الجزائر - خالد علواش
استبعد مصدر قضائي جزائري، إمكان تسليم الولايات المتحدة الأميركية لوزير الطاقة السابق شكيب خليل وعائلته إلى القضاء الجزائري، على خلفية إصدار قاضي التحقيق في قضية الفساد الشهيرة "سوناطراك2" مذكرة توقيف دولية، بعد ثبوت توّرط الوزير وزوجته الفلسطينية ونجليه في أكبر قضية نهب في تاريخ الجزائر.
وقال المصدر، في حديث صحافي، الثلاثاء، "إن واشنطن لن تُسلم شكيب خليل،
ولن ترضخ لطلب العدالة الجزائرية، وأن الوزير السابق يحمل الجنسية الأميركية، فهو مواطن أميركي ويحميه قانون هذه الدولة، إلى جانب غياب أي اتفاق قضائي بين البلدين، وأن الركيزة الأساسية التي تستند عليها واشنطن، هي قاعدة حماية مواطنيها في كل مكان وزمان، وبالتالي فإنها لن ترضخ لمطلب القضاء الجزائري، وبالتالي لن تسمح بتسليم شكيب خليل".
واعتبر المصدر القضائي، الظروف المحيطة بالوزير السابق تحميه من التسليم إلى القضاء الجزائري، وأن الدول التي تجمعها مع الجزائر اتفاقات ومواثيق دولية في المجال القضائي، تضع في كل مرة شروط تعجيزية لتسليم المبحوث عنه من طرف العدالة الجزائرية، وتنتهي بعدم تجاوبها مع طالب التسليم.
وأصدر قاضي التحقيق في قضية "سوناطراك 2" في الجزائر، مذكرة توقيف دولية في حق وزير الطاقة السابق شكيب خليل وزوجته ونجليه، وحجز أمواله وممتلكاته وعقاراته، لتهم تكوين شبكة للجريمة المنظمة، وغسيل الأموال، وتلقي عمولات في صفقات متعلقة بالمجمع النفطي "سوناطراك"، امتدت لثماني سنوات من 2003 إلى 2011.
وأكد النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر بلقاسم زغماتي، أن مذكرة التوقيف تشمل 9 متهمين بالتوّرط في قضية الفساد الشهيرة بـ"سوناطراك 2"، وأنها دخلت حيّز التنفيذ منذ أسبوعين، وضمت بالإضافة إلى الوزير السابق شكيب خليل و3 من أفراد عائلته، فريد بجاوي نجل شقيق وزير الخارجية الأسبق محمد بجاوي، و4 أسماء أخرى لم يكشف عن عنها.
وأوضح زغماتي، في تصريح صحافي، أن السلطات القضائية بصدد تكوين ملف لاستلام أي من المتهمين الـ9 حال توقيفهم في أي دولة، وأن قاضي التحقيق أصدر أمرين بالإيداع في حق متهمين يوجدان رهن الحبس الموقت، فيما يوجد متهمان تحت الرقابة القضائية، بالإضافة إلى تسعة أوامر دولية بالقبض"، مضيفًا أن الوزير السابق شكيب خليل، الذي تم تفتيش منزليه في وهران والجزائر لم يكن معنيا بقضية "سوناطراك 1"، وأن الوزير الطاقة والمناجم سابقًا معني بكل التهم المعلنة في قضية "سوناطراك 2"، فيما كشف عن حقائق أخرى تتمثل في إرسال استدعاء إلى شكيب قبل إصدار مذكرة التوقيف الدولية، وتأكد من تسلمه له، لكن خليل أرسل في 13 أيار/مايو الماضي رسالة إلى القاضي، يؤكد له فيها أنه مريض وموجود في أميركا، وأن الطبيب منعه من السفر لمدة شهرين، وأرفق الرسالة بشهادة طبية تُثبت ذلك، وبعد انتهاء فترة الشهرين، كان لزامًا على قاضي التحقيق أن يصدر مذكرة التوقيف الدولية.
وبشأن ما إذا كانت الجنسية الأميركية التي يحوزها شكيب خليل قد تحول من دون تسليمه إلى الجزائر من قبل واشنطن، قال النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر، "بالنسبة للجزائر شكيب خليل جزائري، ومارس مسؤوليات في المؤسسات الجزائرية، وكونه يحمل الجنسية الأميركية أمر لا يعنينا، وأن سماح السلطات الجزائرية له بالخروج من أرض الوطن قبل أشهر لا تنافي القانون، لأنه قبل صدور مذكرة التوقيف الدولية كان حرّا وليس متهمًا، وأن ما دوّن في القضية أن الوزير السابق يمثل أمام قاضي التحقيق كشاهد وليس كمتهم، وقد تمّ تجميد الحسابات البنكية لشكيب وزوجتيه ونجليه المتهمين في القضية ذاتها، وكذلك عقاراته وأمواله المنقولة، التي ثبت صلتها بالقضية في الجزائر، كما سرت الإجراءات نفسها على المتهمين جميعهم البالغ عددهم 22 متهمًا، بينهم متهمون ذوو طبيعة معنوية، وهما شركتي "سايبام" و"أوراسكوم"، وجهت لهم تهم الرشوة وغسيل الأموال وإبرام صفقات مخالفة لقانون الصفقات الجزائري، وتكوين شبكة للجريمة عابرة للحدود".
وفي ردّه عن التهم التي وجهت للعدالة الجزائرية بعد تحركيها للقضية عقب تحريكها من إيطاليا، أكد زغماتي، أن الجزائر كانت سبّاقة في تحريك الدعوى العمومية في 14 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وأن العملية تطلّبت متسعًا من الوقت للوصول إلى تعقيدات الشبكة، التي قادت أكبر عملية نهب في تاريخ الجزائر، وقد شمل قرار الاتهام 10 أشخاص، منهم شخص معنوي واحد هو شركة "سايبام" الإيطالية، قبل أن يتم توسيع التحقيقات، التي توصلت إلى 12 متهمًا آخر، بينهم شخص معنوي آخر هو شركة "أوراسكوم" للصناعة، ليصبح مجموع المتهمين 22 متهمًا، مشيرًا إلى أن التحقيق القضائي لا يزال في بدايته، وهو يسير بصفة طبيعية، ومن دون أي ضغوط، وسيسير بسرعة أكبر بعد التوصل إلى نتائج كل الإنابات القضائية الخارجية.