الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
حياة غافري تكافح من أجل إحياء الذاكرة بالعادات المراكشية ونقل جمالها ومعانيها للأطفال

الرباط -المغرب اليوم

وهبت حياة غافري، بديناميتها وحيويتها في المجال التطوعي، وقتها وحياتها لإحياء الذاكرة بعاداتها وتقاليدها المراكشية، التي تقاوم عوادي الدهر، لنقل جمالها ومعانيها إلى الأطفال.

لا تكل غافري عن النبش في تراث المدينة الحمراء لتنقله إلى براعم "حومتها" بالداوديات في جو احتفالي يدخل البهجة على الأطفال، ذكورا وإناثا، فتراهم في مشهد استعراضي يقومون بإحياء سوق "دلالة الكتب"، وتحضير "طاجين بهجاوي"، وعجن الخبز، الذي يحملونه بعد ذلك في ألواح على أكتافهم في صف مستقيم إلى فران "الحومة"، والزغاريد تصاحب حركاتهم.

ولدت "سمسمة" بالمدينة العتيقة بمراكش، ودخلت عالم الفن من باب المسرح المدرسي بمدرسة باب الخميس سابقا، وكذا خلال مرحلة الإعدادي والجامعي. كما انخرطت في العمل الجمعوي بداري الشباب مولاي بوعزة وعرصة الحامض، اللتين كانتا مدرسة لتكوين فنانين بصموا مجال الإبداع اليوم.

وقالت حياة غافري، في حديث مع هسبريس، إنها اختارت طريق مسرح الشارع، والانطلاق من حيها السكني لتقريب الفرجة من الأطفال بمشاركة الأمهات والآباء. وأضافت "في الصيف أنظم لهم حصصا ترفيهية تبدأ من قضاء الفترة الصباحية بالمسبح، وفي الفترة المسائية يشاركون في الحومة في أنشطة يطبعها المرح كتكليفهم بأدوار في نصوص حكائية، ومرافقتهم في أدائها قبل عرضها بساحة الحي".

اقرا ايضًا:

الهيئة العامة للترفيه تُعلن عن إقبال نوعي على مسابقات القرآن الكريم و رفع

وضعها الفني وثقافتها المسرحية أهلاها لخدمة القيم بمبادراتها المحمودة، "فبالعودة إلى تراثنا والاعتماد عليه كمرجعية وطنية نفسح المجال للأطفال لتغذية الخيال من خلال استنطاق الحيوان والأشجار والجماد"، تقول غافري، مضيفة أن "الحكاية الشعبية الشفاهية خير وسيلة لصقل خيال الطفل وتهذيب ذوقه".

وتؤكد غافري أن تركيزها في أعمالها الفنية على الحكاية في الوقت الراهن "لم يكن اعتباطيا بقدر ما هو تحسيس بضرورة مقاومة سيطرة التكنولوجيا الحديثة، التي جعلت أبناءنا يعيشون العزلة رفقة اللوحات الالكترونية والحواسيب في غياب تام للتركيز، مما يضعف علاقاتنا الاجتماعية ويعمق الهوة بين أفرد العائلة وبين المجتمع".

ومن جملة الألعاب الشعبية والأنشطة التي كانت تميز المدينة الحمراء، والعادات والتقاليد التي لا تكتب إلا بلغة القلب والمحبة من طرف غافري وتعمل على إحيائها سوق "دلالة الكتب"، الذي كانت تشهده باحة مجاورة لمسجد ابن يوسف، والحكاية الشعبية كـ"مّي الغولة" و"مّي سيسي" و"نور ونوارة".

واختارت أيقونة التربية على المواطنة تقريب حكاية "جرادة مالحة" كقصة شعبية معروفة "تتمحور حول الصراع بين الخير والشر، الخير الذي يتجسد في شخصية "الصالحة"، التي وهبت بستانا مليئا بالخيرات والثمار إلى القبيلة بدون مقابل، والشر الذي يتشخص في المشعوذة "عقيسة"، التي تسعى إلى نشر الحقد والكراهية بين ناس القبيلة".

"ما أروع أن تعلم الأطفال ألعابا لم يعايشوها وكانت لجيلنا مجال إبداع، ككرة القدم التي كنا نصنعها من كيس الحليب، ولعبة "البينو" التي كنا نعتمد في تكوينها على نبات الخبيزة"، تقول هذه السيدة المتميزة بنكران الذات، مشيرة إلى أن الفتيان لا يحركون ساكنا حين تعرض عليهم حكايات زمان التي توسع الخيال.

