الرباط - المغرب اليوم
خطا المغرب خطوةً حاسمةً في مسار إكمال بناء منظومة المالية التشاركية بمصادقة البرلمان، عبر غرفته الثانية، الأسبوع الماضي، على قانون للتأمين التكافلي يُتوقع أن يُعطي دفعةً قويةً للبنوك التشاركية التي بدأت عملها سنة 2017.
وقد أثَّر عدم اكتمال هذه المنظومة خلال الفترة الماضية على إقبال المغاربة على منتجات هذه البنوك الجديدة، وبالتالي تواضع حصتها من السوق البنكية التي لم تتجاوز 1 في المائة، حسب آخر أرقام صادرة عن بنك المغرب.
وحين نشر قانون التأمين التكافلي في الجريدة الرسمية ودخوله حيز التنفيذ، سيتم الترخيص لمقاولات جديدة خاصة بالتأمين التكافلي، وسيكون لزامًا على عدد من الزبناء العودة إلى بنوكهم التشاركية لتوقيع عقود التأمين على التمويلات التي تسلموها سابقًا بدون تأمين.
وقال سعيد أمغدير، رئيس الجمعية المغربية لمهنيي المالية التشاركية، إن التأمين التكافلي سيُساهم في "طمأنة الزبناء لاقتناء العقارات والسيارات عبر منتوج المرابحة، وبالإضافة إلى ذلك سيجلب الادخار عبر مقاولات التأمين".
وأضاف، في حديث لهسبريس، أن "البنوك التشاركية أصدرت إلى حد الساعة قروضًا للعقارات والسيارات بدون تأمين بقيمة 6.5 مليارات درهم"، مقابل ذلك تُوجد فئة من الناس فضَّلت انتظار انطلاق المنظومة بكاملها للإقبال على المنتجات لأنها متخوفة في ظل غياب التأمين.
وأوضح المتحدث أن التأمين التكافلي له شقان؛ الأول يهم التأمين على الوفاة والعجز، ويشمل كذلك التأمين عن السكن مثل الحريق والسرقة، "وبالإضافة إلى ذلك سيُوفر الاستثمار والادخار، ولكي يتطور هذا الأمر يلزمنا سوق للرساميل لتوفير أدوات مالية خاصة بالمالية التشاركية".
وفي رأي أمغدير، فإن البنوك التشاركية في حاجة إلى الاستفادة من أسواق رأس المال حتى تزدهر شركات التأمين مستقبلًا، موردا أن المهنيين سيعملون السنة المقبلة على حث الهيئة المغربية لسوق الرساميل على تيسير الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية التي تقوم بها شركات التكافل.
وسيجعل التأمين التكافلي منظومة المالية التشاركية متكاملة، بحيث سيكون البنك مرتاحًا حين يمنح التمويلات للزبناء بتأمين خاص بها، كما أن هذا الأمر سيُساهم في خلق شركات جديدة توفر فرص الشغل لفائدة الشباب.
وأبرز أمغدير، المُراكم لتجربة تفوق 23 سنة في قطاعي البنوك والتأمين، أن "القطب المالي للدار البيضاء أدخل ضمن استراتيجيته جعل المغرب قطبًا للمالية التشاركية في إفريقيا، ولكي ننجح في ذلك يجب أن نتوفر على معدل تأمين أعلى مقارنة مع الدول الأخرى، فحاليًا نسجل 3.7 في المائة، في حين تسجل جنوب إفريقيا نسبة تصل إلى 14 في المائة".
وأكد المتحدث ضرورة رفع نسبة التأمين في المغرب، وقال إن هذا المسعى "يمكن تحقيقه عبر تفسير الأمر للناس لكي يطمئنوا على أموالهم ويفهموا مسار تدبيرها، والتأمين التكافلي سيكون له دور في هذا الصدد".
وأشار أمغدير إلى أن التأمين التكافلي "يُمثل قطب الرحى في المالية التشاركية، كما أن له ميزة خاصة في بلادنا، بحيث قام المجلس العلمي الأعلى لأول مرة في المغرب بخلق نموذج اقتصادي خاص به يتمثل في طريقة التأمين التي تُفرق بين شركة التأمين التكافلي وصندوق التكافل، إذ أعطى لهذه الأخيرة الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المنفصلة".
وأوضح المتحدث أن "شركات التأمين ستُسير صندوق التكافل، وفي حالة كان الاشتراك مثلًا في حدود ألف درهم يتم خصم 20 إلى 30 في المائة، وما تبقى يعود إلى صاحب الاشتراك وهو ملك له، عكس التأمين العادي حيث تذهب النسبة المتبقية إلى المساهمين في الشركة".
ويرى أمغدير أن رأي المجلس العلمي الأعلى في الفصل بين شركة التأمين وصندوق التكافل صائب، وهو ما سيجعل المغرب متوفرًا على نظام جديد يختلف عن التأمين الكلاسيكي وحتى عن التأمين التكافلي المعروف في العالم.
ورغم أن اعتماد قانون للتأمين التكافلي يعتبر خطوة حاسمة قد تأخرت قليلًا، إلا أن أمغدير يرى أن المغرب "أخذ موضوع بناء المنظومة المالية التشاركية بعقلنة، وهو ما سيُتيح بناءً قويًا للمالية التشاركية في المستقبل".
وحول الحصة المتواضعة البنوك التشاركية من السوق البنكية، قال أمغدير إن الرقم يستوجب شرحًا دقيقًا، موردا: "حين ندقق في الحصيلة نجد أن كل 10 زبناء حصلوا على تمويلات بنكية للعقارات يُوجد من ضمنهم زبون واحد يختار بنكًا إسلاميًا، ما يعني أن مساهمة البنوك التشاركية في تمويلات العقارات منذ انطلاقها تمثل 10 في المائة".
اعتبر أن هذا الرقم جيد مقارنة بعمل لم يتجاوز سنة ونصف السنة وبدون تأمين ولا أدوات استثمار لخلق المردودية، مقارنة بالبنوك العادية التي لديها تجارب تفوق عقودًا طويلة، مشيرًا إلى أن التقييم يجب أن يكون بعد سنوات من الانطلاق الكامل للمنظومة.
وقد يهمك أيضاً :
ضريبة مفاجئة على الأرباح الرأسمالية للعقارات البريطانية
إحصائية تُظهر أن العراقيين أكبر مشترٍ للعقارات في تركيا في 2016