دبي ـ المغرب اليوم
ما أن أعلن خبر فوز امارة دبي بشرف تنظيم معرض "إكسبو الدولي 2020"، حتى انطلقت تصريحات و مواقف اماراتية و عربية ودولية ترحب و تهنئ بهذا الانجاز الكبير، و هو أمر عبّر عنه خبراء وممثلو البعثات الدبلوماسية، الذين حضروا عملية التصويت، والتي تمت على ثلاث جولات
، حسمتها دبي بنسبة ساحقة بلغت 71%، مقابل 29% لمدينة إيكاترينبرغ الروسية، وتصدر ملف دبي قائمة النتائج المعلن عنها، عقب نهاية عملية التصويت التي شاركت فيها 165 دولة.وحسب خبراء اقتصاديين فإنه من المنتظر أن يكون لمعرض "إكسبو الدولي" مردود اقتصادي ضخم، سواء في صورة مباشرة أو غير مباشرة، حيث تشير الدراسات المبدئية إلى أن استضافة المعرض ستكون سبباً في إيجاد نحو 277 ألف فرصة عمل في الدولة، ما بين عامي 2013 و2020.وستكون كل فرصة من تلك الفرص مسؤولة عن تحقيق الاستدامة لحوالي 50 وظيفة في المنطقة المحيطة، والتي تمتد من أفريقيا حتى جنوب آسيا مروراً بالطبع بالعالم العربي.ومن المتوقع أن يجلب هذا الحدث استثمارات جديدة بمليارات الدولارات إلى دبي، لكن إذا لم يتم التعامل بحذر مع الخطط، فقد يتحول الأمر إلى دورة إزدهار يعقبها انهيار، على غرار ما شهدته الإمارة قبل نحو أربعة أعوام، حينما أوشكت على الإفلاس.ويحمل هذا الحدث العالمي مخاطر أيضًا، فزيادة الطلب المتوقعة بسبب المعرض قد تدفع المطورين العقاريين لبناء مشاريع سكنية وتجارية أكثر من اللازم، وتغري المستثمرين بضخ أموال هائلة فيها، وهو ما قد يضخم فقاعة بفعل المضاربات تنفجر في نهاية المطاف.وبرزت مثل تلك الفقاعة في الفترة بين 2008 و2010، حينما تسببت الأزمة المالية العالمية في هبوط أسعار العقارات في دبي، بما يزيد على 50%، وهو ما هز الأسواق المالية في أنحاء العالم.وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة "الاتحاد" العقارية، المدرجة في بورصة دبي، والتي قفز سهمها 142% حتى الآن هذا العام، خالد بن كلبان أن "الإمارة ستشهد طفرة جديدة في السوق العقارية بعدما فازت باستضافة معرض 'إكسبو – 2020".وأعرب عن أمله في أن يكون ذلك الازدهار مُنظمًا، وليس بفعل المضاربات، مثل الذي شهدته الإمارة من قبل.وبفضل وضعها كمركز عالمي لأنشطة الأعمال، إضافة إلى حملة علاقات عامة جيدة، كانت دبي الأوفر حظًا للفوز باستضافة المعرض.ونظرًا لعدد سكان دبي الصغير، فإن تأثير المعرض على اقتصادها يمكن أن يكون أكبر منه على الأماكن الأخرى. واستشهدت الحكومة الإماراتية بتقرير لشركة "أوكسفورد إيكونوميكس" للاستشارات، قدّر أن الحدث يمكن أن يجذب 25 مليون زائر على مدى ستة أشهر، ويخلق نحو 227 ألف فرصة عمل.وأبدى كثير من المطورين العقاريين اهتمامًا بمشاريع في محيط الموقع المزمع للمعرض، على 438 هكتارًا، في جبل علي، قرب مطار دبي الجديد، الذي يعد ثالث أكثر مطارات العالم ازدحامًا.