وأثارت "سمسمة" الانتباه إلى "عدم اهتمام المسؤولين عن التربية والتكوين بأهمية دور الحكاية والحكي في الوسط المدرسي، فما أروع أن تكون بجوار الطفل لتوعيته بحقوقه وواجباته، من خلال حكايات تنمي قدراته الذهنية والإبداعية، وتنبهه إلى الأخطار المحدقة به".

"حياة غافري أو "سمسمة"، وهو الاسم الذي طبع مسارها الفني، هي إحدى الفنانات القليلات إن لم أقل الوحيدة التي اشتغلت في مجال الطفولة، من خلال العديد من الميادين"، يقول المخرج المسرحي حسن هموش عن هذه المنشطة التي جعلت من منزلها فضاء للأطفال. وأضاف أن "أطفال الحي وجدوا فيها سندا لقضاياهم اليومية، فهي الأخت والأم والمربية بالنسبة إليهم، يكفي أن نطلع على ما تنجزه هذه السيدة من أعمال مرتبطة بالثقافة والهوية المغربية، مما جعل أجيالا صاعدة تكون لها القدرة على السفر عبر زمن التهمته الحداثة المتوحشة والفردانية التي طغت على المجتمع".

وفي انتظار إقرار اعتماد الألعاب والحكايات الشعبية كأنشطة تربوية في المؤسسات التعليمية، تزداد حياة غافري عزما على مواصلة مسارها في الأحياء من أجل الأطفال، ومن أجل إعادة الاعتبار للقيم النبيلة وحماية جيل المستقبل من مسخ هويته، وتمكينه من قدرات التفكير والإبداع وحب الخير للغير.

قد يهمك أيضا :  

زاهي حواس يُؤكِّد على أنّ مصر بصدد المطالبة برجوع رأس نفرتيتي من الخارج

مصر تحسم الجدل أخيرًا حول وفاة أشهر ملوكها الفراعنة في عام 2020

View on libyatoday.net

أخبار ذات صلة

"معبد الأقصر" يتزين بلوحة فنية تعود إلى عام 1800…
فنان يحول منازل قرية مصرية مهجورة منذ عشرات السنوات…
بسّام الحجار يجسد منحوتات فخارية وحجرية شخصيات تاريخية عربية
مصري يفوز بجائزة أفضل كتاب في التاريخ الاجتماعي من…
الاحتفاء بعيد الموسيقى العالمي بحفل فني من طراز الزمن…

اخر الاخبار

تسجيل 487 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد في ليبيا
نقل محولين إلى محطتي الخضراء الجديدة والمصابحة في ترهونة
إطلاق خط بحري جديد بين الموانئ الإيطالية والليبية
مفوضية اللاجئين تتصدق بمواد غذائية على 2500 أسرة ليبية

فن وموسيقى

روجينا تكّشف أنها تحب تقديم شخصيات المرأة القوية فقط
رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع…
ريهام عبد الغفور تكشف أنّ قِلة ظهورها في الدراما…
هيفاء وهبي تُعرب عن استيائها الشديد من الأحداث المؤسفة…

أخبار النجوم

نور تؤكّد أن "درب الهوى"سيكون تجربة درامية شديدة الاختلاف
أحمد جمال يعرب عن تفاؤله بالعام الجديد 2021
أروى جودة تؤكّد أن أصداء مشهد "ده هاني" في…
مايا نصري تكشف سبب ابتعادها عن الساحة الغنائية لعدة…

رياضة

قرعة الدوري الليبي تسفر عن قمة بين الأهلي بنغازي…
فريق الأخضر يضم إلى صفوفه االمدافع وجدي سعيد
قبل مواجهة الاتحاد الليبى كورونا تضرب بيراميدز
نادي المدينة يتعاقد مع "سالم عبلو " استعداد ًا…

صحة وتغذية

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها
طبيب يحذر من خطأ "كارثي" يبطل فعالية لقاحات كورونا
الولايات المتحدة الأميركية تستقطب ربع إصابات كورونا في العالم
10 حالات غريبة يكشف عنها الطب خلال 2020

الأخبار الأكثر قراءة