غزة ـ محمد حبيب
تفاقمت حدّة أزمة نقص غاز الطهي في قطاع غزة، وباتت تلقي بظلالها القاتمة على معيشة أهالي القطاع، حيث عاد "بابور الكاز" من جديد إلى بيوت سكان القطاع كبديل، وذلك بالتزامن مع أزمة الكهرباء وتوقّف محطة الكهرباء الأساسية عن العمل، نتيجة نقص الوقود المُشغّل لها، حيث أن التيار الكهربائيّ لا يتم وصله سوى 8 ساعات يوميًا.وعاد كبير من سكان القطاع الذين إلى الوراء أكثر من 60 عامًا، لكي يسدّون رمق أسرهم، عن طريق استخدام "بابور الكاز"، بعد أن ضاقت بهم السُبل، وهو يحاولون جاهدين الحصول على إسطوانة غاز من دون جدوى، حيث يمر قطاع غزة هذه الأيام بأزمة في غاز المنازل، فلا تغطي الكميات التي تدخل إلى غزة من الكيان الإسرائيليّ 25% من إسطوانات الغاز المكدّسة في المحطات، مما يدفع بعض المواطنين إلى استخدام وسائل بدائية كإشعال الأخشاب واستخدام "بوابير الكاز"، ورغم أنّ الدخان الأسود المنبعث من هذا البابور ورائحة اشتعاله التي تخنق من يتواجدون داخل المنزل، إلا أنّ المواطنين لا يجدون حلاً آخر في ظل استمرار الأزمة.فقد أخرجت الحاجة أم خطاب دولة، (80 عامًا)، "بابور الكاز" الخاص بها، رغم مرور سنوات طويلة على تركه مركونًا في منزلها، ونفضت الغبار عنه وحملته ككنز، ثم دفعت بابنها لتصليحه، رغم أنّ قطع الغيار الخاصة به شحيحة ويصعب العثور عليها.وقالت أم خطاب، إنّها لجأت كغيرها من المواطنين إلى طرق بدائية لتوفير الغذاء لها ولأبنائها وأحفادها، حتى تتغلب على أزمة الغاز والحصار الخانق على قطاع غزة، وأنّ إشعالها "بابور الكاز" يوفّر الحاجة جزئيًا، رغم أنّ إشعاله يُرهقها جرّاء قدمه، إلا أنّ ذلك أفضل من الوقوف ساعات من الانتظار على محطات الغاز، من دون معرفة إذا ما كنا سنحصل عليه أم لا، فيما اشتكت من عدم قدرتها على تدبير أمورها في الغاز والكاز وانقطاع الكهرباء، حيث تصف انقطاع تلك المواد الأساسية بـ"الثلاثي المُرهق" للمواطنين في حياتهم اليومية.وأخذ موّزع الغاز إسطوانتين لتعبئتهما للحاجة أم خطاب منذ أسبوعين، لكنه لم يعد حتى الآن بسبب الأزمة، وتتخوّف الحاجة المُسنّة من حدوث أزمة في الكاز الأبيض ،المستخدم في تشغيل البوابير أيضًا، مضيفة أن "ابنها يذهب كل يوم إلى محطة تعبئة الغاز، وينتظر ساعات طويلة من دون فائدة، بسبب وصول كميات قليلة مقارنة بحاجة المواطنين".وجرّاء أزمة نفاد غاز الطهي، اضطر أصحاب عدد من المحلات الغذائية والمطاعم الشعبية، إلى التوقف عن العمل، وتخوف بعضهم من نفاد الكميات القليلة الموجودة لديها، فيما تعمل بعضها على نيران الأخشاب.وأكد رئيس "جمعية شركات الوقود" في قطاع غزة محمود الشوا، أن كميات الغاز المحدودة التي يتم إدخالها إلى القطاع في الأوقات التي يتم فيها فتح معبر كرم أبو سالم تتراوح ما بين 140 إلى 160 طنًا، في حين يحتاج القطاع يوميًا إلى أكثر من 250 طنًا، وأن محطات الغاز في القطاع وعددها 22 فارغة، ولا يوجد فيها حتى غرام من الغاز للمخزون، وهذا هو سبب استمرار الأزمة، لأننا نقوم بإدارة الأزمة عبر الكميات، ولا زلنا نتعامل بهذا الوضع، بدلاً من العمل على إنهائها.وحمّل الشوا هيئة البترول في رام الله المسؤولية عن هذه الأزمة، كونها الجهة المتعاقدة مع شركة "باز" الإسرائيلية لتوريد الغاز للقطاع، مشيرًا إلى أنه ومنذ التعاقد مع هذه الشركة منذ عام، تلقت هيئة البترول في غزة وعودًا بالعمل على توفير الغاز باستمرار للقطاع، وضخ 250 طن يوميًا، ولكن لم يستجدّ شيء على أرض الواقع والعجز والأزمة لاتزال كما هي منذ العام 2007.ويسود شعورٌ لدى المواطنين بأن عودة الأجواء الملوّثة بأدخنة البوابير، التي قد تكون بديلاً موقتًا باتت قريبة، في حال استفحال الأزمة، واستمرار تناقص الكميات من غاز الطهي.