وأوضح المدير الإقليمي للأبحاث لدى ''غونز لانج لاسال'' للاستشارات كريج بلام أن "النمو العقاري في دبي سيكون في هذه المنطقة"، مشيرًأ إلى أنه "هناك حاجة إلى مزيد من الفنادق قرب موقع المعرض".وبيّن المحللان لدى "إتش إس بي سي"، باترك جافني، وأيبك إسلاموف أنه "سيكون هناك حاجة إلى إضافة نحو 45 ألف غرفة فندقية جديدة، بناء على حسابات للحكومة، بأن 70% من الزائرين سيأتون من خارج الإمارات، فضلاً عن الحاجة إلى بناء مركز ضخم للمعارض". وقدّرت "إتش إس بي سي"، استنادًا على تأكيد سلطة النقل في دبي، في حزيران/ يونيو الماضي، أنها ستسرع خطط توسعة تتكلف خمسة مليارات درهم (1.4 مليار دولار) لخط المترو، إذا فازت الإمارة باستضافة المعرض، أن "إجمالي حجم الإنفاق المتعلق بمعرض إكسبو، بما في ذلك مشاريع القطاع الخاص، قد يصل إلى 18.3 مليار دولار"، معتبرة أن "ذلك سيكون ضئيلاً مقارنة بإنفاق الصين على معرض شنغهاي إكسبو – 2010، الذي بلغ نحو 58 مليار دولار".ومن المتوقع أن تقدم حكومة دبي نحو 6.8 مليار دولار من الإنفاق الرأسمالي على المعرض، بينما ستتكلف إدارة المعرض نحو 1.6 مليار دولار، وفقًا لتقرير "بنك أوف أميركا ميريل لينش".ويبدو أن اقتصاد دبي، الذي يبلغ قوامه 90 مليار دولار، يستطيع استيعاب مثل تلك الأرقام، على مدى سبعة أعوام، حتى مع استمرار تعافيه من الأزمة السابقة. ويقدر صندوق النقد الدولي أن ديونًا قدرها 64 مليار دولار على حكومة دبي، وكيانات شبه حكومية، يستحق أجلها خلال الفترة بين 2014 و2016.وربما تكون الفوائد الاقتصادية المباشرة من استضافة المعرض متواضعة، فيما تقدر الحكومة أنه "سيولد إنفاقًا إضافيًا قيمته 23 مليار دولار، من المستضيفين والمشاركين والزوار، في الفترة ما بين 2015 و2012". ويؤدي التحضير لهذا الحدث إلى كثير من الوظائف، التي سيتم توفيرها لعمال بناء من الخارج، يتلقون أجورًا منخفضة نسبيًا، ويحولون معظم ما يكسبونه إلى دولهم.وتوقع "بنك أوف أميركا" أن يسهم معرض "إكسبو" في زيادة الناتج المحلي الإجمالي لدبي بنحو 0.5 نقطة مئوية سنويًا، في الأعوام من 2016 إلى 2019، وبنحو نقطتين مئويتين في الفترة بين 2012 و2020.وليس من المؤكد ما إذا كان دبي "إكسبو" سيدر أرباحًا، بينما يذكر أن معرض شنغهاي حقق أرباحًا تشغيلية تجاوزت مليار يوان (164 مليون دولار)، لكن معرض "إكسبو 2000" في هانوفر في ألمانيا، خسر مليار دولار أو أكثر، بعدما جاء الحضور أقل من التوقعات.ويرى المؤيدين لاستضافة دبي للمعرض أن الفائدة الاقتصادية المباشرة تأتي في المرتبة التالية للفوائد الناجمة عن تحسين سمعة دبي، وتقديمها لملايين الزوار من مختلف أرجاء العالم. وبُني جزء كبير من نجاح الإمارة على خلق وضع مميز لها، عبر التسويق النشط عن مراكز منافسة مثل قطر والبحرين.وأكّد رئيس اللجنة المالية العليا لدبي، ورئيس لجنة معرض "إكسبو" الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم للصحافيين، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أن "الفوائد ستتجاوز تكلفة استضافة المعرض".