء وحمراء، وعلى حافة العقد من الخارج يوجد زخرفة حجرية مسننة وبارزة أعطت البوابة شكلها المعماري والزخرفي المميز".