الرباط - المغرب اليوم
يسيرُ الدّب الرّوسي بخطواتٍ ثابتة، في مراجعةِ إستراتيجيته الخارجية في تعامُله مع حلفائه الدّوليين من خلال العودة تدريجيًا إلى القارّة الأفريقية من بوابة المغرب، الذي يمثّل شريكًا إستراتيجيًا يُعوّل عليه؛ وقد تركَ من خلالِ مشاركتهِ في القمة الروسية الإفريقية في سوتشي، للجانب الرّوسي، مساحةً أكبر وهامشًا أوْسع للمناورة وإبداءِ حسن النّية عبرَ توقيعِ عدد من الاتفاقيات المشتركة.
واتّفق الجانبان على توسيع قاعدة الشّراكة الاقتصادية من خلال توقيع على عدد من الاتفاقيات، لعلّ أبرزها مساعدة المغرب على بناء مركّب للبتروكيماويات بقيمة تصل إلى نحو ملياري أورو.
وأفادت شركة "ميا إينيرجي" بأن هذا الاتفاق، الذي وقعه مديرها العام يوسف العلوي، ورئيس بنك التنمية الروسي، دانييل ألغوليان، يهمُّ بناء مصفاة باستخدام الخبرة وآخر التكنولوجيات الروسية في مجال تكرير وتخزين المنتجات البترولية.
وسيوفّر الرّوس، في هذا المشروع، الخبرة والتكنولوجيات والمعدات الفعالة لتمكين المملكة من تأكيد ريادتها الطاقية بالقارة الإفريقية وعلى المستوى الدولي. كما أن المصفاة، التي ستنجز في إطار هذا المشروع، ستتوفر في المرحلة الأولى على طاقة للتكرير تصل إلى 100 ألف برميل في اليوم، قبل أن تصل في مرحلة ثانية إلى طاقة تقدر بـ 200 ألف برميل في اليوم.
واعتبر المحلل والباحث في العلاقات الدولية كريم عايش أنّ "روسيا تحاولُ تقريب المغرب من مصدر إضافي للطاقة يمكنها من تجاوز تقلبات السوق والمخاطر المحيطة بتجارة الطاقة في مناطق الإنتاج، كالخليج وليبيا، ولهذا جاءت خطوة بناء مركب البتروكيماويات".
وأشار الباحث نفسه إلى أنّ "المغرب يمثّل بالنسبة لروسيا مدخلًا إستراتيجيا إلى أفريقيا، وبالتّالي فإنّ بناء المركب يمثل خطوة مهمة في إطار انفتاح المملكة اقتصاديا على شركاء جدد قادرين على جلب رؤوس الأموال والخبرات".
وأردف عايش بأنّ "إرساء شراكة مغربية روسية كان أولوية دبلوماسية مغربية لتنويع الشراكات الإستراتيجية"، مضيفًا: "حين لوحظ ثبات العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية في عهد أوباما، تم طرح تساؤلات حول نسق العلاقات المتميزة التي تجمع المغرب بدول ما كان يعرف بالمعسكر الشّرقي".
واستطرد الباحث ذاته، "الشراكة كانت مفيدة للتجارة المغربية، وخاصة صادرات المغرب من الحوامض؛ كما استطاع السوق الروسي أن يرفع حصته من الصادرات عقب العقوبات الفلاحية التي فرضها الاتحاد الأوروبي. غير أن ما يعيب هذه الشراكة هو تقلص الطابع العسكري بها".
قد يهمك ايضا
المغرب يستبق تداعيات بريكست بتوقيع أول اتفاق مع بريطانيا