وقفزت أسعار الشقق السكنية بأكثر من 20%، في الـ12 شهرًا الماضية، وارتفعت سوق الأسهم 79% منذ بداية العام، ما دعا بعض المحللين إلى إبداء قلقهم من أنه في مثل هذا المناخ قد يجلب الفوز باستضافة معرض "إكسبو" أموالاً جديدة، تؤدي إلى نشاط محموم في قطاع العقارات.وأوضح كبير الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط لدى "سيتي غروب" فاروق سوسة أنه ''نعتقد أن سوق العقارات يحركها بشكل متزايد طلب المستثمرين وليس طلب المستهلك"، معتبرًا أن "ذلك يهدد تنفيذ مشاريع كبيرة، عبر تضخيم مشكلة زيادة المعروض الراهنة، وقد يزكي دورة ازدهار عقاري، يعقبها كساد في المستقبل في الإمارة".واحتفل الوفد الإماراتي، ورجال الأعمال، والبعثات الدبلوماسية العربية في باريس، بالإنجاز الكبير، معتبرين ذلك "مكسباً للإمارات وللمنطقة العربية"، ومؤكّدين أن "اختيار ملف الإمارات جاء بعد جهود كبيرة بذلتها الدولة، قيادة وشعباً، بغية ترويج ملفها عالمياً".بدوره، أكّد الخبير الاقتصادي الكندي كلود ستيفن أن "فوز دبي سيوطد علاقتها أكثر مع بقية دول العالم، على أكثر من صعيد، وسيرشحها لتكون أكثر حضوراً في الاقتصاد العالمي، وعلى الخريطة الجيوسياسية، ويفتح لها أفاقًا مستقبلية واسعة".وأضاف "أعتقد أن النتيجة ممتازة جداً، لاسيما في المراحل الأخيرة، إذ كسبت دبي شعبية واسعة من طرف المصوتين، الذين منحوها أصواتاً في الجولتين الثانية والثالثة، ليس لأنها تمنح فرصة للدول المتقدمة من حيث التعاون الاقتصادي والمشروعات الاستثمارية والتقارب الدبلوماسي، بل لأهمية ملف دبي بالنسبة للدول النامية الآسيوية والأفريقية، التي منحتها أصواتها كذلك".وأكّد أن "المستقبل سيكون مشرقاً للإمارات من خلال المعرض العالمي، حيث ستستكمل المشروعات الكبرى وتمنح فرصاً للعمل، والابتكار، والتطور".ويأتي فوز الإمارات باستضافة معرض "إكسبو الدولي 2020"، وشرف تنظيمه في دبي، مطلع العقد المقبل، عقب رحلة تنافسية طويلة، خاضتها أمام ثلاثة عروض للاستضافة في مدن عالمية على قدر كبير من القوة والمكانة الدولية المرموقة، حيث تواصلت المنافسة على مدى عامين كاملين.
واختارت دولة الإمارات شعاراً لملف الاستضافة، الذي تقدمت به للمكتب الدولي للمعارض، استلهمته من واقعها وطموحها للمستقبل، وحرصت فيه على أن يكون منسجماً مع أهداف المعرض، التي تركز على نفع البشرية وتعزيز سبل تقدمها، حيث وقع الاختيار على شعار "تواصل العقول.. وصنع المستقبل"، انطلاقاً من المكانة التي وصلت إليها الإمارات كمنصة حيوية لالتقاء الأفكار والعقول، وحرص الدولة على لعب دور محوري في رسم ملامح المستقبل، في حين تم اختيار ثلاثة مواضيع فرعية، مندرجة تحت الشعار، وهي "الاستدامة" و"التنقل" و"الفرص"، كونهم يمثلون المحركات الأساسية للتنمية في الاقتصاد الحديث.ويقدر عدد زوار المعرض خلال فترة انعقاده بنحو 25 مليون زائر، سيأتي حوالي 70٪ منهم من خارج الدولة.