واشنطن ـ يوسف مكي
فتح 4 دبلوماسيين أميركيين، للمرة الأولى، حسابات في أحد فروع مصرف "الخرطوم" في العاصمة السوادنية، في خطوة "رمزية" ربما تكون بداية تغير محتمل في تعامل واشنطن مع البلاد، التي دخلت مرحلة جديدة بعد سقوط نظام البشير قبل أشهر، حيث فرضت الولايات المتحدة في 1996حظرا اقتصاديا على السودان بسبب سياسات نظام عمر البشير السابق، التي أدخلت البلاد في قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وفي 2017، رفعت واشنطن الحظر الاقتصادي عن السودان، غير أنها أبقت على "حظر التحويلات المالية العالمية"، الذي يقول خبراء أنه من أبرز العقبات التي تحول دون نمو الاقتصاد السوداني.
كما أبقت على اسم السودان في لائحة الدول الراعية للإرهاب، وهو الأمر الذي يحرم السودان من الكثير من الاستثمارات الخارجية.وقالت إيلين ثوربرن مساعدة رئيس بعثة السفارة الأميركية الخرطوم "رفعنا العقوبات الاقتصادية في 2017 ونريد أن نظهر أن السودان منفتح على الأعمال وأن المصارف، المصارف الدولية والشركة مرحب بها مجددا هنا".
وفتحت ثوربرن وثلاثة دبلوماسيين آخرين حسابات في بنك الخرطوم، بحسب "فرانس برس".وتسعى الحكومة الانتقالية التي تولت السلطة في اعقاب الإطاحة بنظام البشير في أبريل الماضي إلى إزالة اسم السودان من الإرهاب وهو امر يتوقع أن ينعكس إيجابيا على القطاع المصرفي.ويرى الأكاديمي والخبير الاقتصادي، عبد الوهاب بوب، أن الاهتمام بالخطوة رغم رمزيتها الشديدة يأتي من حقيقة أن الحظر المصرفي يشكل أكبر عقبة امام الاقتصاد السوداني.ويؤكد بوب في حديث إلى "سكاي نيوز عربية" أن ضعف عائدات التصدير هو أحد أبرز إفرازات الحظر المصرفي الذي كان سببا مباشرا في التشوهات الكبيرة التي شهدها الاقتصاد السوداني خلال الأعوام الماضي، وبرزت ملامحها بشكل صارخ في انتشار الاقتصاد الأسود والاختلالات والممارسات السيئة التي أضرت بمجمل العملية الاقتصادية.ووفقا للخبير الاقتصادي، فإن هنالك حاجة ملحة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتخليصه من التشوهات التي لحقت به مثل الارتفاع الكبير في حجم الديون التي وصلت إلى نحو ١٥ مليارات دولار بعد اندلاع الأزمة المالية العالمية في 2008.
ويشير إلى أن الحظر المصرفي أفرز إشكاليات عديدة، تجسدت في تدهور قيمة الجنيه السوداني التي وصلت إلى الحضيض.ويفسر بوب تدهور قيمة الجنيه إلى ضعف عائد الصادرات، إذ أن معظم قيم الصادر تبقى في الخارج إما لعدم وجود القنوات المصرفية التي تتيح ذلك أو بسبب الخوف من تآكل قيمها نتيجة الارتفاع المستمر في معدلات التضخم.
رغبة في تغيير أميركي
من جانبه، يؤكد الخبير المصرفي السيد عابدين السيد أن الخطوة التي اتخذها الدبلوماسيون الأربعة تحمل في طياتها رسالة مهمة مفادها أن الولايات المتحدة ترغب في التعامل مع السودان بشكل جديد في أعقاب الثورة التي اطاحت بنظام البشير.وعلى الرغم من أن الخطوة لا تعتبر باي حال من الأحوال بداية لرفع الحظر المصرفي، إلا أنها ذات مدلول خاص، فهي لم تأت من أشخاص عاديين، بل قام بها دبلوماسيون يعملون في سفارة واشنطن في الخرطوم.وقال السيد إن الاهتمام بالخطوة يجب أن يتحول إلى واقع عملي، تجري من خلاله عمليات مراجعة شاملة لأوضاع المصارف المحلية بحيث تكون مهيأة ومستعدة للتعامل مع اسواق المال والقطاعات المصرفية الخارجية.وأشار إلى أن فترة الحظر التي بدأت في 1996، أحدثت ضعفا وخللا كبيرا في البنية الفنية والقانونية للمصارف السودانية، مما يتطلب عمل الكثير من أجل الانسجام مع اتفاقيات محاربة غسل الأموال وقانون الامتثال الضريبي الذي سنته الولايات المتحدة.
تداعيات الحظر
وتحدث رجل الأعمال، ناجي شوقي عكاشة، عن التداعيات السلبية التي تركها الحظر على الاقتصاد السوداني، حيث يشير عكاشة إلى خروج الكثير من المنتجين وخصوصا العاملين في مجال الصناعة التحويلية من السوق، تحت ضغط نقص النقد الأجنبي وصعوبة تمويل مدخلات الإنتاج ومشكلات التسويق.ويقول عكاشة، الذي عملت أسرته لنحو من 60 عاما في مجال صناعة الزيوت وعدد من الصناعات التحويلية الأخرى، إلى أنهم اضطروا بعد بدء الحظر لترك مجال الصناعة، بعد أن واجهوا العديد من الصعوبات التي أعاقت الإنتاج وكبدت الشركات خسائر فادحة.
وقد يهمك أيضا" :